د. وائل الحساوي / نسمات / ما هكذا يفرض القانون هيبته!

تصغير
تكبير
في العام 1986، كان المناخ السياسي مكهربا بسبب تسارع اعضاء مجلس الامة الى تقديم استجوابات كثيرة ومتتالية ما تسبب في موجة من السخط الشعبي استغلتها السلطة لحل مجلس الامة وتعليق مواد عدة من الدستور وتكميم افواه الصحافة عن طريق الرقابة المسبقة.

كانت ردة الفعل الشعبية لحظتها مؤيدة للحكومة وغير مبالية. عندما تحرك النواب ضد تلك القرارات وبدأوا بالتجمع في الدواوين للاحتجاج على ما حصل، تصدت لهم قوات الامن بالاعتقال وباستخدام القنابل الدخانية والكلاب، لكن الحملة لم تتوقف وانما اتسعت وتفاعل معها الكثيرون. وعندما انشأت السلطة المجلس الوطني قاطعه معظم الناس في الانتخاب وفي الترشيح.

جاء الغزو العراقي الآثم ليقوض اركان الدولة ويحولها الى سجن كبير، ولولا فضل الله تعالى ثم تدخل كثير من الدول الكبرى لبقينا في السجن الكبير الى يوم يبعثون.

ما يهمني في هذا السرد الموجز هو ان ابين كيف كان تلاحم اهل الكويت بجميع اطيافهم وانسابهم مع حكومتهم دون ان يشذ احد منهم، ثم كان مؤتمر جدة الذي شهد مولد الكويت الجديدة التي تعهدت باحترام الدستور واحترام ارادة الشعب، وقد حققت السلطة لشعبها ما وعدته في المؤتمر وشهدنا مرحلة جديدة استمرت عشرين عاما من الحرية والانفتاح لم يعكر صفوها إلا تراخي يد القانون وتداخل المصالح الشخصية مع الشأن العام من كثير من الاطراف لا سيما من القيادات البارزة.

اشتكى الشعب من الفلتان والفوضى وطالب قيادته بوضع حد لذلك وبارك خطوات تطبيق القانون ومنع التراخي.

ان ما حدث في ديوان الحربش قبل ايام لم يكن تطبيقا للقانون ولا محاولة لوقف الفوضى كما تصوره الكثيرون، بل هي عملية انتقامية ضد نواب الشعب ومحاولة لتأديبهم لم يكن لها اي مبرر بل هي مخالفة للدستور وللقوانين التي اصلتها المحكمة الدستورية بإلغائها قانون منع التجمعات. كذلك فإن امهال المجتمعين ربع ساعة لإنهاء اجتماعهم ثم الانقضاض عليهم بهذه الطريقة الوحشية هي اهانة لا لممثلي الشعب فقط ولكن لكل مواطن كويتي، وهذا المشهد لا يذكرنا بدواوين الاثنين فقط ولكن يذكرنا بالانظمة القمعية في الدول العربية والديكتاتورية وهو يهوي بملف دولة الكويت الى ادنى مستويات الشفافية مع الدول غير الحرة وغير الديموقراطية.

ان اتفاق نصف اعضاء المجلس على ضرورة استجواب رئيس الحكومة - حتى وان لم يصل الى درجة عدم التعاون معه لهو دلالة واضحة على عدم شعبية الحكومة وسقوطها من أعين ابناء شعبها، وان غالبية من سكت او بارك ما فعلته الحكومة اليوم سيثوب الى رشده غدا ليدرك بأن ما حدث اليوم للنواب قد يحدث له غدا ان لم يتحرك لاستنكاره، لو كنت مكان رئيس الوزراء لوقفت اليوم في مجلس الوزراء لأقدم اعتذاري لشعبي المحب على ما قامت به وزارة الداخلية بسبب فهمها الخاطئ للتفويض الذي اعطي لها بتطبيق توجيهات سمو الامير، ولبيانها المغلوط الذي حاول تبرير افعال نقلتها جميع وسائل الاعلام العالمية تدين ما حصل من الداخلية.





د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي