اعتبره البعض تأثراً بالمسلسلات التركيَّة

«الجنس» يغزو الدراما السوريَّة

تصغير
تكبير
| دمشق - من عامر عبدالسلام - (إيلاف) |

في وقت تربَّعت فيه الدراما السوريَّة على عرش الأعمال الفنية العربيَّة من خلال تميُّزها في وصف الحياة البيئيَّة والتَّاريخيَّة، جاء طرحها للمواضيع الاجتماعيَّة بشكل وصف بالجريء ليثير الكثير من البلبلة حيث إعتبرها البعض تقليدًا للمسلسلات التركيَّة الَّتي انتشرت على القنوات العربيَّة، وأنَّها تعتمد الإثارة والإيحاءات الجنسيَّة لاستقطاب الجمهور.

«أصبحنا نخجل من متابعة الدراما السوريَّة مع أولادنا، فبعد أنّْ كانت الدراما تتجه إلى كل العائلة بتنا نتهرب من مشاهدتها مع الأولاد خوفًا من أسئلتهم عن مضمونها» هذه العبارة جاءت على لسان مغتربة سوريَّة مقيمة في ألمانيا بعد مشاهدتها لعدد من المسلسلات السوريَّة الَّتي أثارت هذا الموسم إشكالات متعلِّقة بتناولها لموضوع الجنس في أغلب أعمالها وبمستويات مختلفة.

المخرج السوري فراس دهني قال لـ «إيلاف»: «باعتقادي أنَّ الجرأة المطروحة في الدراما السوريَّة لها فوائد، لأنَّ الدراما تلعب دور المثقف الجنسي الذي لا تلعبه الجهات الحكوميَّة خصوصًا المدارس والجامعات، وهذا الشيء له وجهان فإمَّا أن يصل بشكل صحيح، أو أنّْ يتمَّ استغلاله بشكل سيئ والأمر متعلق بثقافة الكاتب وطريقة معالجته، ومتعلق أيضًا ببقية طاقم التنفيذ من شركة ومخرج وممثلين، فالمسؤوليَّة مشتركة بين الجميع، إلاَّ أنَّ الفضائيَّات الَّتي تعرض هذه الجرأة هي صاحبة السلاح الأقوى».

أما الدكتورة في قسم الإعلام، هزار الجندي، والتي شاركت المخرج فراس رأيه فقالت لـ «إيلاف»: «يفترض من الدراما السوريَّة عندما تتطرق في موضوعاتها إلى التابوهات، أو عندما تقدم أطروحات غير مقبولة مجتمعيًّا وتكون موجَّهة لفئة عمريَّة أكبر من المراهقين، وضع إشارة على التلفزيون، كما يجب أنّْ يعي الأهل ما يشاهده أولادهم سواء من الأفلام الغربيَّة أو المحليَّة».

وأشارت الجندي إلى أنَّها شخصيًا مع اختراق التابوهات لأنَّها ما دامت غير معلنة، فسيرسم الفرد أوهامًا غير حقيقيَّة في ذهنه ويضع لها صورًا خاطئة، مما يصعِّب عليه التعامل معها بشكل صحيح عند اصطدامهم بها في الواقع، ويجعل وقوعه في الأخطاء واردًا بشكل كبير، خصوصًا أنَّ معظم الأسر العربيَّة تتعامل مع أبنائها بمنطق التابوت وعمليًّا يوجد الكثير من المواضيع غير المطروحة للنقاش بالعائلة»، منبهة من خطورة الانفتاح الجنسي في مجال الدراما بشكل فاضح، خصوصًا وأنَّ أغلب الأعمال لا تقدم الحد الأدنى من الحلول وتترك الأمور معلَّقة مما تزيد الشك في ذهن المتلقي.

وأكد المخرج، مظهر الحكيم، على أن الدراما السوريَّة شكلت نقلة نوعية في مجال الحرية، ولكن يجب أنّْ يراعي العمل المقدَّم المصلحة في توعية الشَّباب أساسًا، ونحن في سورية لا نحاكي الأعمال الغربيَّة أو بعض الأعمال المصريَّة، ولنا مدرستنا الخاصَّة بالإبداع والصفاء، وباعتقادي اننا استطعنا الانتقال الى نوعيَّة من الأعمال الموجَّهة لتوعية الأفراد وتربيتهم».

من جانبه، شدد عميد المعهد العالي للفنون التَّمثيليَّة الدكتور عجاج سليم على خطورة نتائج المجتمعات المقموعة والمكبوتة، والمجتمع العربي لا يسمع مشاكله الجنسيَّة إلاَّ خفاءً من خلال جرائم الاغتصاب والكبت، ودائمًا كانت تستوقفنا التابوهات، فلماذا لا نناقشها، ولماذا التحفظ؟ أليس من الأفضل للطفل أنّْ يتعلَّم من خلال الدراما بعض الأمور الجنسيَّة؟ ولماذا نقيم الدنيا على مسلسل يقول لنا: انتبهوا؟ أظن أنَّه لا يجب نسف العمل كاملاً بمجرد مرور بعض اللقطات والمشاهد الخادشة للحياء».

ودعا سليم أنّْ يكون لكل مسلسل يتطرق للجنس مستشار تربوي لمعرفة الكيفية الَّتي يجب أن يطرح الموضوع على كل الأعمار.

وأضاف عجاج سليم «بعد فشل معظم الأحزاب السياسيَّة في التَّعبير عن الواقع السوري جاءت الدراما لمقاربة الواقع أكثر، كما انَّ الانتقاد الذي واجه الدراما السوريَّة بأنَّها مجتهدة فقط بأعمال البيئة الشَّاميَّة والتَّاريخيَّة، وأنَّها لا تستطيع عكس واقعهم من خلال الدراما، هو ما دفع الكتاب إلى التَّعبير بجرأة عن الواقع، ولا أظن أنَّها تجاوزت الخطوط وإنما تعمل في المجال المتاح لها فهي بالنهاية ابنة بيئتها».

من جهتها، اعتبرت الفنانة، جيهان عبد العظيم، انَّ الأدوار الجريئة تعطي مساحةً كبيرةً للممثل كي يخرج كل طاقاته كما انَّها تترك الانطباع لدى الجمهور أكثر من بقية الأدوار، مما يغري الممثل عملها.

وعلى الاتجاه المعاكس رأى الدكتور، حسان عوض، في كلية الشريعة انَّ «الإعلام المرئي يفتقر لمراقبة التربويين وتدخل أصحاب التوعية الاجتماعيَّة والثقافيَّة والأخلاقيَّة، فأصبح يعرض بلا حرج أو رقيب بعض الأمور غير اللائقة لأطفالنا وشبابنا، لذا على أهل التربية والاختصاص التدخل لتأييد ما ينفع و تصحيح ما يسيء لأخلاق المجتمع».

وأضاف عوض «أرى أنَّ التَّوعية المنزليَّة مهمة في ما يتعلَّق بالبرامج المفيدة بمجالستها أمَّا البرامج البعيدة عن منهج التَّربية كبرامج العنف ومسلسلات الفساد الخلقي فينبغي منعهم منها من قبل الأهل، لما في ذلك من تدمير الأخلاق وتفجير منابع الشر لدى الأطفال».

وأوضحت الدكتورة، منال الشيخ، من قسم التربية أن «الدراما السوريَّة اختلفت عما كانت عليه سابقًا من حيث جودة الأعمال الفنيَّة، وأصبحت الأعمال تطرح المشكلات بشكل أكثر واقعيَّة وتصوير المعاناة الَّتي يعيشها السوري بجرأة غير معهودة ما ينعكس سلبًا في كثير من الأحيان على الأطفال ومدى فهمهم وإدراكهم للمشاهد أو المواقف الحياتيَّة المعروضة، ويظهر الوجه السلبي في تقمص الطفل لشخصيَّة البطل ومحاكاتها في معالجة مشكلاته»، ولم تنس الشيخ في التوقف عند سلبيَّات الجرأة اللفظيَّة والكلمات المبتذلة والسوقيَّة الَّتي حاول بعض الممثلين التلفظ بها لإثارة المرح والتسلية دون وعي منهم بانعكاس ذلك على الطفل.

أما الجمهور فكان بين مؤيد لهذا الطرح الجريء، ومعارض له، فرأى خالد وهو مهندس أنَّ «الجرأة في تناول المواضيع الجنسيَّة في مسلسلات رمضان هذا الموسم جاءت كضريبة للأعمال التركيَّة الَّتي يدبلجها السوريون أنفسهم فبدأوا في محاكاتها، موضحًا أنَّ ثقافة مهند ونور قائمة على تعليم الدعارة المنظَّمة لجيل جديد وعصر منفتح جنسيًّا».

وخالفه أحمد (بائع) بالقول إنَّ «هناك توجها من قبل شركات الإنتاج الممولة خليجيًّا لنشر ثقافة الجنس في سورية، لإهانة الفتاة السوريَّة ووضع ميزات وتسعيرة خاصَّة بها لأهل الخليج، وأنَّ التوجه كان قبل زيارة يحيى ولميس للعائلات العربيَّة.

وذهب سليمان (صائغ) إلى أنَّه من المضحك القول بإنَّ رسالة الفن هي نقل الواقع إلى الناس، الكلام الذي يتحجَّج به أغلب الكتَّاب وبنفس الوقت فهم يقومون بتحويل مدينة دمشق إلى مدن مثل شيكاغو ونيويورك متسائلاً عن أي واقع يتحدث هؤلاء.

وعاتبت سلمى (مربية منزل) الرقابة السوريَّة واعتبرتها المسؤولة عن الإساءة للمجتمع، معتبرةً أنَّه لا يحق للجمهور معاتبة المنتجين باعتبارهم تجارا يسعون للربح.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي