الغزالي: إذا ما أخذنا «الحريات السياسية» فإن انجازات التنمية تصبح موضع التحفظ

u0627u0644u0645u062au062du062fu062bu0627u0646 u0641u064a u0627u0644u062du0644u0642u0629 u0627u0644u0646u0642u0627u0634u064au0629  (u062au0635u0648u064au0631 u062cu0644u0627u0644 u0645u0639u0648u0636)
المتحدثان في الحلقة النقاشية (تصوير جلال معوض)
تصغير
تكبير
| كتبت هبة الحنفي |

قال المدير العام للمعهد العربي للتخطيط الدكتور عيسى الغزالي «خلال الفترة منذ عام 1975 وحتى عام 2005 حققت الدول العربية انجازات يعتد بها في مجال التنمية البشرية كما يقيسها مؤشر التنمية البشرية، وحسب أحدث تقارير التنمية البشرية لعام 2007-2008 صنفت سبع دول عربية على أنها ذات تنمية بشرية مرتفعة و 12 دولة عربية على أنها ذات تنمية بشرية متوسطة، ولم يكن من بين الدول العربية من انتمى الى مجموعة الدول ذات التنمية البشرية المنخفضة».

جاء حديث الغزالي خلال الحلقة النقاشية التي عقدها المعهد العربي للتخطيط تحت عنوان «الديموقراطية والتنمية في الدول العربية» صباح أمس، وحاضر بها وكيل المعهد الدكتور علي عبد القادر علي، حيث استندت الورقة التي قدمها على المفهوم العريض للتنمية بوصفها عملية لتوسيع الحريات الحقيقية التي يتمتع بها البشر والتي تشمل على الحريات السياسية بمعنى الاستحقاقات السياسية المتوفرة في النظم الديموقراطية «فرص السجال السياسي، والمعارضة، والنقد، والمشاركة السياسية».



وأضاف «تبلور اتجاه عام منذ منتصف القرن الماضي لتعريف التنمية بأنها عملية لتوسيع الحريات الحقيقية التي يتمتع بها البشر ليعيشوا الحياة التي يرغبون في تحقيقها، ومن الواضح أن هذا التعريف العريض للتنمية يتجاوز تلك التعريفات التي تقول بتطابق التنمية مع النمو الاقتصادي، أو مع التصنيع، أو مع التقدم التقني أو مع التحديث الاجتماعي».

وتابع «ودون الدخول في تفاصيل نظرية وفلسفية لتطور هذا التعريف الموسع للتنمية يمكن معرفة أنه قد تم استنباط خمسة أنواع من الحريات الحقيقية المرتبطة بقضايا السياسات التي تتم صياغتها في أرض الواقع، وهي الحريات السياسية ، التسهيلات الاقتصادية ، الفرص الاجتماعية ، ضمانات الشفافية ، الأمن الوقائي» .

وأوضح أن «المفهوم الموسع للتنمية وجد قبولا دوليا واسعا تترجم بقيام برنامج الأمم المتحدة في عام 1990 بصياغة مؤشر لقياس الإنجاز التنموي للدول يتضمن الفرص الواقعية التي يتمتع بها البشر ليعيشوا حياة طويلة ومعافاة، ولينهلوا من مصادر المعرفة، وليتمكنوا من العيش برخاء ويعرف هذا المؤشر بمؤشر التنمية البشرية»، متابعا «بالإضافة الى قيام الأمم المتحدة في عام 2000 بصياغة الأهداف الإنمائية للألفية التي تتمحور حول الإقلال من الفقر، بما في ذلك توسع فرص التعليم، والعناية الصحية، وتمكين المرأة اقتصاديا وسياسيا.

وأشار الى أن «تحت هذا التعريف العريض للتنمية تندرج الحريات السياسية والتي تعنى بالفرص المتاحة للناس، لكي يختاروا حكامهم ومبادئ الحكم، ليحاسبوا حكامهم، ليتمتعوا بحرية التعبير السياسي، ليصدروا الصحف ويؤسسوا وسائل الإعلام المختلفة دون رقابة، ليمارسوا الاختيار بين الأحزاب السياسية المختلفة، وليتمتعوا بحق الاقتراع، وحق المشاركة في انتخاب السلطتين التشريعية والتنفيذية، والجدير بالذكر أن هذه الفرص مجتمعة تمثل بالإضافة الى فرص أخرى أهم سمات أنظمة الحكم الديموقراطية».

ولفت الى «وجود العديد من المؤسسات الدولية والإقليمية والوطنية تقوم بقياس وتصنيف، أنظمة الحكم حول العالم من وجهة نظر استيفائها للمبادئ الديموقراطية ، وعلى الرغم مما يمكن إثارته من تحفظات حول مختلف المنهجيات المستخدمة لقياس الديموقراطية ، إلا أن توفر مؤشرات كمية في هذا المجال قد ساعد الباحثين في مجال العلوم السياسية من التصدي لعدد كبير من المعضلات النظرية والتطبيقية، ولعل من أهم التساؤلات التي تم التعرض لها هي تلك المتعلقة بوجود مقايضة حقيقية بين التنمية بمفهومها الضيق والديموقراطية بمفهومها الشامل، ونسارع لنلاحظ أنه تحت المفهوم العريض للتنمية ليس هنالك ما يستدعي مثل هذا السؤال».

وتساءل حول ما سيحدث لتلك الإنجازات المتميزة إذا ما أخذنا في الاعتبار مكون الحريات السياسية كما يتطلب ذلك التعريف الموسع للتنمية؟».

من جهته ، أفاد وكيل المعهد العربي للتخطيط الدكتور علي عبد القادر علي أنه «يمكن تضمين مكون الحريات السياسية في مؤشر التنمية البشرية الذي يصدره برنامج الأمم المتحدة والذي يأخذ في الاعتبار الحريات الحقيقية التي يتمتع بها البشر في مجالات التحصيل التعليمي والحياة الصحية المعافاة والمعيشة الهنية».

وبين أن «لأغراض توسيع مؤشر التنمية ليشمل على مكون للحريات السياسية، ثمة العديد من المؤسسات المتخصصة التي تقوم بقياس الديموقراطية لكل الدول على مستوى العالم من خلال مؤشرات كمية، ومن أشهر هذه المؤشرات ذلك الذي تصدره مؤسسة بيت الحرية ومن أحدثها ذلك الذي بدأت بنشره مجلة الإيكونوميست، وهما المؤشران اللذان تم استخدامهما لتقييم الإنجاز التنموي المعاصر لعينة من الدول بما في ذلك الدول العربية».

واشار الى أن «أحدث تقرير للتنمية في عام 2005 أوضح أن ثمة 70 دولة (حوالي 26 في المئة من إجمالي سكان العالم) ذات تنمية بشرية مرتفعة و85 دولة (حوالي 66 في المئة من السكان) ذات تنمية بشرية متوسطة، و22 دولة (حوالي 8 في المئة من السكان) ذات تنمية بشرية منخفضة، ويعتبر هذا إنجازا تنمويا متميزا»، متابعا «وقد جاء أداء تسع عشرة دولة عربية متميزا أيضا، حيث حققت سبع دول منها ( 14.5 في المئة من السكان العرب) تنمية بشرية مرتفعة ، على رأسها الكويت ، وحققت 12 دولة منها ( 85.5 في المئة من السكان العرب) تنمية بشرية متوسطة».

وأوضح أنه «تم حساب المؤشر الموسع للتنمية، بعد إدخال مكون الديموقراطية، لعينة دولية من 150 دولة توفرت لها المعلومات لعام 2005، وتوضح النتائج أن الأخذ بعين الاعتبار مكون الديموقراطية، كما يقيسه مؤشر بيت الحرية، في المؤشر المركب للتنمية يترتب عليه تعديل ملحوظ في الإنجاز التنموي على مستوى العالم بحيث ينقص عدد الدول ذات التنمية المرتفعة من 59 (بنسبة سكان 27.6 في المئة) الى 46 دولة (بنسبة سكان 23.5 في المئة) بينما يزداد عدد الدول ذات التنمية المنخفضة من 19 (بنسبة سكان 7.3 في المئة)، الى 33 دولة (بنسبة سكان 13.5 في المئة)»، لافتا الى أن «النتيجة تنسحب على الدول العربية بطريقة واضحة حيث لم تحقق أي من الدول العربية مرتبة التنمية المرتفعة، بينما ازداد عدد الدول التي لاتزال تقبع في مرتبة التنمية المنخفضة».

وخلص الى أن «توسيع مؤشر التنمية ليشمل على مكون للديموقراطية ، مهما كان قياسه، يدعو للتحفظ الشديد حول الإنجازات التنموية التي تحققها مختلف الدول كما تعكسها مؤشرات التنمية المتعارف عليها».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي