د. وائل الحساوي / نسمات / الكل يحلم بشفط فائض الميزانية

تصغير
تكبير
دار حوار شيق بين بعض المواطنين حول تصريح محافظ البنك المركزي الشيخ سالم الصباح بأن «وضعنا المالي اكثر من رائع وان احتياطي البنك بلغ عشرة مليارات دينار الشهر الماضي»، فقال احدهم: ستلاحظون زيادة العدد في زيارات رؤساء الدول لكي يحصلوا على سهم في الكيكة، وقال الآخر: لم تعد مشكلتنا اليوم مع زوار الخارج ولكن المشكلة في الداخل، وسنرى زيادة المشاريع «النهبوية» والتي لن ترى النور بينما تسحب معها اموال البلد. ثالث قال: إذا سلمنا من مشاريع الحكومة فلن نسلم من مشاريع مجلس الامة والتي تتفنن في شفط الفائض من الميزانية لدعم برامجها الانتخابية. رابع قال: هل تعلمون بأن اعظم فائض نقدي في الميزانية حققته الكويت كان عام 1990 ثم زارنا بعدها ضيف ثقيل ورفض الخروج.

ولعل استعراضنا لبعض الارقام يعطينا بعض التواضع قبل الفرح بفائض ميزانيتنا، فقد ارتفعت ميزانية الدولة في العام الماضي ارتفاعا غير مسبوق (اي انفاقاتها) ووصلت إلى حوالي 19 مليار دينار بعد ان كانت اقل من 7 مليارات في 2006/2005 (93 في المئة منها من النفط اي أننا لا نساوي شيئا من دونه).

قارن ذلك بميزانية الامارات المتحدة 215 مليار دولار سنويا يشكل النفط نسبة 55 في المئة منها، وميزانية السعودية 498 مليار دولار سنويا، وقد رصدت السعودية اكثر من 75 مليار دولار لمدينة الملك عبدالله الاقتصادية، اما احتياطي السعودية في صندوق النقد العربي السعودي فيبلغ 350 مليار دولار، إذاً فارتفاع فائض ميزانيتنا يجب الا يجعلنا نغتر بل يجب المحافظة على تلك الاموال وتنميتها لتكون لنا احتياطا للسنوات العجاف التي لا شك انها ستأتي، ولنا قدوة في النرويج التي اسست صندوقا تضع فيه عائدات النفط ولا تسمح بالمساس بها، او الامارات التي نوّعت دخلها بحيث جعلت النفط جزءا من دخلها لا كل دخلها او السعودية التي اسست مدنا اقتصادية عملاقة تدر عليها دخلا كبيرا.

ولئن كان بند الرواتب والاجور قد وصل إلى حوالي نصف الميزانية عام 2006/2005 فانه قد ازداد زيادة كبيرة خلال السنتين الماضيتين مع زيادة الكوادر، ولسنا نقلل من اهمية توزيع الدخل ورفع مستوى معيشة المواطنين، ولكن لابد في المقابل ان يكون كل شيء مدروسا ومقننا وان نعلم بأن الانفاق على مشاريع لها منفعة مباشرة للمواطنين قد يكون اجدى من توزيع الاموال دون حساب.



لن يهز مقال وحدتنا الوطنية

لا استطيع ان انتقد حكم المحكمة بسجن الكاتب محمد عبدالقادر الجاسم لان القضية مدنية وليست قضية رأي، كما أننا لا نرضى بالتشكيك في قضائنا العادل، ولكن ما نخشاه هو ان يكون هذا الموقف الذي نراه امامنا اليوم هو عامل احباط لكتّاب الرأي بأن يشعروا بأن تعبيرهم عن آرائهم ونقدهم للاوضاع العامة يمكن ان يضعهم امام طائلة العقوبات القاسية، ولا شك ان الجاسم كما تابعت من كتاباته كان ناصحا وحريصا على توجيه الحكم في الكويت نحو الافضل، وكان منتقدا لكثير من الممارسات الخاطئة التي تشوب عمل الحكومة، وما قاله لم يزد على ما يردده معظم الناس في الدواوين.

اتمنى ان يتنازل اصحاب الشأن عن قضيتهم وان نطوي تلك الصفحة المحزنة لان من اهم عوامل القوة في بنائنا الداخلي في الكويت هو تلك الحرية التي يتمتع بها الشعب ويمارسونها، ولن يؤثر مقال او نقد مهما كان قاسيا على مسيرتنا الراسخة التي ارسى دعائمها الآباء والاجداد.





د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي