د. وائل الحساوي / نسمات / احذر أن تصبح حكومياً!!

تصغير
تكبير
اتصل بي صديق من أعز الأصدقاء وأكثرهم نصيحة لي وأخبرني بأنه قد شاهد لقاء لي في إحدى الفضائيات وبأنني قد تكلمت باعتدال عن مواضيع مجلس الأمة والحكومة وكنت منصفاً، ولكن المقدم استطاع أن يجرني بطريقته إلى نقد بعض ممارسات النواب مما قد يدخلني في تصنيف البعض بأنني حكومي أو انني ضد بعض التوجهات والتجمعات النيابية.

والحقيقة أن الاتهام «بالحكومية» أصبح أعظم جريمة يرتكبها الإنسان في حياته - طبعاً من وجهة نظر البعض - وكثيراً ما يتم رفض الذين يبدون آراءهم واتهامهم بشتى التهم، فقط لأنهم يؤيدون الحكومة في بعض المواقف، وكأنما الأصل هو معارضة الحكومة في الحق والباطل.

وأنا أفتخر بأن لي رأيي الحر في مدح أو ذم ما أعتقد بأنه يحتاج الى المدح أو الذم، فلطالما انتقدت الممارسات الحكومية الخاطئة والتخبط الذي يسير عليه بعض الوزراء أو المسؤولين، كما امتدحت أو انتقدت ممارسات أعضاء مجلس الأمة، وخصصت بعض الممارسات بالنقد القوي لأني ناصح لهؤلاء وأعتقد بأن تصرفاتهم تسيء إليهم وتسيء إلى بلادنا التي لا تحتمل المبالغة في التصعيد والإثارة التي نشاهدها بكثرة هذه الأيام.

ولست الوحيد في هذا المضمار وإنما هي موجة عارمة من الانتقادات يوجهها كثير من أبناء الشعب وعلى رأسهم سمو أمير البلاد في كل مناسبة لممارساتنا السياسية الخاطئة، بل ذكرت في كثير من مقالاتي بأن الغالبية العظمى من النواب هم من المتعاونين والعقلانيين والمخلصين ولا يمنع ذلك من وجود قلة مؤزمة داخل المجلس (دون أن أذكر أسماء لأن ذلك لا يهم)، فهل تبلغ بنا المجاملات لكي نرى ديرتنا نهباً لبعض المغامرين والمتمصلحين ومن يصطادون في الماء العكر من أجل تحقيق مصالحهم على حساب البلد، ثم نضحك لهم ونطبطب على أكتافهم ونقول لهم: «بارك الله فيكم فلا ينفع مع هذه الحكومة إلا تكسير الرؤوس؟!».

لقد شهدت الكويت بفضل الله تعالى خلال الدورة الماضية انجازات تشريعية كبيرة وإقرارا لكثير من القوانين بالرغم من تخلل الدورة - ستة استجوابات كبيرة - ولكن العقلانية التي اتسم بها الغالبية من النواب ورفضهم الانسياق وراء التصعيد الذي لا مبرر له قد ساعد على استمرار المجلس وتشريعه بخطة التنمية وكثير من القوانين، بينما شاهدنا خلال السنوات الثلاث التي سبقت الدورة الماضية تأزماً نفسياً وتوتراً على مستوى البلد بسبب التصعيد النيابي غير المبرر - المعارضة لأجل المعارضة - والتي نعلم بأن كثيراً منها هو تصفية حسابات وعمالة لأطراف في صراعها ضد أطراف أو تمثيليات متقنة.

إن الاستجواب هو أداة دستورية راقية وهو سؤال مغلّظ الهدف منه دفع الوزراء لبذل المزيد من الجهود، ولتدارك الأخطاء ولكن كل شيء تزداد جرعته على الحد المطلوب ينقلب ضده، فكيف ونحن نرى الشتيمة العلانية والاعتداء على الوزراء وتحقيرهم تحت مسمى المحاسبة؟!

لقد هُتكت أسرار كثيرة وتم الطعن بأناس أبرياء وتشويه صورتهم واتهامهم بالسرقة والفساد دون أدلة، فهل هذه هي المعارضة التي نريدها وهل هذا هو الدور الرقابي للمجلس؟!

أشكر صديقي على نصيحته التي أتاحت لي الفرصة لايضاح رأيي في أمور ملتبسة على الناس.





د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي