عن «زهرة الخشخاش» ... لاتسلْ!

تصغير
تكبير
|محمد أحمد عبداللطيف|

«زهرة الخشخاش» لوحة فنية رائعة للفنان العالمي «فان جوخ» حطت في احد متاحف القاهرة التابعة لوزارة الثقافة بهدوء وصمت، ورحلت عنه كذلك في هدوء وسكينة لا يسأل عنهما أحد كبيرا كان ام صغيرا، والرحيل هنا تم بفعل السرقة، كما جرت العادة في معظم الأحوال.

بقدرة قادر حلت اللوحة الثمينة ضيفة عزيزة على المتحف لفترة طويلة من الزمن ثم غادرته من دون ان تستأذن احدا وكأن شيئا لم يكن، كما صرح بذلك مسؤول الصيانة في المتحف ولاسباب ارجعها إلى عطل الكاميرات والاجهزة التي تكشف السرقات في مثل هذه الاحوال، وكأن لوحة بهذه الضخامة والقيمة تعجز العين المجردة عن رصدها ورؤيتها من قبل مسؤولي المتحف المنوط بهم المحافظة على محتوياته من العبث او السرقة، وهذا عذر اقبح من ذنب فعندما نتحدث هنا عن لوحة فنية ضخمة فلامجال اذاً للكاميرات او الاجهزة ان تعمل وتكفي مراقبة المسؤولين عن الامن داخل المتحف، فلا غرابة اذاً ان نسمع غدا عن سرقة تمثال لاحد الملوك الفراعنة بالحجم الطبيعي من متاحف اخرى في القاهرة او الاقاليم بحجة ان الكاميرات والاجهزة لا تعمل، واذا كان المسؤولون حقا غير قادرين على حماية هذه اللوحات الثمينة وهي في احجامها الطبيعية فما فائدة هذه الاجهزة والكاميرات التي تحتاج إلى صيانة ومهندسين وتكلف الدولة ملايين الجنيهات؟

تعودنا ان تأتي تصريحات المسؤولين بعد اي حادثة سرقة او كارثة بعيدة تماما عن التقديرات الواقعية للحادث، حتى يكاد المواطن العادي ان يشتم رائحة غير زكية تحوم حول حادث السرقة الأليم ما يجعله يسرّح خياله بعيدا في أسئلة ليس لها اجابات مقنعة، لان المصاب جلل والخطب عظيم خصوصا عندما يتعلق الامر بحراس التراث والثقافة في مصر، فاليوم «زهرة الخشخاش» وغدا احد التماثيل بالحجم الطبيعي من المتحف المصري ويعزى الامر في النهاية إلى كاميرات واجهزة لاتعمل بسبب الاهمال والصيانة.

والحقيقة ان ما جرى في متحف الدقي «محمود خليل» هو اكبر من ذلك وليس له ما يبرره مهما قيل من تصريحات واهمة لا تستند على ادلة وبراهين مقنعة وانما ينم عما تعاني منه جميع اجهزة الدولة من قصور واهمال واضحين ليس للكاميرات او الاجهزة دور فيهما ولكنها اتخذت شماعة يعلق عليها المسؤولون اخطاءهم وتقصيرهم في مثل هذه الاحداث.

فالمحاسبة يجب ان تكون لكل مسؤول عن هذه الواقعة بلاهوادة أو تفرقة بين مسؤول وآخر، فالوزارة تنصلح دائماً بمسؤولها الأول وهو الوزير، والوزارة كما يقولون بوزيرها وليست بمجموعة حراس أمن مسؤولين عن ثروات وكنوز الدولة والتي لا تقدر بثمن.

فيا وزير الثقافة، وبعد أن كثر القيل والقال وتوالت الأحداث الجسام على وزارتك وتبودلت الاتهامات بين كبار مسؤوليك ومنهم من وجه لك شخصياً أصابع الاتهام، عليك أن تترك منصبك وترحل في صمت وهدوء كما رحلت «زهرة الخشخاش» في صمت مريب وأنت على قمة هرم الثقافة المصرية.

فوزارة الثقافة وزارة حساسة ومهمة وتحمل الموروث الثقافي المصري منذ عهد الفراعنة وإلى يومنا هذا الذي بدأنا نشعر بعدم الاطمئنان عليه بعد اليوم.





* باحث إعلامي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي