وكما لله في خلقه شؤون، فللرموز المزيفة في بلادنا شجون، وتصريحات ومواقف تفضحها الأيام والأعوام، آخرها تجار جشعون، أبدعوا في فتح مجالات جديدة، عدا المجالات المعروفة للرمزية وهي الرموز السياسية والرموز الرياضية والرموز الإعلامية... ليضعوا لصندوق الطماطم رمزية من نوع مختلف، إنه رمز الجشع والاحتكار، واستغلال الحاجة في أبشع صورها، إنه رمز لتهاون الجهات الحكومية المسؤولة في الدولة، وربما تواطأ بعضها مع أولئكم، حتى تصدَّر ذلك الرمز عناوين الصحافة، إنها الطماطم المجنونة.
لمن لا يعلم من غير الكويتيين، نحن شعب يعشق (الدقوس)، وهو أهم ركن من أركان وجبة الغداء، والطماطم أحد أهم مكوناته، ولذا فهو رمز ثقافي من حيث لا نشعر، إذا اعتبرنا الأكل من ثقافة الشعوب. والجشعون بطبيعتهم يعرفون كيف تؤكل الكتف، فاستغلوا حاجتنا لها، وارتباط مصيرنا بها، فلا مذاق أو متعة من دونها، فقاموا برفع سعرها بشكل مجنون، وبطريقة دراماتيكية مضحكة، وأوهمونا بأن الارتفاع قد شمل منطقة الخليج كلها، حتى تضاعف سعر صندوق الطماطم ووصل إلى نسبة ألف في المئة فقط من السعر الطبيعي، يا ساتر!
نحن من صنعنا من صندوق الطماطم رمزاً، عندما صدرناه موائدنا، وجعلناه فاكهتنا المفضلة، ونحن من يستطيع الآن أن يرجعه إلى وضعه الطبيعي، بالامتناع عن شرائه لـ (يخيس) في مخازن وثلاجات أصحابه، وفي المعجون منه سعة وبدل ومندوحة.
إن تخلت الجهات المسؤولة عن القيام بدورها كسلطة تنفيذية في مراقبة الأسعار، والسيطرة على الجشعين من محتكري السلع الأساسية، فنحن (الشعب مصدر السلطات جميعاً)، ولنقم بدورنا بأسلوب حضاري راق بإرجاع سعر كرتون الطماطم إلى السعر الطبيعي، من خلال المقاطعة الجماعية المنظمة، ولنرمه من قوس واحدة، رمية رجل واحد.
وحسناً فعل الشباب الكويتي في منتديات الإنترنت من خلال حملة وطنية بعنوان (خلها تخيس) للتصدي لتلك الارتفاعات المجنونة في الأسعار، فبدلا من (التحلطم) والمواقف السلبية، ها هم اليوم ينشرون الوعي الاستهلاكي، من خلال تضافر الجهود، وأضم صوتي هنا لأصواتهم (خلوها تخيس) ليعلموا أن الله حق، وليكن شعارنا قول إبراهيم بن أدهم
وإذا غلا شيء عليّ تركتـه
فيكون أرخص ما يكون إذا غلا
د.عبداللطيف الصريخ
كاتب كويتي
[email protected]