د. وائل الحساوي / نسمات / الهند بلد العجائب

تصغير
تكبير

لقدكانت هذه هي المرة الاولى التي اسافر بها إلى الهند، وهي بلد عجيب لايكاد احد يجهل اهله الذين يجوبون العالم كله في هجراتهم المتوالية وانتشارهم في الارض، واشد ما لفت انتباهي هو التعايش الكبير بين اهله في سلام بالرغم من  تنافر دياناتهم ولغاتهم وعاداتهم وطوائفهم، فمنهم من يعبد البقر ومنهم من يعبد الحجر ومنهم من يعبد المسيح عليه السلام ومنهم المسلم الموحد ومنهم السيخي، ولكن النظام الديموقراطي الذي يحكمهم قد صهر جميع الخلافات بينهم، وحيثما مشيت في الشوارع فإنك ترى معابد الهندوس ومساجد المسلمين وكنائس النصارى واشكالاً من الناس متميزة بلبسها وهيئاتها.

تذكرت كثيرا من بلداننا العربية وغير العربية التي لم تتوصل حتى اليوم إلى صيغة للتعايش بين سكانها، واصرت كل فئة على ان تقهر الآخرين وتخضعهم لرأيها بالرغم من صغر حجمها ووحدة اللغة والدين بينها.

الشعب الهندي هو شعب مسالم ويحب الزائرين والهند بلد جميل فيه من الخيرات الكثيرة والزراعة والمناطق السياحية، ولو قضى شعبه وقته فقط في زراعة ارضه لما بقي لديهم فقير واحد، ولو سعت حكومتهم لتنمية السياحة لوفد اليها ملايين البشر، ومع هذا فلم نلاحظ شدة الفقر في المنطقة الجنوبية من الهند (كيرلا وماليبار وغيرهما)، بل لديهم شبكة من المواصلات والقطارات والخدمات، ولعل المدن الكبيرة مثل مومباي هي التي تعاني شدة الفقر.

شاركت في مؤتمر لاهل الحديث في الهند، ومع انه واحد من بين عشرات المؤتمرات التي يعقدونها ولا يحضره إلا اهل منطقتهم بسبب اختلاف لغاتهم إلا ان ما شدني ولفت انتباهي ان هذا المؤتمر المحلي قد حضره اكثر من نصف مليون هندي وكثير من السياسيين ورجال الكونغرس والهندوس وغيرهم، وقد شاهدت حرصهم الشديد على الاستماع للمحاضرات والندوات، وبرنامجهم اليومي من التاسعة صباحا ولا يتوقف إلا عند وقت اداء الصلوات والغداء، وغالبية الحضور يجلسون على الحصير او يقفون ليستمعوا إلى الخطب والمحاضرات، ومع ان الحر كان شديدا لكن الكل كان يستمع ويتفاعل، كما ابهرتني شدة احترامهم وحبهم للعرب وكأنما هم يشاهدون الصحابة امامهم، وتذكرت مؤتمراتنا التي ننظمها في احسن الفنادق ونصرف عليها الكثير ثم لا يحضرها إلا العشرات، فماذا دهانا حتى تحول طلب العلم عندنا إلى ترف فكري؟!


د. وائل الحساوي

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي