كشفت جريدة «الراي» في عددها يوم الاحد الماضي عن هجمة نيابية على مشروع قانون مكافحة الارهاب الذي قدمته الحكومة لمجلس الامة لدراسته وإقراره على سبيل الاستعجال.
والحقيقة ان قوانين الارهاب هي فخ يراد به تمرير كثير من الممارسات القمعية تحت مظلة القانون، وقد كشف وزير الداخلية بأن القانون جاء متزامنا مع القانون الدولي الخاص بذلك ونحن نعلم بأن الدول الكبرى لها اجندتها الخاصة في تعريفها للارهاب وطرق مقاومته، وقد شاهدنا كيف دمرت الولايات المتحدة الاميركية دولا مسلمة وأوقعت فيها الفتن تحت مسمى محاربة الارهاب، فلابد من الحذر في اقرار قوانين تصب في مصلحة من لا يريدون الخير لبلداننا، ولاسيما ان مشروع القانون الكويتي كما يبدو مترجم من صيغته الاجنبية ويستخدم بعض الاصطلاحات الغريبة على واقعنا.
ومن المفارقات في القانون الذي قدمته الحكومة هو جمعه بين الارهاب وغسيل الاموال والفساد والنصب والاحتيال وكذلك اقحام البنك الدولي في قضايا لا دخل له بها.
واذا كانت الكويت قد رفضت التوقيع على الاتفاقية الخليجية والعربية حول الارهاب فكيف يتم الزامها بقانون الارهاب؟! بل ان العالم كله ليس لديه تعريف واضح حول جرائم الارهاب فكيف سيحكم في تلك الجرائم؟! كذلك فإن اتفاقيات التعاون القضائي بين الكويت وبقية الدول غير موجودة فكيف يحل محلها اتفاقية محاربة الفساد والذي يلزم الكويت بتنفيذ حكم دول اجنبية وفق قوانينها ما يؤدي الى سيادة القانون الاجنبي على القانون الكويتي؟
ولماذا ينص مشروع القانون على تخصيص العمل الخيري دون غيره في التحذير من الارهاب وهل المقصود هو التضييق على العمل الخيري وجمعيات النفع العام؟!
واذا كان الارهاب غير متفق عليه بين الدول اصلا ولا سيما الولايات المتحدة، فهل سنترك لتلك الدول ان تعطينا التعريف الذي يوافق اهواءهم ثم نقوم بتطبيقه في بلادنا بحسب اوامرهم؟!
واذا كان الكيان الصهيوني الذي هو صانع الارهاب ومُصدّره الى بلدان العالم يعتبر بلد سلام بحسب تصريحات الرؤساء الاميركان، فهل نرتجي خيرا ممن يلزموننا بمحاربة الارهاب؟
كذلك فإن مشروع القانون يتضمن امكانية ادراج العمليات المصرفية او المالية المشروعة او التجارية ضمن نطاق الارهاب او الدعوة والترويج للمبادئ، ما يفتح الباب على مصراعيه لإدخال كثير من العمليات المصرفية المشروعة ارهابا، بل واعتبار الدعوة الاسلامية ضمن الارهاب لأنها ترويج لمشروع خيري، بل وقد ادرج المشروع المؤسسات غير المالية (أي بالعربي الفصيح: كل ما يراد ادراجه).
وبحسب مشروع القانون يحق للدول الاجنبية التحقيق في «المعلومات المشبوهة» لأي كيان فردي او جماعة، والاصل هو البراءة ما لم تثبت التهمة، ويعطي القانون النائب العام الحق بمنع التصرف بالاموال لمدة ثلاثة اشهر وهو تعسف لا تطبقه الا الدول التي تطبق قوانين الطوارئ والحبس الاحترازي.
ولنا ان نتساءل: هل استجدت امور على الساحة المحلية تتطلب مثل هذا القانون الخطير، أم انه تحسب لما قد يحدث في المستقبل، فلماذا الاستعجال في تنفيذ اجندات الآخرين دون ان يكون لها حاجة عندنا؟!
لقد رفض مجلس امتنا سابقا كثيرا من الاتفاقيات الملغومة التي طلبت دول الخليج او الدول الخارجية توقيعها لأنها تتعارض مع الحريات التي حث عليها الدستور الكويتي فهل يخضع مجلسنا اليوم لذلك الابتزاز؟!
د. وائل الحساوي
[email protected]