بمناسبة عيد الأضحى المبارك نقول للجميع كل عام وأنتم بخير، وعيدكم مبارك، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وجعلنا وإياكم من الفايزين والعايدين.
القادة أنماط عديدة، تجدهم في البيت والديوانية والعمل وفي الحياة العامة، والقائد يختلف بطبيعته عن المدير، فبينما نجد المدير يتقن عمل الأشياء بطريقة صحيحة، وكما يجب أن تكون، حسبما هو متعارف عليه بكفاءة عالية، نجد أن القائد يتقن عمل الأشياء الصحيحة وبفاعلية عالية، فهو يملك رؤية وتصوراً للمستقبل، ولديه قدرة عالية على استقطاب الآخرين وتحريكهم لتحقيق تلك الرؤية، إضافة لقدرته على حشد الجهود المتناثرة هنا وهناك باتجاه ما يدور في ذهنه، تلك الرؤية وذلك التصور الذي يكون في الغالب في بطن الشاعر كما يقال.
يلتف الناس حول القائد حتى وإن لم يكن مسؤولاً رسمياً، لأنه يمتلك مهارة تحفيز الآخرين، والناس تتحفز لأسباب عدة، فمنهم من يحفزه المال، ومنهم من يحفزه المنصب، وفيهم من تؤثر فيه الكلمة الطيبة، وبعضهم تحركه كاريزما القائد، فهو يسير وفق ما يراه القائد ذو الشخصية الكاريزمية أينما اتجه، فيردد ما يقول كالببغاء، ويكتب دفاعاً عنه وعن وجهة نظره ورؤاه دون وعي أو إدراك أو تحكيم للمنطق أحياناً، فيقع في الفخ دون علمه، ويظل هكذا إلى أن يشاء الله ويكتشف كم كان غبياً عندما أسلم عقله وتفكيره ونفسه وروحه للآخرين.
هكذا هي الدنيا، هناك قادة وهناك تُبَّع، إن لم تكن قائداً، فأنت تابع بلا شك، وإن غيبت عقلت فاعلم أنك تابع لغيرك، وإن جمدت تفكيرك فإنك منقاد لسواك، وجعلت من أفكاره أفكاراً لك، ومن قناعاته قناعات لك، وانطلقت تدافع عنه بسذاجه دون اقتناع مبني على دليل أو برهان، وكل ما تملكه تصريحاً في صحيفة، أو بياناً منشوراً، أو كتاباً متداولاً، أو مقطعاً صوتياً أو مرئياً على (اليوتيوب).
إنني أقر بحاجتنا إلى قيادات في أكثر من مجال، وعلى كل المستويات، ولكن ذلك لا يعني إلغاء أفكارنا وقناعاتنا عندما تتعارض مع ما يريدون أو يشتهون، ولا بأس أن نتفق مع القائد أو السياسي أو المفكر أو الكاتب عندما يتوافق مع ما نعتقد، فهناك قواسم وهموم مشتركة، ولكن ذلك الاتفاق يجب أن يكون مبنياً على ذات الفكرة، وليست على شخصية القائل لها، فإذا كان الاقتناع مبنياً على شخصية القائل فاعلم أنك تابع، أما إذا كان الاقتناع مبنياً على المنطق والعقل السليم فأنت قائد لذاتك على الأقل.
كم أتضايق عندما أرى بعض الناس مندفعا للدفاع عن موقف أو كلمة قيلت من أحدهم، وبحماس يفوق حماس القائل لما قاله، ولربما تراجع عما قاله بينه وبين نفسه، وتحسر عن فلتة لسانه، ولكن التُّبَّع ما زالوا تبعاً، والأذناب تظل أذناباً أبد الدهر.
د.عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
[email protected]