هنالك فيلم فكاهي يحكي قصة رجل استطاع ان يستمع لما يفكر به كل انسان يمر به او يلقاه ثم يفاجئ هذا الانسان بأن يخبره يما يتحدث به في قلبه.
بعد فترة من الزمن زهق هذا الرجل حياته فقد اكتشف بأن غالبية الناس مخادعون ومنافقون وانهم يظهرون ما لا يبطنون.
استطيع ان اشبه مذكرات ويكيليكس بأنها نوع من الكشف عن بواطن الامور التي يخفيها قادة العالم وزعماؤه عن شعوبهم، فقد بينت التسريبات حجم النفاق الدولي والتآمر لا سيما من طرف الولايات المتحدة الاميركية، وهي في الحقيقة مفيدة غير ضارة وتعطينا دروسا كثيرة أهمها:
أولا: لا شك ان التكنولوجيا سلاح ذو حدين، فهو قد اعطى الدول الكبرى قوة وجبروتا وهيمنة على العالم، وفي الوقت نفسه جعلها خاضعة لمن يتقنون تلك التكنولوجيا حيث استطاعوا كشف اكثر من ربع مليون برقية سرية ارسلتها السفارات الاميركية وعشرات الآلاف من الوثائق التي تحتفظ بها الولايات المتحدة سرا (وفق كل ذي علم عليم).
ثانيا: كشفت الوثائق عن النفاق الاميركي والتآمر على دول العالم وكذلك نفاق بعض الزعماء العرب من الذين يصرّحون امام العلن بكلام ثم يعملون بعكسه.
ثالثا: كما كشفت الوثائق حجم البطش والعنف الذي يتعامل به الجيش الاميركي مع الشعوب التي يحتل بلدانها من اجل تحريرها من الظلم كما فعل في افغانستان والعراق، وهذا يذكرنا بكتاب يسمى (الاميركي البشع) ألفه كاتب اميركي في السبعينات يبين فيه ازدواجية المعايير الاميركية داخل الولايات المتحدة وخارجها.
رابعا: تكشف تلك الوثائق ضعفا خطيرا في نظام الولايات المتحدة التي تتربع على قمة العالم، فهي لم تستطع ان تمنع جنديا واحدا من تسريب اسرارها للعالم بالرغم من حجم النظام المخابراتي الاميركي وملايين الموظفين في اجهزة الامن والاستخبارات وقبلها تعرضت للاختراق الامني في احداث 11 سبتمبر والتي وصلت الى عقر دار البنتاغون.
خامسا: لئن كان الديبلوماسيون في العالم يمثلون قمة الادب والديبلوماسية، لكن الوثائق قد كشفت صورة اخرى عن ديبلوماسيتهم وهم يتعرضون بالاستهزاء والسخرية لزعماء العالم ويكتبون عنهم التقارير المضحكة.
سادسا: اعترفت الولايات المتحدة والدول الاخرى بصحة ما ذكرته تقارير الويكيليكس وبينت خطورته على امنها، ثلاثة فقط هم من رفضوا التقارير وبينوا كذبها وهم روسيا وأحمدي نجاد ووزير الداخلية الكويتي!!
* «خِرّي مِرّي» تعني باللهجة الكويتية انها لا تستطيع ان تخفي سرا بل تكشف كل شيء.
ويكيليكس الكويت
لم تتخط الدول الكبرى القوانين في ملاحقتها للقائمين على موقع الويكيليكس بالرغم مما سببه لها من حرج، بينما شاهدنا حكومتنا «التنموية» تتعامل مع رفع الحصانة عن النائب فيصل المسلم بغرابة كبيرة، فهي قد سلبت المجلس حقه في التصويت على رفع الحصانة، كما انها عطلت جلستين من جلسات المجلس نحن بأشد الحاجة لهما لإنجاز الامور المعطلة علما بأن النائب المسلم قد تكلم عن الموضوع في الاستجواب داخل قاعة عبد الله السالم وهو تحت الحصانة، كما ان القضية الاهم وهي: من الذي سرب الشيك للنائب ولماذا لم تتم اثارتها او المطالبة بكشفها؟! فهل نلوم النواب الذين هددوا بالاستقالة الجماعية إن لم تحضر الحكومة جلسة الاثنين؟! وهل يعقل بأن يهز ويكيليكس الكويت عرش الحكومة الكويتية اكثر مما فعل ويكيليكس الاصلي في بلاده؟!
د. وائل الحساوي
[email protected]