لم يستطع المنافقون في المدينة المنورة ان يطعنوا في الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة او يوجهوا إليه النقد والتشكيك، فبحثوا عن اضعف نقطة يمكنهم عن طريقها الطعن في رسالته فلم يجدوا غير ازواجه الطاهرات العفيفات فبدءوا بنسج التهم ضدهن، ومنها حادثة الافك الشهيرة ضد ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهم يدركون بان التشكيك بعفة زوجته ونزاهتها انما هو تشكيك بالرسول نفسه، فكيف يكون منزها من الله تعالى بينما ازواجه فيهن ما فيهن؟!
انشغل المجتمع المسلم شهرا كاملا بحادثة الافك وتكلم فيها من تكلم وتطاولت الالسن على بيت النبوة المكرم، لكن الله تعالى انزل قرآنا يتلى إلى يوم القيامة ليذب عن ازواج الرسول صلى الله عليه وسلم الطاهرات وليعطي المؤمنين درسا واضحا في اصول التعامل مع بيت النبوة فقال تعالى: «ان الذين جاءوا بالافك عصبة منكم، لاتحسبوه شرا لكم، بل هو خير لكم» وقال: «لولا اذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا افك مبين» فقد اوضح سبحانه ان هذا الافك انما هو خير للمسلمين لانه قد فضح آلاعيب المنافقين واعطى صك براءة لام المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
«والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات» فلا يعقل ان يختار رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه زوجات خبيثات.
ياسر الحبيب وامثاله لايختلفون عن طوابير المنافقين الذين يريدون هدم الدين من خلال التشكيك في شخصيات امهات المؤمنين او الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، لذا فنقول لمجتمعنا الذي استاء من تلك التصريحات الشاذة: «لاتحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم».
وقد كان من ردة الفعل العفوية لجميع افراد المجتمع سنة وشيعة ضد ذلك التصريح ما اثبت ان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هم خط احمر لايمكن تجاوزه وان خطط المنافقين ستبوء حتما بالفشل.
اما بعض النواب الذين ربطوا بين ادانة فعل ياسر الحبيب واشخاص آخرين فلايمكن اعتبار كلامهم الا بانه تأييد مبطن للحبيب، وما اجمل ما كتبه الزميل والجار (سعود العصفور) قبل يومين حين وصف ذلك التلاعب بالابداع السياسي من نوع آخر «نائب يشجب ويستنكر ما فعله ياسر الحبيب في سطرين، ثم يقلب موجة ويبدأ وصلة الردح والبكاء على ما اسماه سكوت الحكومة عن الشيخ عثمان الخميس، وهذا ابداع بالتأكيد وقدرة على الاداء الكوميدي لاتوازيها قدرة... فشتان ما بين الاثنين احدهما يقيم احتفالا لموت ام المؤمنين ويصفها بأبشع الصفات، ويصنفها ضمن اهل النار، ويكفر اهل الكويت وحكامها ويدعو إلى القضاء عليها ضمن دولة شيعية كبرى، والاخر يناقش قضايا دينية وتاريخية ويؤخذ منه ويرد ولكن في حدود النقاش الديني الواضح، ولم يقم بعمل احتفالات لهلاك احد او تكفير اهل الكويت ومن جاورهم».
اخيرا فاذا اردنا القضاء على تلك الفتنة فلا بد من وأد مصدرها الا وهو الكتب والاشرطة والفضائيات التي تطل علينا كل يوم بالطعن والتشكيك بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والنيل من اعراضهم، فالحبيب لم يبتدئ بشيء محدث او غير موجود، ولكنه كان جريئا بالتصريح بما يردده الكثيرون ليلا نهارا بالخفاء او بصوت منخفض.
د. وائل الحساوي
[email protected]