عبدالعزيز صباح الفضلي / نصيحة قيّمة من علماني

تصغير
تكبير
بعد كتابتي لمقال سابق بعنوان «توبة علماني في رمضان» جاءتني نصيحة قيمة من قارئ علماني، حيث دعاني جزاه الله خيراً، في تعليقه، إلى التوبة، والتي تتحقق كما يرى باعتناق الفكر العلماني، والسير في ركب العلمانيين، وبشرني رضي الله عنه بأنني سأرى ساعتها جمال الحياة المليئة بالحرية، وسأشعر بالراحة حيث لن يشغل ذهني شيء، وأن وجهي سيزداد نوراً عندما أتمسك بمبادئ العلمانية.

وقد تأثرت بتلك الدعوة وكدت أصدقها لولا أن الله تعالى ألهمني رشدي، وتذكرت قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي والتي عنوانها «برز الثعلب يوماً في ثياب الواعظين» حيث يسب الثعلب فيها الماكرين، ويدعو العباد إلى التوبة والعودة لرب العالمين، فحمدت الله على أنني لم انسق وراء تلك المغريات، أو أصدق تلك الأوهام، فكيف لعاقل أن يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، وكيف يمكن لإنسان صاح أن يستبدل الهداية بالغواية، والنور بالظلمات، والاستقامة بالانحراف، والسعادة بالتعاسة والشقاء.

إن المتدين الحقيقي هو السعيد لأن صلته بالله عز وجل تجعله يعرف حقيقة الدنيا، وبالتالي يعرف كيفية التعامل معها، سواء في حال فرحه أو حزنه، أو في عسره أو يسره، لأنه يؤمن بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له.

المتدين الحقيقي يتعامل مع الأحداث بكل اريحية، فهو إن أصابته سراء شكر، وإن مسه الضر صبر. ولذلك يندر أن ترى متديناً منتحراً، بينما في السويد والتي يباح فيها كل شيء، حتى المخدرات، والفرد فيها يحصل على أعلى دخل في العالم تقريباً، إلا أنها تعتبر أعلى دولة في نسبة الانتحار!

لقد بين الإمام ابن تيمية أن المؤمن سعادته معه أينما ارتحل، وأنها تلازمه مهما جرى له من أحداث، وقد سخر من أعدائه الذين يريدون إيذاءه حيث انهم أعجز من أن يتحقق لهم مرادهم، فهو يعتبر سجنه خلوة يختلي بها مع الله، ونفيه من بلده سياحة يتجول فيها في أرض الله، وأما قتله فسيحتسبه شهادة في سبيل الله.

إن الطمأنينة إنما يجدها الإنسان في قوله تعالى (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) والسعادة إنما تتحقق بطاعة الله والاستقامة على دينه:

ولست أرى السعادة جمع مال

ولكن التقي هو السعيد

يذكر أن يهودياً فقيراً جاء إلى أحد الأغنياء من الصالحين وسأله ألست تزعم أن نبيك يقول (الدنيا سجن المؤمن... جنة الكافر) قال: نعم، قال: كيف والحال كما ترى، أنا فقير، وأنت غني، فقال الرجل الصالح: المؤمن في سجن مقارنة بما ينتظره من النعيم في الآخرة، والكافر في جنة مقارنة بما ينتظره من العذاب في الآخرة.

وأقول لكل من لم يجرب العيش في رحاب كنف الله والصلة به، أقول جربها، وأقسم بالله أنك لن تندم. والحمد لله تعالى أني لم أصدق نصيحة العلماني وإلا كان رحنا في داهية، واختم مقالتي بمثل ما ختم به شوقي قصيدته مع بعض التعديل فأقول:

بلغ (العلماني) عني

عن جدودي الصالحينا

أنهم قالوا وخير

القول قول العارفينا

مخطئ من ظن يوماً

أن (للعلمانية) دينا





عبدالعزيز صباح الفضلي

Alfadli-a@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي