الحريري التقى جعجع ... ونصرالله وعون وسط حركة للسفيرين الإيراني والسعودي

لبنان في «إقامة جبرية» بانتظار التحركات الإقليمية و«أوساط سياسية» تلمح إلى «طائف جديد»

تصغير
تكبير
| بيروت - من وسام أبو حرفوش |

... اذا اردتَ ان تعرف ماذا «سيجري» في بيروت، فعليك ان تنتظر ما يجري بين دمشق والرياض وطهران والقاهرة وأنقرة وواشنطن وباريس ولندن. فزيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد لبيروت، الاربعاء والخميس الماضيين، كانت بمثابة «جزء من كل» في «بازل اقليمي» من حول لبنان، تنشط عمليات «فكه وتركيبه»، على النحو الذي املى، وحتى إشعار آخر، تعليق «اللحظة اللبنانية» وتركها فوق الصفيح الساخن في انتظار تطور ما «مجهول باقي الهوية».

فبيروت «الواقفة على حبل مشدود»، مأخوذة بتقفي آثار الحراك الـ «ما فوق عادي» الذي يدبّ على طول خطوط العرض والطول في المنطقة... ففي اللحظة التي كانت منهمكة في «هضم» نتائج زيارة نجاد بـ «طبعتيْها» اللبنانية والاقليمية، دهمتها زيارة الرئيس بشار الاسد للرياض اليوم، وبدت كأنها في «إقامة جبرية» تراقب حركة الطيران التي من المتوقع ان تقل ايضاً رئيس الوزراء العراقي القديم ـ الجديد نوري المالكي الى عمان وربما الى طهران بعدما كان حط في دمشق اخيراً.

والاكثر اثارة للانتباه، انه وبالتزامن مع استيطان لبنان «عين العاصفة»، ذكرت «وكالة الانباء المركزية» امس، معلومات نسبتها الى «أوساط سياسية» تتداول بـ «طروحات وصيغ حل للازمة اللبنانية تنطلق من سبل تجنيب البلاد فتنة، على قاعدة ان الوصول الى ذلك ممكن من خلال مخرج سياسي ترعاه الدول المعنية بالوضع اللبناني، اي اميركا والسعودية وسورية ولا تكون ايران بعيدة عنه، ويتمحور حول صيغة حل «طائف جديد» يعقد على الارض اللبنانية في بيت الدين او في مركز الامم المتحدة القائم على الحدود الفاصلة بين جزيرتي قبرص الساعيتين الى الوحدة من جديد.

ووفق الاوساط عينها، فان «الصيغة» او «الطائف الجديد» يفترض ان يقوم على الوصول الى استراتيجية دفاعية تترافق مع تسليم المقاومة و«حزب الله» السلاح الموجود في حوزتهما الى الدولة اللبنانية، مقابل ان يسعى المجتمع الدولي والمعنيون بالمحكمة الدولية من لبنانيين وعرب واجانب، الى امتصاص مفاعيل القرار الظني وتجنيب لبنان ارتداداته وفي شتى السبل والطرق الممكنة.

واضافة الى ذلك، يسعى اللبنانيون من جهتهم الى ادخال بعض التعديلات الدستورية المطلوبة على اتفاق الطائف وبعض بنوده التي يعوق استمرارها عمل السلطات وقيام الدولة.

وتشير الاوساط، حسب «المركزية»، الى ان الساعين الى قيام الصيغة الجديدة ولدى استطلاعهم اراء الدول المعنية في الوضع اللبناني في ما يسعون اليه، وجدوا ترحيبا بل تفاجأوا بالتسهيلات والاستعدادات التي ابديت للمساعدة، حتى انهم لمسوا بل تأكدوا، من الرغبة التي ابديت في ابعاد شبح الفتنة المذهبية عن الساحة اللبنانية لعلمهم ان نارها سرعان ما ستصيب ساحاتهم المهيأة بدورها للاشتعال.

هذا «الكلام الكبير» جاء في اللحظة التي يعكف طرفا الصراع الداخلي (8 و14 مارس) على تقويم نتائج زيارة احمدي نجاد من جهة وعلى الاستعداد لملاقاة جلسة مجلس الوزراء الاربعاء المقبل، المخصصة لمقاربة «لغم» ما يعرف بـ «شهود الزور» بعدما كان ارجئ «العبث به» عشية زيارة نجاد لبيروت لضمان إمرارها.

وكان لافتاً في هذا الاطار الوقائع الآتية:

• لقاء بين الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله وزعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، «توّج» ببيان شدّد على «أهمية الزيارة التاريخية للرئيس الايراني للبنان»، وأكد نجاحها الرسمي والشعبي وانعكاسها لمصلحة البلدين.

• لقاء بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس الهيئة التنفيذية لـ «القوات اللبنانية» سمير جعجع، تطرق الى نتائج زيارة نجاد، والى الموقف من القضايا المطروحة لا سيما تلك المتعلقة بـ «شهود الزور» والمحكمة الدولية.

• الحركة البعيدة عن الاضواء التي يقودها الزعيم الدرزي وليد جنبلاط شخصياً او عبر الوزير غازي العريضي الذي كان زار دمشق والرياض، وتهدف الى وقف الجنوح نحو المواجهة في مجلس الوزراء وفي البلاد عموماً.

وكشفت مصادر وزارية في هذا السياق، أن ثمة جهوداً كبيرة تبذل من أجل تعطيل صواعق التفجير في الملفات العالقة لا سيما ملف ما يسمى شهود الزور، المرتقب طرحه على الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء ما لم يطرأ ما يدعو لتأجيلها.

وتلفت المصادر الى أن «الجهود التي بذلت في المرة الماضية لتجنب التصويت على الملف تبذل اليوم في الاتجاه نفسه وللغرض نفسه إفساحاً في المجال أمام تثبيت مناخ من التهدئة».

في موازاة ذلك، كانت لافتة امس الحركة الديبلوماسية في اتجاه مفتي الحمهورية الشيخ محمد رشيد قباني الذي استقبل، كلاً على حدة، سفيريْ السعودية وايران في بيروت علي عواض عسيري وغضنفر ركن أبادي.

ونقل عسيري الى قباني، «حرص السعودية على تعاون اللبنانيين جميعا لوأد الفتن وبث روح الأمان والطمأنينة في نفوس اللبنانيين وتعزيز وحدتهم بالحوار والتلاقي لتجنيب وطنهم الانقسامات والصراعات التي لا تعود عليهم إلا بالخسران والضرر».

اما أبادي فناقش مع مفتي الجمهورية أجواء زيارة نجاد للبنان ونتائجها «التي اتفقنا على أهميتها وآثارها الإيجابية على الساحة الداخلية اللبنانية». وقال: «اتفقنا على بعض الأمور لترسيخ الوحدة اللبنانية بشكل خاص نظرا إلى ما طُرح من جانب الرئيس أحمدي نجاد في لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين».

وهل أتى الرئيس الايراني إلى لبنان حاملا مبادرة وضعها في تصرف رئيس الحكومة سعد الحريري؟ أجاب: «الموقف العام الذي طرح قبل الزيارة وخلالها هو تأكيد إيران لوحدة كل لبنان، وترسيخ هذه الوحدة هو من أهم المبادرات لاجتياز هذه المرحلة».

واذ اوضح ان الزيارة «حققت مزيدا من القوة للبنان بكل أطيافه وطوائفه ومذاهبه وأديانه»، شدد على «ان ايران بجانب لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته»، مضيفا «إن شاء الله، الشعب اللبناني سيشهد النتائج الايجابية لهذه الزيارة لإزالة أي نوع من الانقسام الذي لا نعتقد أنه موجود من الأساس في المجتمع اللبناني».

وعن إمكان أي مواجهة في الشارع، قال: «لا مواجهة في الشارع حاليا وهو الأمر الأساسي الذي تؤكده إيران دائما. وكل لبنان ينبغي أن يكون متماسكا ومتضامنا».

وفي المواقف اللبنانية، برز تجديد وزير الدولة عدنان السيّد حسين (من فريق رئيس الجمهورية) الذي تخضع مواقفه في موضوع شهود الزور لمعاينة دقيقة من فريق «14 مارس»، تأييده إحالة الملف على المجلس العدلي، وفق ما يطالب به فريق «8 مارس»، سائلاً: «أليس إيقاع الفتنة بين سورية ولبنان، وإشعال الفتنة داخلياً سبباً كافياً لإحالة هذا الملف على المجلس العدلي»؟

وفي اشارة ذات دلالات، قال السيد حسين رداً على سؤال عن مصير مدّعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا في حال أحيل ملف شهود الزور على المجلس العدلي: «لو كانت هناك نيابة عامة تمييزيّة تتحرّك تلقائياً لما وصلنا إلى ما نحن إليه»، مضيفا: «في حال إحالة ملف شهود الزور على المجلس العدلي، على مدّعي عام التمييز أن يتنحّى تماماً كما تنحّى رئيس المحكمة الدوليّة أنطونيو كاسيزي، كونه (ميرزا) مدّعى عليه في هذه القضيّة (من اللواء جميل السيد وهو مشمول بمذكرات التوقيف السورية)، وهذا الحل هو وفق ما ينص عليه القانون».

من جهته، أشار وزير التربية والتعليم العالي حسن منيمنة (من فريق رئيس الحكومة) إلى أنه «سيتم طرح موضوع شهود الزور في جلسة مجلس الوزراء مجدداً وسيدور النقاش حوله، علماً أن مواقف الرئيس ميشال سليمان والنائب وليد جنبلاط تدعو إلى تجنب الدفع نحو التصويت في هذه المرحلة من أجل استكمال الحوارات».

وتطرق منمينة الى زيارة احمدي نجاد، فلفت إلى أن «العلاقة التي تربط «حزب الله» بإيران معروفة من الجميع لاسيما لجهة الدعم المالي الذي توّفره طهران للحزب».

وقال رداً على سؤال عن الكلام عن لقاء مرتقب بين الحريري ونصر الله: «لا أعرف مدى دقة هذه المعلومة، لكن يجب أن تحصل هكذا لقاءات بين القيادات، ونحن من جهتنا نرحّب بأي حوار مع السيد نصر الله ومع كل الفرقاء، وبالتالي هكذا لقاء مرتبط بالفريق الاخر».

وأشار النائب عمّار حوري (من كتلة الحريري) الى أن «الهدنة مستمرة وسط الإصرار على الايجابيّة والانفتاح بعيداً عن التشنج»، موضحاً أن «الهدنة ضرورية لأن أي بديل آخر سيؤدي الى ما لا نريده».

وعن جلسة مجلس الوزراء، توقع أن «تكون هادئة»، وقال: «وزراء الأكثرية سيذهبون بكل انفتاح مسلحين بتقرير وزير العدل إبراهيم نجار، ونتمنى ألا نصل إلى التصويت بل ان نعتمد الحوار والنقاش الهادئ».

وانتقد النائب عن حزب «الكتائب اللبنانية» نديم الجميّل تصريحات الرئيس الايراني التي ألقاها خارج الاجتماعات الرسمية. وقال: «ما حذرنا منه قبل اكثر من سنة يؤكد موقفنا المبدئي من حزب الله وتبعيته لإيران ولولاية الفقيه».

واذ اكد «ان لبنان ليس ولاية لا إيرانية ولا محافظة سورية»، استنكر كلام احمدي نجاد حول الإمام المهدي المنتظر وان السيد المسيح سيكون رفيقا وعونا له، قائلاً: «ليس هو المخول تحديد مراتب الانبياء والرسل، أو إذا كان الله بخدمة الانسان أم الناس بخدمة الانبياء». واضاف: «نأسف لهؤلاء المسيحيين التابعين لهم والذين يعتبرون أنفسهم مسيحيين ولم يحرّكوا ساكناً».

ورأى نائب «القوّات اللبنانية» انطوان زهرا ان احمدي نجاد قام بزيارتين للبنان «واحدة للاوساط الرسمية، وثانية لدولة «حزب الله»، وفي الاخيرة ذهب بمنحى تأكيد مشروع ولاية الفقيه وان لبنان يجب ان يكون جزءاً من محور إقليمي يضمّ فلسطين ولبنان وسورية وايران والعراق وتركيا».

واعتبر «ان هذا الخطاب والتجاوب معه وإعلان السيّد حسن نصر الله العودة الى لاءات الخرطوم هو إنهاء للحوار الوطني حول الإستراتيجية الدفاعية وتأكيد لإستراتيجية المواجهة العقائدية مع إسرائيل والغرب إنطلاقاً من لبنان».

في المقابل، وصف النائب علي بزي (من كتلة الرئيس نبيه بري) زيارة الرئيس الايراني بـ «التاريخية والاستثنائية والناجحة بامتياز»، لافتا الى «ان البعض حاول التشويش على هذه الزيارة، لكن هذا التشويش أكسب الزيارة أهمية أكثر وساهم بإنجاحها».

واكد في موضوع ملف «شهود الزور» ان المجلس العدلي هو المختص النظر فيه. وقال: «سنذهب الى مجلس الوزراء لنقول بروية وهدوء ما قلناه في الامس القريب ولنجدد تأكيد ان فتح هذا الملف هو شبكة خلاص اللبنانيين».

وأكد الوزير السابق وئام وهاب ان «للرئيس سعد الحريري دوراً أساسياً يجب عليه أن يضطلع به كرئيس للحكومة، وهو لا يستطيع أن يبقى ضمن دور المتفرج، وهذا الأمر لا يخدمه ولا يخدم لبنان»، مشيرا الى انه» إذا بقي الحريري متفرجاً سينعكس الأمر سلباً على كل الأوضاع في لبنان، خصوصا واننا في سباق مع الوقت، وكل اللبنانيين اليوم أيديهم على قلوبهم والخوف يكبر لديهم من التطورات الآتية».

وشدد على أن «هذا الأمر يجب أن يجد معالجة جدية ومخرجاً سريعاً لأنه لا يمكن الانتظار كما يقول البعض، إلى ما بعد صدور القرار الظني، لأنه بعد ذلك لا يمكن أن نصل إلى مخارج».

ولفت وهاب بعد استقباله في حفل غداء سفيرة المانيا وسفير رومانيا والقائم بالأعمال البريطاني، أن «للاوروبين دوراً كبيراً يستطيعون أن يلعبوه عبر تخفيف استهداف لبنان من خلال القرار الظني المزمع إصداره من المحكمة الدولية المزورة»، كاشفاً انه أوضح للديبلوماسيين الغربيين الذين التقاهم «خطورة أن يتم استهداف لبنان من خلال القرار الظني لان ذلك لا ينعكس فقط على صعيد الفتنة في لبنان بل ينعكس على كل شيء، ابتداءً من القرار 1701 إلى كل تفاصيل الوضع اللبناني».

واشار الى ان «هناك مساعي لبنانية لان يوضع الأمر في إطاره الصحيح وذلك عبر محاكمة شهود الزور وتحويل المسألة على المجلس العدلي».





الأسد يلتقي خادم الحرمين اليوم



الرياض - ا ف ب، يو بي اي - يقوم الرئيس السوري بشار الاسد بزيارة الى الرياض اليوم، يلتقي خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.

وافادت «وكالة الانباء السعودية»، امس، ان الاسد والملك عبد الله سيعقدان اجتماعا سيتم خلاله «بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، اضافة للقضايا الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وعن زيارة الأسد للرياض، قال مصدر في الرياض، ان «العلاقات السعودية - السورية «مهمة» على الصعيدين الثنائي والإقليمي».

وعن أهمية الزيارة على الوضع القائم في بيروت، أبدى المصدر «تفاؤله بمسار العلاقات السعودية - السورية التي تنعكس إيجابا على لبنان».

وكان الملك عبد الله قام في نهاية يوليو يزيارة لدمشق استمرت يومين وانتقل منها بصحبة الاسد الى بيروت، حيث قام الزعيمان بزيارة قصيرة للبنان اعتبرت «تاريخية» وهدفت الى ارساء تهدئة سياسية.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي