علي سويدان / العب بالساحة ... ياكويت

تصغير
تكبير
هكذا يتألق المتميزُ ويكسبُ حب الآخرين وودَّهم، ويجذب أنظارهم ويشدُّ قلوبهم نحوه، فلا يختلفُ عاقلان أن المتميز في جانب من جوانب الحياة مع أنه يحصد تأييداً كبيراً واهتماماً بين الناس لكنَّ هذا المتميز أو المتألق هو في الوقت ذاته سبب في إيقاظ الغيرة والحسد في قلوب أصحاب النفوس المريضة، فالعاجزون عن الارتقاء إلى سفينة المتميزين ربما يعملون على إغراقها أو يسعدون لذلك! لقد خطتِ الكويتُ في تاريخها المعروف للجميع خطوات حقيقية في مجال الحرية السياسية والنهضة الثقافية في القرن المنصرم؛ وقدَّمت للعرب دون غيرهم صورة يُحتذى بها في ممارسة الحرية في إبداء الرأي، وفتحت الباب للعرب جميعاً فكانت مآلاً وملاذاً لكل عربيٍّ ضاقت به بلاده، وما زالت الكويتُ مثالاً في الحفاظ على ما وصلت إليه رغم محاولات النيل من تلك الخطوات، فقد أصرت بقيادتها وبالخيِّرين من أبنائها أن تُمسِكَ بزمام الانتماء الصادق لعروبتها رُغم أنها ذاقتْ في ما مضى كأساً من التجربة القاسية من جارٍ فتحتْ له القلبَ وشدَّتْ ساعدَه، ادعى العروبةَ وسلك بها مَسْلَكَ الشقاء، وجرَّ لنفسه وللمنطقة ما أضرَّ بمستقبلٍ كنّا نعلِّقُ عليه نهضةً خليجية وعربية أشرقتْ بوادرها من الكويت، واليوم ما زالت الكويتُ ترسمُ بأدائها سياسة يحكُمُها الاعتدال والتوازن في العلاقة مع الآخر؛ فقد مرَّت في محاولاتِ استنشاطٍ لحفيظتها تجاه إيران ومفاعلها النووي، ولعل من المقلق ومن التحسُّب بمحل أن يكون مفاعلٌ نووي لدولة ما على مقربة من دولة أخرى؛ والفترة السابقة لم تخلُ المنطقة من إثارةٍ للمخاوف من النووي الإيراني ومن إيران التي حارَبَها العراقُ وحاربَتْهُ ثماني أعوام والمستمرة في تصريحاتها عن زوال إسرائيل، مُستَذْكِرينَ أنَّ إيران لم تطلق رصاصة واحدة على إسرائيل منذ وصول الزعيم الديني الخميني إلى رأس السلطة الدينية فيها، وبالتأكيد نحن العرب لا نطلب إثارة أيَّ عداء بين إيران وإسرائيل؛ فإسرائيل لم تعتدِ يوماً على إيران ولم تحتل لها أرضاً لكن القضية لا تتعدى مسألة سجالٍ خطابي وتصريحٍ سياسي، فليس من المنطق أن نطلب نحن العرب من أحد أن يحلَّ لنا مشكلاتنا إلاّ إذا كنا غائبين عن الساحة أو قبلنا إلغاءَ أنفسِنا وإعلانَ تبعيَّتنا للغير، فرغم كلِّ ما سبق ذِكْرُهُ فإنَّ الكويت أدارت تلك القضية المثارة بحكمة رصدها الجميع وكانت صاحبةَ الاتزان الواضح في خطابها وفي نمط سياستها على أرض الواقع، بعيدة كُلَّ البعد عن تصريحات منحازة أو استجابات غير مدروسة، لذلك ولمعطيات أخرى منها تمسكها بوسطية علاقاتها مع أشقائها العرب، وبحكم موقعها الجغرافي، ووعيها في علاقتها مع عراقٍ جديد، كلُّ ذلك دفع الكويتَ نحو دور عربي ظهرت آثاره في بناء جسور بين أشقاءَ عرب، ورشَّحها كي تلعبَ دورها المتواصل في بدايات هذا القرن مُتمِّمَةً خطواتٍ بدأتْها وسجَّلها التاريخُ تجاه علاقات عربية - عربية تصبُّ في مصلحة الأمة وقضيتها المركزية.



علي سويدان

Swaidan8@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي