محمد الوشيحي / آمال / بكر وتغلب

تصغير
تكبير



نواب العوازم اجتمعوا في ديوانية أحدهم للتنسيق في انتخابات اللجان، لا رابط يجمعهم سوى كونهم ينتمون لقبيلة واحدة! كبار الكنادرة أو قيادات مجلس الكنادرة اجتمعوا وتوجهوا لرئيس الحكومة للتوسط لأحد أبناء عمومتهم، وهو مدير مباحث مبارك الكبير، الذي تم فصله من الخدمة العسكرية قبل فترة. ولو لم يكن العقيد المفصول من الكنادرة لما اهتموا بأمره! بعض نواب الرشايدة هبوا لنجدة ابن عمهم محمد النومس مدير بنك التسليف عندما علموا بأن إسماعيل الشطي (الوزير السابق المسؤول عن البنك) سيوقف النومس عن العمل، أو على الأقل سيحاسبه، فضغطوا على الوزير بشراسة، ونجحوا في مسعاهم.

مشاري العنجري، استطاع الحصول على وكالة تشكيل الحكومة مناصفة مع الشيخ ناصر المحمد، فعيّن كل منهما أقاربه، الشيخ عين أقاربه، والعنجري عين أقاربه وجيرانه، ولسوء الحظ، لم يكن أيّ من أقارب العنجري أو جيرانه من سكان محافظة الأحمدي أو الجهراء أو الفروانية أو مبارك الكبير! وقبل خطوة العنجري بسنوات كان بعض نواب العوازم والشيعة قد أعلنوا عن غضبهم لخلو الحكومة منهما. كلّ منهما في جهة. هذا ينتصر لقبيلته وذاك ينتصر لطائفته! وقبل أيام عيّن الهاجري أقاربه مسؤولين رغم عدم استيفائهم شروط الوظائف الإشرافية! من جهتها، أبدت نورية الصبيح غضبها من تعيين طلق الهيم مديرا لمنطقة الأحمدي التعليمية، وهو البعيد عن الجسم التربوي، فهداها الله بعد تدخل النواب العوازم نصرة لابن عمهم، فانتقمت من الجميع وزرعت أقاربها وأبناء وبنات فئتها في وزارتي التربية والتعليم العالي. كلهم من فئتها. شوف الصدفة.

ومن أول شروط تعيين المحافظ أن يكون شيخا أو من «عيال السور». لذلك لا فائدة للمحافظين ولا تأثير سوى كلفتهم الزائدة على المال العام. وقبل هؤلاء وأولئك، أراد رئيس الحكومة أن يستعين بآراء الناس لتشكيل حكومته، فاستشار شيوخ القبائل وعمداء العوائل. هكذا. يستشيرك ليس لرجاحة عقلك أو طول خبرتك، بل اعتمادا على اسمك الأخير في بطاقتك المدنية. وإذا كان الحال كذلك، فسأضغط لتعيين أبو عنتر (ابني سلمان) وزيراً، فنحن في حارة «كل من ايدو الو».

هذه بعض الأمثلة وهناك غيرها الكثير الكثير، وما ذكرته لا يتجاوز القطرة في محيط تعصف أمواجه بدولة «بكر وتغلب». والكارثة أن هذه الأعمال تأتي من الكبار أصحاب القرار، فما بالك بالصغار. يا دارنا يا دار.

أعلم بأن الغالبية ستغضب من هذا المقال وستنوح النوائح وستشق الجيوب وسيمتطي كلّ جواده وسيمتلئ بريدي الالكتروني برسائل التهديد. وأعلم بأن هؤلاء الغاضبين لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه إلا لخوف الجميع من الحديث عن خطورة أفعالهم. وأعلم كذلك بأن الغالبية من أهل البلد لن يغضبها الحديث عن أي شيء بعيدا عن الأصل والطائفة! أعلم وأفهم كل ذلك، لكنني لم أفهم شيئا واحدا: لماذا نجد هذه النوعية من الناس هي الأكثر حديثا عن الوطن والوطنية؟


 محمد الوشيحي

 [email protected]  

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي