المغتربون... مصريو الهوى والهوية

تصغير
تكبير
| محمد أحمد عبداللطيف |

عادة ما يسافر المصري تاركاً وراءه وطنه وأحبابه من أجل طلب الرزق والعمل الحلال وفي مخيلته الكثير من الحنين والذكريات الجميلة عنه تصحبه أينما حل في أي مكان في العالم، ويعود كذلك الى وطنه وفي جعبته الكثير من الأحلام الوردية والأهداف التي يسافر ويرتحل من أجل تحقيقها على أرض الواقع، وهو بذلك لم يقترف ذنباً أو يرتكب جرماً يعاقب عليه القانون ولكنه سلك طريقاً مشروعاً من أجل العمل الشريف بدلاً من اتباعه طرقاً أخرى غير مشروعة ينجم عنها الكثير من المشاكل واقلاق راحة المسؤولين في وطنه، وبذلك يكون قد وفر على الدولة طوابير كثيرة من الخدمات مثل طابور الوظيفة والتعليم في مراحله الأولى والراتب الشهري والمعاش التقاعدي والعلاج المجاني والسكن حتى نصل الى المأكل والمشرب حيث من شروط استخراج البطاقة التموينية عدم شمولها أفراداً مقيمين في الخارج، وغير ذلك من الخدمات التي يتمتع بها المقيمون بأرض الوطن، وهذه الأمور جميعها تحسب للمغترب. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا بقوة: لماذا يعامل المغترب طالما أنه وفر على الدولة طابوراً طويلاً من المتطلبات والحقوق التي ليس لها آخر معاملة الأجنبي الآتي من كوكب آخر؟ ولماذا لا تضع الدولة ذلك في حسبانها وتقوم بتيسير الأمور له وتسهيلها بدلاً من أن تشعره بأن يد الحكومة ما هي إلا سنارة تصطاد بها المغترب كلما حل في بلده وكأنه كبش فداء عليه أن يدفع ثمن غربته غالياً من ماله وعياله خصوصاً الذين قصدوا «المحروسة» من أجل اكمال تعليمهم فيها بعد أن عجزوا عن ذلك في الدول التي يقيمون فيها مراعاة لقوانينها، حيث رسوم الجامعات المصرية بالنسبة للطالب المغترب حدث ولا حرج كانت هذا العام خيالية جداً وفاقت التوقعات، وليس الأمر مقتصراً على الرسوم فقط بل اصبحت هناك تفرقة ظاهرة بين ابناء الوطن الواحد في نسبة القبول المئوية بالكليات بلغت 17 و20 درجة في بعض الأحيان.

أفهكذا يكافأ الطالب المصري البعيد عن الوطن بعد تحمله آلام وهموم الغربة وكذلك ولي أمره الذي يواصل الليل بالنهار لتوفير رسوم الدراسة له والتي غالباً ما تكون في مدارس خاصة باهظة التكاليف؟ وفي الأخير تقف حكومتنا الرشيدة عقبة كأداء أمام مستقبلهم وأحلامهم في الالتحاق بإحدى الكليات المرموقة وبالتالي يصبحون غرباء في وطنهم الأم الذين طالما أحبوه وحلموا به في سنوات غربتهم الأولى وطناً يقدم الغالي والنفيس لابنائه وبناته ولا يبخل عليهم مهما كانت الظروف والثمن.

فإلى متى يظل المصريون في الخارج مجرد دافعي ضرائب ومورد رئيسي لتحويل العملات الصعبة الى وطنهم ومواطنين من الدرجة الثانية تطبق عليهم الرسوم الدراسية أضعافاً مضاعفة عندما يلتحق أبناؤهم بالجامعات حتى تحولوا الى مصدر حلب دائم لا ينضب من دون مقابل يذكر؟!

أما آن الأوان لكي يشعر المغتربون باليد الحانية للحكومة وبأنهم مصريون في وطنهم أولاً وأخيراً.





* باحث إعلامي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي