محمد صالح السبتي / الفرق بين النقد المباح والإهانة والسب الممنوع (ثانياً)

تصغير
تكبير
كنا قد تناولنا في مقال سابق بنظرة عامة بعض نصوص قانون الجزاء وقانون المرئي والمسموع للتفرقة بين الحرية في الانتقاد وبين (قلة الأدب) أو السب والقذف، وإليك عزيزي القارئ استكمال هذه النظرة.

ما الفرق بين النقد المباح والسب أو القذف الممنوعين قانوناً:

«ان حرية الصحافي في النقد والتعبير عن الرأي لا تتعدى حرية الفرد العادي ولا تجاوزها إلا بتشريع خاص، فعليه أن يلتزم في ما ينشره بالمقومات الأساسية المنصوص عليها بالدستور في حدود القانون من احترام الحياة الخاصة للمواطنين وعدم المساس بشرفهم وسمعتهم واعتبارهم».

«إلا أن الصحافي له في النطاق المشروع ولغيره من الأفراد أن يعبر عن رأيه ومعتقده في الأمور كافة التي تهم المجتمع فله أن ينقد أي تصرف أو عمل أو رأي يصدر من شخص... ولا يحده في ذلك إلا المحاذير التي نص عليها القانون».

«تتسع دائرة المشروعية والإباحة، في النقد، إذا كان الموجه إليه النقد شخصية عامة تنوب عن المجتمع... باعتبار أن النقد في هذه الحال يصب دائماً في خدمة المجتمع ما دام محوره الأعمال التي تضطلع بها الشخصية العامة».

«... وبالتالي لا يخرج عن النقد المباح بالنسبة لصاحب هذه الشخصية إلا التعرض لأحواله الشخصية...».

هذه العبــــارات السابقة كلها مقتطفة من حكم محكمة التمييز رقم 2003/408، ومع أنني أجزم أن الفرق بين ما هو مباح من نقد وما هو ممنوع من إهانة أو سب واضح في ذهن كل عاقل، إلا أنني اقتطفت هذه العبارات من حكم محكمة التمييز لزيادة ايضاحها وفي الخلاصة أن النقد مهما اشتدت عبارته وقست يبقى مباحاً وفق أحكام الدستور والقوانين المنظمة، وأن إهانة الأشخاص أو سبهم أو الحط من كرامتهم ممنوع قانوناً ومعاقب عليه حتى بالحبس أياً كان الذي وقع في هذا الفعل وأياً كان الشخص المجني عليه. هذه هي المقدمات فما النتائج؟

- إن فرقاً واضحاً لا يقبل الخلاف بين النقد المباح مهما كان قاسياً أو شديداً وبين السب وإهانة الآخرين والحط من كرامتهم والاستهزاء بهم.

- ان الواجب على نواب الأمة والنشطاء السياسيين احترام القانون والبعد عن لغة الاسفاف فقد تقبل هذه اللغة من مجموعة أصدقاء في ديوانية لكنها من المستحيل أن تقبل من عضو مجلس أمة أو سياسي أو صحافي فبقدر الحق يكون الواجب، وبقدر المسؤولية تكون المحاسبة... فانحدار لغة الخطاب وإسفاف القول غير مغفور لمثل هؤلاء.

- إن الدستور والقانون الذي كفل الحريات وحق الانتقاد هو ذاته الذي جرم الاعتداء على الآخرين أو إهانتهم، كما أن حق اللجوء للقضاء ليس حكراً لأحد فمن اعتقد أن شخصاً اعتدى عليه بالقول أو الإهانة له حق مقاضاته سواء كان مسؤولاً، أو وزيراً، أو رئيساً للوزراء، أو فرداً عادياً.

- انني أجزم أن كثيراً من التصريحات أو ما يقال في الندوات أو حتى المقالات الصحافية تشكل بلا أدنى شك جرائم سب وقذف بل ان بعضها يشكل جرائم أمن دولة، وأقول هذا لا تأليباً على أحد لكن لوضع الأمور في نصابها.

وفي الختام فان التيار الوطني أو الإصلاحي أو مريدي الإصلاح عليهم أن يظهروا للمجتمع بصورة لائقة وأن يحترموا القوانين وأن يكونوا قدوة لغيرهم في أسلوب الحـوار وانتفاء الكلام لأنهم قد يصابوا بأسهم كلامهم ذاته.





محمد صالح السبتي

كاتب كويتي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي