د. عبداللطيف الصريخ / زاوية مستقيمة / حمام قلابي

تصغير
تكبير
ها قد عاد العيد، ومر سريعاً وانقضى، هكذا هو كل عام، لم يتخلف عاماً واحداً أبداً، ولكننا نحن المتغيرون المتبدلون، تارة إلى اليمين، وأخرى إلى أقصى اليسار، مرت أيام كنا فيها في الصدارة والمقدمة، وتبدلت الأحوال حتى لم تسعنا دكة الاحتياط، فسبحان مغير الأحوال «كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام».

من يظن أن الدنيا تبقى ثابتة له على حال فهو واهم، لم يخبر بعد أحوال الدنيا، ولم يتعظ من صفحات التاريخ، ولذا تجد بعضهم يحمل من متاع الدنيا كل ما يستطيع عندما تقبل عليه، سواء بالحلال أو بالحرام، وما علم أن السعادة بما يحمله القلب من إيمان ورضى وقناعة، وليس ما هو موجود في أرصدة البنوك من أرقام فلكية.

السياسيون وما أدراك ما السياسيون! تتقلب فيهم الحياة أيضاً، فهم جزء من هذا الكون الفسيح، ويمكنك أن تقول إنهم هم ذاتهم كـ (الحمام القلابي)، أحياناً نجدهم من اليمين المتطرف، وفجأة ودون مقدمات نراهم وقد انقلبوا إلى اليسار الثوري، هم يتَّبِعون من ينثر لهم الحب، ويسيرون في الاتجاه الذي يسير، دون أن يلتفتوا، غير آبهين بحقوق من يمثلون من الشعب المغلوب على أمره، فهؤلاء أمرهم هين، أقصد الشعب، ونظرة واحدة للديناصورات السياسية يدرك كم نحن شعوب يسهل الضحك عليها، فعندما تتعاقب الأجيال، وتبقى الديناصورات ذاتها، يجب علينا أن نندب حظنا العاثر، ونراجع سلوكنا السياسي، وماذا قدمنا للوطن أكثر من حزبية ضيقة، أو فئوية كريهة، أو طائفية نتنة، أو قبلية مازلنا نثأر فيها لكليب.

ها قاد عاد العيد، وسيعود كل عام إن شاء الله، ولكن هل سنشهده نحن العام المقبل؟ سؤال مهم قبل أن تطوى الصفحات، ونظل جزءا من التاريخ، وحتى ذلك الوقت، لنسأل أنفسنا: ماذا قدمنا للدين والوطن والأمة، ماذا قدمنا لنكون أكثر تميزاً من غيرنا، ماذا قدمنا لنصنع الفرق، ماذا صنعنا غير النفخ في كير الفتنة حتى أحرقت جزءاً كبيراً من وطني، ماذا أجدنا غير حرفة الكلام، وتزويق الحديث وتدبيجه؟ لم لا وبعض سياسيينا يكافئون من يطبل لهم، ويكتب مدحاً لإنجازاتهم وأفعالهم البطولية! ويكيل التهم والسباب لخصومهم.

ها قد عاد العيد، وها هي المتردية والنطيحة تطل برؤوسها، وتنفخ سمومها، وأصحاب الشأن يتفرجون! ويصفقون أحياناً فرحين لما يرون ويسمعون، دون أن يحركوا ساكناً، هذا والله ما يقود أحدنا للموت قهراً، ومع ذلك لن نموت قهراً بإذن الله.





د. عبداللطيف الصريخ

كاتب كويتي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي