يحدثني بعض الاخوة عن ولاية أميركية في السبعينات تميزت عن بقية الولايات التي تحدد سرعة (55) ميلاً في الساعة على طرقها السريعة، فكان الداخل لهذه الولاية يواجهه إعلان كبير (اختر سرعتك التي تريدها) وكان الكثيرون يفرحون لدخولهم هذه الولاية لكي يطلقوا لسياراتهم العنان في سرعات جنونية.
بالطبع لم تستطع تلك الولاية الصمود بسبب كثرة الحوادث والمآسي فاضطرت الى اللحاق بركب الولايات الأخرى وتحديد سقف السرعة.
في الكويت كنا في السابق فرحين بأن ديرتنا تسير من دون قوانين، والكل يكسر القانون دون خوف من العقوبة، لكن اكتشفنا متأخراً بأننا جميعاً خسرنا عندما أصبحت شريعة الغابة تحكمنا، أو كما يقول المثل الكويتي (الحديث): «في كل بلدان العالم الناس يطالبون الحكومة بعدم تطبيق القانون، أما في الكويت فالناس يطالبون الحكومة بتطبيق القانون بينما تمتنع الحكومة».
لقد كانت كلمات سمو أمير البلاد في دور الانعقاد الثالث لهذا الفصل التشريعي قوية وواضحة لا لبس فيها: «البعض استغل أجواء الحرية في التطاول على ثوابتنا الوطنية... حتى أصبحت أساليب الإثارة والتشكيك والانفلات والتصرف غير المسؤول بديلاً عن الاحتكام للقانون... مما زج البلاد في أتون الصراعات السياسية والدينية».
ثم دخل سموه بالتفاصيل حيث قال: «ولعل مكمن الخطورة في هذا الأمر عندما يلجأ البعض الى تناول القضايا الكبيرة والحساسة فيقول ما يشاء لمن يشاء وفي أي وقت يشاء بلا دليل ولا بينة... وللأسف أن يأتي الخروج عن الاطر القانونية ممن يفترض فيهم المسؤولية والحكمة والقدوة».
أخيراً فقد وضع سمو الأمير النقاط على الحروف وقال: «إن أمانة المسؤولية تستوجب منا المبادرة الى اتخاذ حزمة من الإجراءات الجادة التي لن يستثنى منها أحد بما فيها التشريعات التي تستهدف وضع حد لمظاهر الانفلات والفوضى والممارسات العبثية التي تهدد الأمن الوطني» ونحن نقول لأميرنا: نعم يا سمو الأمير ضع حداً لذلك التطاول والتجاوز على القانون وستجد بأن غالبية شعبك تؤيدك وتشد على يدك ما دمت متمسكاً بتطبيق القانون.
ماذا حدث؟!
لم تكد كلمات المسؤولين عن طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة تصعد الى السماء حتى سمعنا عن أربعة استجوابات جاهزة لتقديمها للوزراء، وشاهدنا الحكومة تستغل ثقلها في المجلس لتنسف لجنة الشباب والرياضة بطريقة فجة وكأنما تقول لنواب المجلس: «أريد التعاون معكم ولكن بطريقتي الخاصة»!
د. وائل الحساوي
[email protected]