د. عبداللطيف الصريخ / زاوية مستقيمة / خطتكم عجيبة... نبي عيدية!

تصغير
تكبير
أعجبتني دعاية (نبي عيدية) التي قام بأدائها مجموعة من الأطفال بشكل مبهر، كما قلّدتها مجموعات أخرى بشكل مضحك وهزلي، المهم أنها كانت رائعة ما جعلها مادة للنشر والدعاية من خلال كثير من وسائل التواصل الحديثة.

تخيلت، وأنا أستمتع بمتابعة الدعاية، بأكثر من مرة مجموعة من نواب البرلمان وهي تؤدي تلك الأغنية، وأعني هنا مجموعة النواب الذين يرون حكومتنا الرشيدة آية

في الحكمة وحسن الإدارة والمبادرة، وكأنها لا تخطئ

أبداً، ولذا يقفون إلى جوارها طول الخط، فهم يسبحون بحمدها ليل نهار، لم لا يفعلون والمناصب لهم، والعطايا منثورة تحت أرجلهم، وبوابة العلاج بالخارج لا تفتح، في الأغلب، إلا عن طريقهم، وبعض القنوات إياها دائمة الترقيع لهم.

تخيلت أولئك النواب وهم يستعْطون العيدية من الحكومة، (نبي عيدية... عطونا عيدية) وهي تنظر لهم شزراً! كما كان الكبار ينظرون في الدعاية إياها، لأنهم سئموا تلك التمثيلية، وذلك الاستعطاء، وتلك الشحاذة السمجة، التي لا تتوقف أبداً، فإن كان الأطفال يطلبون العيدية في الأعياد فقط، فهؤلاء يطلبونها من بعض أطراف الحكومة طوال العام، لأنهم لا يستطيعون العيش من غيرها، ومن دونها لا يحلمون بالنجاح في الانتخابات المقبلة.

إنها شحاذة الكبار، والتي لا تكون إلا بأن ينسلخ الإنسان من كل معاني الحياء والمروءة والوطنية، ويركز فقط على مصلحته الشخصية دون سواها، بل وينسلخ من الإنسانية عندما يطلب من بعض ناخبيه تقديم الشكر له في الصحف، وفوق أرصفة الطرقات.

كما تخيلت نواباً آخرين وجدوا في خطة التنمية العرجاء ضالتهم للهجوم على الحكومة، وهم محقون فيما سيذهبون إليه من تصعيد بشأنها، وإلا كيف تكون هناك خطة للتنمية بهذه الضخامة دون ميزانية واضحة المعالم، وعندما يقفون تحت قبة عبدالله السالم ويقولون للحكومة (خطتكم عجيبة) ممهدين لنقدها ومساءلتهم عليها، ينبري نواب الشحاذة إياهم ويقولون للحكومة (عطونا عيدية) أي أعطونا ما يشجعنا للوقوف معكم مثل كل مرة وإلا!

لقد أمتعتني تلك الدعاية، ورسمت الابتسامة على شفتي، وجعلتني أسبح في بحر الخيال، لأتصور مسلسلاً تجاوزت حلقاته عدد المسلسلات التركية، هذا المسلسل الذي لا يكاد تنتهي فصوله، مسلسل من نوع مختلف، فيه يتغير الممثلون، ويتبدل المؤلف، ويتنوع المنتجون، ولكن يبقى المخرج نفسه، ليحافظ على نوعية المشهد السياسي المطلوب.





د. عبداللطيف الصريخ

كاتب كويتي

alsuraikh@yahoo.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي