د. وائل الحساوي / نسمات / هايد بارك شارع الخليج

تصغير
تكبير
مررت على شارع الخليج بمركز المعلومات الجديد التابع لمجلس الامة وهو مركز ضخم به مجموعة كبيرة من الشقق - بحسب ما أتصور - لكل نائب شقته الخاصة، فسرح بي الخيال فتصورت بأن مجلسنا سيتحول بإذن الله تعالى الى نفس نظام المجالس النيابية في الدول المتقدمة حيث يستطيع النائب ان يحصل على ما يحتاجه من معلومات حول أي موضوع يريد التحدث به عن طريق مركز المعلومات، وبالطبع فإن لديه 15 سكرتيرا مزودين بجميع المهارات التي يتطلبها النائب لكي يصل الى أي معلومة يريدها من دون مشقة، وستنتهي العنتريات.

عندما شاهدت الجلسة الاولى للمجلس بعد حفل الافتتاح ورأيت حجم التخبط في النقاش حول الخطاب الأميري، وهو ما وصفه بعض النواب بأنه شبيه بالكلام في «الهايد بارك»، وليت ذلك النقاش اقتصر على مناقشة مواضيع عامة نسمعها كل يوم في الدواوين لكن للأسف سمعنا كلاما جارحا بحق الوزراء والشخصيات العامة دون تثبت او أدلة مثل اتهام بعض الوزراء بأنهم وزراء تنمية الفساد وتسويات الأسرة واتهام وسائل اعلام بأنها رموز للفتنة وتبادلا للاتهامات.

وقد قام البعض بالرد نيابة عن الوزراء واستخدام عبارات عصائص، والقافلة تسير والكلاب تنبح وغيرها من العبارات الجارحة.

وقد تم إشهار الكرت الأحمر خلال الجلسة عشرات المرات وهو التهديد بالاستجواب لنصف الوزراء. لقد كان هذا التهديد يثير المخاوف لدى الوزراء في السابق لكنه قد تحول الى ما يشبه قصة الذي وقف يحذر الناس من الذئب فصدّقه الناس ثم تكرر التهديد الى درجة فقدان التهديد لبريقه.

والسؤال هو: هل الوزراء مبرأون من تلك التهم ومُعتدى عليهم؟! والحقيقة هي ان كثيرا مما قاله النواب صحيح ويردده الناس في كل مكان لكن المشكلة تكمن في:

أولا: هل الصراخ والتهديد والشتم يحقق المطلوب؟!

ثانيا: لماذا لا يسند النواب كلامهم بأدلة واضحة تقنع الشارع بجدية كلامهم؟!

ثالثا: ماذا اذا انتهى هذا التهديد والوعيد الى مجموعة من الاستجوابات ثم لم يصوت المجلس على طرح الثقة بالوزير كما شاهدنا في ستة استجوابات فشلت في الدورة السابقة، فماذا سيفعل المجلس لإجبار الحكومة على الالتزام بالقانون وتطبيقه؟!

رابعا: بالرغم من الزيادة الكبيرة في لغة الشتائم والاستجوابات الا ان حجم الفساد يزداد كذلك، وهو ما يضع علامات استفهام كبيرة حول حقيقة ما يجري تحت قبة عبد الله السالم وان كان هنالك تمثيلية يمارسها بعض النواب مؤيدين ومعارضين، فلا يمكن ان يكون كل ذلك التهديد والوعيد ثم يقابله برود أعصاب حكومي.

خامسا: لئن فرحنا بإفشال بعض الاستجوابات السابقة لعدم مصداقيتها ولشخصانيتها الا ان توجه المجلس الى إفشال جميع الاستجوابات حتى ولو كانت ذات وجاهة ومصداقية، يلقي بظلال قاتمة على حقيقة توجه بعض الاعضاء ويدل على انهم يمثلون طابورا خامسا حقيقيا.

سادسا: تصريح بعض الاعضاء حول المجلس مثل طلب استخدام الخيزرانة ضد البعض ومطالبة البعض بتقصير عمر المجلس وبألا تبكي عليه أمّه، هذه التصريحات تدل على فقدان ثقة الاعضاء بمجلسهم وان ما يفعلونه هو خطوات جادة للقضاء عليه فمثلهم كمثل الذي حاول الانتحار مرارا، فلما سئل: لماذا تفعل ذلك؟ فقال: لكي يأتي بعدي من لا يحاول الانتحار!!





د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي