صناديق الاستثمارات الخاصة بريق أمل للأزمة العالمية

تصغير
تكبير
| بقلم عماد غندور |

خلال الأسابيع الماضية، شهدت أسواق الأسهم المالية في مختلف أنحاء العالم أحد أشد عمليات الهبوط في تاريخها. فمشكلة التمويل العقاري الأميركي تتفاقم الآن لتقود إلى كساد عالمي. والمصارف أصبحت تتردد حتى في تقديم القروض لبعضها البعض، والمصارف المركزية قلقة للغاية. وخفض البنك الاحتياطي الفيديرالي الأميركي معدل الخصم مرتين، وذلك في أكبر تخفيض من هذا القبيل على مدى 7 سنوات.

فالأسواق في عام 2000 عانت من انفجار فقاعة شركات التقنية، وبعد ذلك في العام 2001 تراجعت ثانيةً بسبب هجمات 11 سبتمبر، ما أدى إلى تباطؤ النمو الاقتصادي إلى حد كبير. ولكن بالنسبة للاستثمارات الخاصة (private equity)، فقد حققت هذه الاستثمارات بعد 2001 عائدات ممتازة. ومع هبوط التقديرات عن مستوياتها العالية في عام 2000، تمكن المستثمرون في مجالات الاستثمار المباشر في الولايات المتحدة وأوروبا من إتمام صفقات ما بعد 2001 بأسعار رخيصة. ويوضح الرسم البياني أدناه عائدات صندوق تقاعد ولاية كاليفورنيا (وهي أكبر مستثمر في صناديق الاستثمارات الخاصة) على حقيبة الاستثمارات الخاصة لديها بحلول نهاية عام الصندوق تبعاً لتاريخ إنشائه.

منطقة الخليج العربي لن تكون معزولة عن الغيوم السوداء التي تلبد سماء الأسواق المالية العالمية على مدى الأشهر والسنوات المقبلة. فردة الفعل في أسواق الأسهم المالية الإقليمية يوم الاثنين الحادي والعشرين من يناير 2008 تؤكد أن الأسواق الخليجية ليست بمنأى عن تداعيات الاقتصاد العالمي كما يحلو للبعض أن يعتقد. وحتى سوق الأسهم المالية السعودية التي تعتبر منفصلة هبطت بأكثر من 20 في المئة على مدى عدة أيام.

ومع ذلك، فالاقتصاد الخليجي الحقيقي سيواصل التقدم للأمام على الرغم من احتمال تعرضه لبعض الأزمات في قطاعات معينة. فالقطاع المالي سيتأثر بالاضطراب العالمي، ولكن بنسبة أقل كثيراً من المناطق الأخرى في العالم. وقد تتأثر العقارات أيضاً مع نضوب مصادر التمويل العالمية، وحتى الإقليمية. كما سيتباطأ نمو النقل وخدمات الإمداد أيضاً مع تأثر نمو حركة شحن البضائع ونقل الركاب من الشرق إلى الغرب بالكساد المحتمل في الولايات المتحدة وأوروبا.

وسيظل السؤال الأكبر هو: إلى أي مدى ستنخفض أسعار النفط متأثرة بالكساد العالمي، وهل سينخفض السعر إلى ما تحت 50 دولاراً للبرميل؟ فأسعار النفط تعد أكبر عامل محدد للنمو الاقتصادي الخليجي. كما تشكل من الناحية النفسية مؤشراً مهماً إلى التوقعات الاقتصادية الخليجية. فعائدات النفط لا تزال مصدر الدخل الرئيسي لحكومات المنطقة، والحكومات هي اللاعب الاقتصادي الرئيسي والمحرك لمجمل الاقتصاد. ولحسن الحظ، حصدت حكومات الخليج احتياطيات ضخمة، وستكون قادرة على تجاوز أي انخفاض قصير الأمد للإيرادات النفطية بسهولة.

وعودة إلى الاستثمار المباشر، فالشهور القليلة المقبلة ستكون صعبة على كل المستثمرين والعاملين في القطاع المالي. لكن، ومع تأقلم أصحاب الاستثمار المباشر مع نتائج الكساد، ومع ترسخ الحقائق الجديدة على أرض الواقع، سيتسع المجال أمام الاستثمارات الخاصة في المنطقة. فمن جهة، وكنتيجة لانخفاض أسعار النفط، وكساد أسواق الأسهم المالية، والتوقعات المتشائمة حول الإمكانات الاقتصادية العالمية، سينخفض تقييم الشركات إلى مستويات معقولة، وستتحول السوق لتصبح أكثر توازناً. ومن جهة أخرى، فالسيولة المالية، ولو أنها ليست دائماً في المتناول فإنها لن تتبخر. ومهما بلغت حدة الكساد العالمي، فالمنطقة لا تزال تصدّر يومياً نفطاً بقيمة تتراوح بين 700 مليون إلى 1 مليار دولار أميركي. وعلاوة على ذلك، فاحتياطيات الحكومات ستواصل عملية الدفع لبقية القطاعات الاقتصادية- لتحافظ على أرباح الشركات والاستثمارات العامة. وأخيراً وليس آخراً، ستدرك الصناديق العالمية أن النمو في منطقة الخليج العربي أقوى منه في المناطق الأخرى، وسيترجم ذلك بالتحول نحو مزيد من الاستثمار من جانب المؤسسات الاستثمارية العالمية في البورصات والصناديق الخليجية. ولكن على الأغلب سيحدث هذا الأمر بعد استقرار موجة الكساد.


* رئيس قسم الاستراتيجيات والأبحاث- جلف كابيتال، أبوظبي

عضو مجلس إدارة «جلف فنتشر كابيتال أسوسييشن»

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي