لا نحتاج إلى ذكاء لندرك بأن زمن الاصطفاف مع الحكومة أو ضدها قد انتهى وان جلسة 5 يناير قد حُسمت لصالح الشيخ ناصر، ولكن ليست هذه هي القضية التي تشغل بالي، لكن القضية الأهم هي: هل استوعبت حكومتنا تلك الدروس الكثيرة من اخفاقاتها المتتالية أم ستعود لتكرر نفس الأخطاء؟ وهل استوعبت قوى المعارضة عدم جدوى سيرها في هذا المضمار الذي شق البلد نصفين دون أن يؤدي إلى نتيجة؟!
أولاً: لقد ارتكبت الحكومة خطأين قاتلين خلال شهر من الزمان عندما عاندت المجلس وأصرت على تعطيل ثلاث جلسات متتالية من أجل إجبار النائب المسلم على المثول أمام النيابة في قضية شيك رئيس مجلس الوزراء بينما كانت قادرة على الانتظار إلى عطلة المجلس الصيفية، فقد كان تحديا غبيا أدى إلى نفور الناس منها، أما الخطأ الثاني فهو في الاعتداء على رواد ندوة النائب الحربش وضرب الناس دون مبرر ما تسبب في نفور شديد من تلـــك الحكومة التي لا تعرف متى ترفع عصــــاها ومتى تضـــعها؟
ثانياً: لقد أدى استجواب المسلم لرئيس مجلس الوزراء في الدورة الماضية إلى وقوف عدد من النواب مع المسلم وتعاطفهم معه لأن قضية الشيكات لم تكن بالأمر الطبيعي الذي يمكن قبوله، ومع هذا فإن الغالبية من النواب قد آثرت رفض مبدأ عدم التعاون لأنها وجدت بأن مصلحة البلاد لا تحتمل ذلك التصعيد، لكن تكرار الأخطاء الحكومية قد زاد من رصيد المعارضة وتناميها إلى أن وصلت قريبا من نصف المجلس بالرغم من الضغوط الحكومية والإغراءات، ومن يضمن لنا ألا ترتكب الحكومة حماقة جديدة فيزداد رصيد المؤيدين لطرح الثقة إلى ما يكفي لإسقاط الحكومة؟!
ثالثاً: في تصوري بأن السقطة التي لا تغتفر للحكومة ليست في تلك الأمور - بالرغم من أهميتها - ولكن في تسليط الإعلام الموجه والفاسد ضد أعدائها من النواب، فقد شاهدنا تأسيس صحف وفضائيات لا همّ لها إلا مهاجمة بعض النواب بطريقة بشعة وعنيفة ومنها الكاريكاتيرات الساخرة والشتم والتمثيليات الهزلية، وقد شاهدنا عملا منظما تم تسخير الملايين من الدنانير من أجل إعطائه التأثير الكبير، فهل رأيتم حكومة تفعل مثل ذلك بشعبها من أجل هزيمة بعض معارضيها؟ وإذا كانت الحكومة تغضب للجوء النواب إلى الشارع وترك قبة البرلمان، فهل يعتبر لجوؤها إلى الفضائيات التي تصل إلى جميع بلدان العالم من أجل تأديب بعض شعبها، هل هي ظاهرة صحية؟!
رابعاً: للمرة الأولى في تاريخ الكويت بل وتاريخ البلدان التي تحترم شعبها نرى قنوات متخصصة في شق الوحدة الوطنية وتصنيف شعبها والمطالبة بطرد ثلاثة أرباعهم إلى الخارج، ولست أتهم الحكومة بذلك مباشرة ولكن لا شك أن هنالك أطرافا تستطيع الحكومة منعها من التمادي في غيها وإيقافها عند حدها لو أرادت ذلك.
خامساً: لقد شعرنا حقيقة بجدية الحكومة في النهوض بالبلد لا سيما عندما تحدثت عن الخطة الخمسية وتفاعل الجميع معها، كما ان جميع نواب المجلس قد أيدوا خططها، ثم بدأ الانحراف في تكسير القوانين الرياضية ثم التجاوز عن كثير من مخالفات الكبار، ثم استمرأت الحكومة اللعبة وبدأت بتأديب المعارضة بالطرق التي ذكرناها. وسأتكلم في المقال المقبل عن الدروس المطلوب من المعارضة استيعابها بإذن الله.
د. وائل الحساوي
[email protected]