تركي العازمي / الفساد الوجداني...!

تصغير
تكبير

بعض العبارات يتم تفسيرها على نحو صحيح، والآخر لا تجد له تفسيراً. وفي الغالب يكون السبب في عدم فهم العبارات ناجم عن اختلاف الأيديولوجيات بين عموم البشر «وكل إناء بما فيه ينضح»!

وصلتني رسالة غريبة تطالبني بالحديث عن الفساد الوجداني الذي أصاب البعض ممن افتقد الحس الوطني والإنساني اتجاه بعض القضايا العالقة.

الرسالة كان مضمونها شكوى عن فقدان مقيم لحقوقه إثر توقيعه على مخالصة حرمته من نهاية الخدمة وخلافه من مستحقات كون رب العمل قد نزعت منه الإنسانية وأرغمه على التوقيع!

صاحب الشكوى ظل يشرح لي معاناته ووجدت الكثير من العبارات غير المفهومة ضمن السطور. والسبب يعود إلى أنني لم أتوقع أن يكون هناك إنسان في هذه الوحشية غير الإنسانية، وطبعاً «وزارة الشؤون ـ قطاع العمل» هي الملاذ الحقيقي لصاحب الشكوى بعد الله عز شأنه.

«أعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه»... هذا الحديث الشريف يبدو أنه لم يعبر فكر صاحب تلك الشركة الذي حرم معيل لعائلة مقيمة من أبسط حقوقها. لقد بلغ الأمر مرحلة من الخطورة في دولة تستمد قوتها من قوة القانون وتحتكم إلى العدالة في إيصال الحق لأصحابه.

نتمنى من وزارة الشؤون ـ قطاع العمل أن تبسط رقابتها على كل رب عمل تسول إليه نفسه ويفتقد وجدانه إلى الرحمة التي نكررها مع كل صلاة من الصلوات الخمس.

إنها صفة ربانية واجب علينا تطبيقها. فعندما نفتقد إلى الرحمة سنواجه سخط من المولى عز وجل وقلة بركة في مواردنا. لا يجب أن يُترك العابثون بحقوق الإنسان مستمرين بغطرستهم وظلم العمالة البريئة التي تفتقر إلى أبجديات العدالة الوجدانية التي يحدد ضمير صاحبها سلوكه من خلال تعامله مع الآخرين.

إن العامل الفقير رزقه محتوم، وقد كتبه الله له، وجاء الفساد الوجداني ليحرم الفقير من حقه وتضيع عائلته بسبب نفوذه مع بالغ الأسى.

إنها وربي العظيم لرسالة محزنة قرأتها مراراً حتى تولد اليقين لدي بأن المظلومين كثيرون. ولو عدنا إلى إضرابات العمال وغيرها من المطالبات لاكتشفنا سر العدالة المفقودة. هل السبب يعود إلى تفشي الفساد الإداري والفساد الوجداني المحرك له؟ أم أن المستضعفين سلبت حقوقهم عنوة ولم يجدوا أذناً صاغية، بحجة أن «القانون لا يحمي المغفلين»؟ هؤلاء المستضعفون في الأرض الكثير منهم لا يقرأ ولا يكتب وبالكاد تساعده اللغة العامية في قضاء حاجياته اليومية ولو بلغة الإشارة ؟

فيا وزارة الشؤون وبمساندة وزارة الداخلية إمنحوا العمالة المستضعفة الأمن والأمان وأعينوهم كي يستردوا حقوقهم المغتصبة. وما هذه الرسالة إلا نموذج للمصائب و«الضيم» الذي تواجهه العمالة في بلد أولياء أمره لا يقبلون في هكذا ظلم... والله المستعان!


تركي العازمي


كاتب ومهندس كويتي

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي