د. وائل الحساوي / نسمات / خطبة تغني عن موسوعات

تصغير
تكبير
في هذه الايام المباركة ونحن نشاهد حجاج بيت الله الحرام يجتمعون على صعيد واحد ليؤدوا نفس المناسك وليتلفظوا بنفس العبارات وليرفعوا اصواتهم عالية ملبين لله تعالى ومكبرين ومتضرعين ومستغفرين.

ألا يحق لنا ان نتفكر في اوضاع امتنا وان نستلهم الافكار من تلك المناسبة العظيمة بدءا من رحلة ابراهيم عليه السلام الى مكة المكرمة وتركه لزوجته وطفله الرضيع في الصحراء دون ماء ولا زاد، ثم بنائه لبيت الله الحرام ثم استعداده لذبح ابنه تلبية لطلب ربه منه.

ثم يطوى الشريط سريعا لينقلنا الى مشهد آخر وهو خطبة من اهم واجمع الخطب ألا وهي خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع حيث قال: «يا أيها الناس، اسمعوا قولي: ان دماءكم واموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا... الا وان كل شيء من امر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة وربا الجاهلية موضوع...

ايها الناس، ان الشيطان قد يئس من ان يعبد بأرضكم هذه ابدا، ولكنه ان يطمع فيما سوى ذلك فقد رضي به مما تحقرون من اعمالكم فاحذروه على دينكم... اتقوا الله في النساء فإنكم انما اخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ان لكم عليهن حقا ولهن عليكم حقا، لكم عليهن ألا يوطئن فرشكم احدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح، لهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف».

فهل استوعبنا تلك المواعظ البليغة والحكم الجليلة؟

ما بال اناس يتكلمون باسم الاسلام ثم يسفكون دماء المسلمين في كل مكان دون ان يرف لهم جفن ويعتبرون ذلك من الجهاد في سبيل الله؟ وما بال اهل الكتاب الذين عاشوا في كنف الدولة الاسلامية ووجدوا من المسلمين كل الترحيب والأمن والامان، ما بالهم قد اصبحوا هدفا سهلا لتلك الشراذم من الجماعات الارهابية التي تدعي النهوض بالاسلام؟! فإذا كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قد اعلن بأن دماءنا واموالنا حرام علينا كحرمة الشهر الحرام، والبيت الحرام فكيف نفسر تقصد البعض لهؤلاء المسلمين والتلذذ بقتلهم وارعابهم إلا بأنها ردة كاملة عما امر به رب العالمين اما ربا الجاهلية والذي تطور في عصرنا الى مؤسسات كبيرة قائمة تمتص دماء الفقراء وتستغل حاجاتهم تحت مسميات براقة، والذي تسبب بالكوارث المتتالية على اقتصاد البلدان الغربية وبالتبع البلدان المسلمة، فلماذا لم نضعه تحت اقدامنا بل رفعناه فوق رؤوسنا وكسرنا به ادمغتنا؟!

اما العدل مع النساء فيمثل آخر اولوياتنا، فنحن ما بين افراط وتفريط، فإما ظلم صارخ وحرمان من النفقة والكلمة الطيبة والضرب القاتل، واما اطلاق العنان لهن ليفعلن ما يردنه دون ضوابط ليساهمن في انحراف المجتمع تحت مسمى التمدن والحرية والحضارة.

لو توقف حجاج بيت الله الحرام يوم عرفة ليقرأوا خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم فقط وليتفكروا في كيفية تطبيقها في حياتهم لكفتهم عن آلاف الخطب والكلام الآخر.





د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي