د. مبارك الذروة / وزيرة التربية... وكشف التسلل

تصغير
تكبير
وزيرة التربية اليوم في موقع الدفاع بدلاً من مواقع العمل والتطوير! وزيرة التربية تتعرض إلى ضغوط سياسية أشبه بهجمات مرتدة... ضغوط حزبية وحكومية ضيقة لتعيين من لا علاقة لهم في التربية، ضغوط داخلية وخارجية لتغريب المجتمع الكويتي تحت مسميات تطوير التعليم. وما لم تدافع عن مرماها النظيف فإن تاريخها السياسي سيسجل عليها خسارة فادحة للوطنية لصالح الحزبية الضيقة! فالتعليم ليس ملكاً لأحد سوى الكويت، وهو المحضن الثقافي التربوي الرسمي للدولة، والذي ينشئ جيلاً وطنياً منصهراً في مصيره وغاياته وطموحاته وفقاً لما تضمنته قوانين الدولة ودستورها المنظم لذلك!

مطالبات النائب محمد هايف، والنائب الحربش، وتحذيرهما من انزلاق العملية التعليمية في مهاوي الحزبية والضغوط السياسية أمر جدير بالتقدير خشية تفشي جيوب خطرة يصعب علاجها مستقبلاً.

ثم ردود افعال النائب الملا والتي لم تكن دفاعاً عن الوزيرة بقدر ما كانت عملية (توسيع الدائرة) لتشمل كل القرارات التعيينية، بما فيها الملف الرياضي وإدارة الهيئة على طريقة كل يجر النار لقرصه.

ومع ذلك، فطرح أسماء ذات كفاءة علمية لا يكفي، إذ لابد من تحديد مفهوم الكفاءة أولاً، فهناك كفاءات علمية هوجاء وانفعالية لا علاقة لها بإدارة المؤسسات التعليمية، وبعضهم مصاب بادواء عصابية... يظنون أنهم خبراء وهم لا يعلمون، هؤلاء لا نريدهم ان يتقلدوا مناصب علينا!

نريد كفاءات علمية وإدارية من العاملين في الحقل التربوي والتعليمي تتعامل بشكل راق وحضاري، كفاءات ولدت في الميدان واعتصرت بغبار الأعوام، كفاءات تخرجت من أبواب التربية وليس من... نوافذها!

سمعنا كغيرنا عن الضغوط التي تمارس على الوزيرة وبشكل مزعج يختزل العملية التعليمية بأجندات حزبية ضيقة لا تخدم الكويت. ومعالي الوزيرة تتحمل مسؤولية التلكؤ في حسم قراراتها، مهما مارست الحكومة عليها أجندتها... بدلاً من أن تكون عونا لها وفق معايير الكفايات الإدارية والتعليمية المتكاملة.

الخطورة اليوم أن قرارات ثقيلة تسير ببطء أدت إلى تراخي العاملين داخل تلك القطاعات التعليمية المهمة... بل أضحى الحديث عن خاتم الحزب! تصفية الحسابات الحزبية الضيقة، والضرب تحت الحزام في قطاعات الوزارة لم يعد سراً، كثيرون يريدون أن تكون الوزيرة للكويت وليس لفئة معينة، حرام أن تنهي تاريخها بحفرة ضيقة وشعر منكوش!

مديرو المناطق التعليمية لا يملكون التصرف بأبسط صلاحياتهم، وهي نقل او ندب المعلم يدل على مركزية القرار، وكأن معاليها تعمل في معسكرات الجيش لا في مؤسسة تعليمية تربوية. أليس من العيب ان تلغى صلاحيات مديري المناطق التعليمية في عمليات النقل والانتداب للمعلمين والموظفين إلا ما كان من توقيع معاليها فقط! أي مركزية هذه التي تلغي صلاحيات المناطق، ثم تكسر هذه القرارات بمطرقة اهواء بعض النواب والمحسوبين!

نحن ندرك حجم المشكلات في هذا القطاع الحيوي، ونعرف كم التدخلات السياسية في قراراتها، ولكن لا يعفي ذلك كله معاليها من وضع المصلحة العامة والتعليم قبل مصالح الأهواء والضغوط السياسية.

على الوزيرة أن تتعلم كشف التسلسل حتى لا يخترق دفاعها ومرماها، وعليها ألا تسأل الهوى معانا أو علينا، ما دامت مخلصة للكويت عليها أن تتقدم، فالكويت قبل كل حزب وأجندة، وثقافة مستوردة!

ما الذي يحدث في أهم وزارة في الدولة، ما الذي يدور في مطبخها الفني، ما المستقبل الذي ينتظر ابناءنا التلاميذ واخواننا المعلمين والمعلمات؟ عليها أن تجيب بنفسها عن ذلك.

لماذا هناك مدارس ينقصها التجهيز، وأكثر من 250 معلمة يعتصمن رفضاً للعمل في المدارس، إطالة اليوم الدراسي، ازدواجية في المعايير أقل ما يقال عنها انها نتنة! هل هناك ازدواجية في التعامل بين التطبيقي والجامعة... خذ مثلاً ساعات التدريس الإضافية عند الجامعة وقارنها بالتطبيقي، علماً أن القانون واحد والذي يفترض المساواة بين أعضاء هيئة التدريس في كلا القطاعين. أين القانون، هل هناك ميل واضح للجامعات الخاصة التجارية على حساب الحكومية، أين العدالة يا وزيرة؟، هل أنتِ مقتنعة بتعيين متخصص في الدراسات المصرفية رئيساً في أهم قطاع تربوي في الوزارة وهو المركز الوطني لتطوير التعليم؟

الحديث طويل، والمعلم اليوم في حاجة أن يقدر مالياً ومعنوياً، لا يجوز أن يكون صانع المهندسين والأطباء والأدباء والكتاب، وغيرهم، أقل منهم، وما لم نعد النظر في كوادرهم ومخصصاتهم المعيشية المالية فستظل مهنة التعليم وظيفة لا رسالة وعملا بلا قدسية يخلو من قيم العطاء والبذل والخير.





د. مبارك الذروة

أكاديمي وكاتب كويتي

maltherwa@yahoo.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي