جعفر رجب / تحت الحزام / قبل ألف عام (الاسطرلاب الكافر)

تصغير
تكبير
قبل الف عام، في الغرب، كانت اديرة وكنائس اوروبا، تعاني من مشكلة الوقت والاذان، كان على الرهبان اداء ثماني صلوات يومية في الليل والنهار، وبمواقيت محددة، وبقراءة مزامير محددة، وتكمن مشكلتهم في كيفية تحديد الوقت، فقد استخدمت بعض الاديرة شموعاً بحجم معين لمعرفة الوقت، واستخدمت اخرى ساعات مائية بدائية، واخرى استخدمت «مؤذنين» همهم قراءة المزامير في الليل، ووفقا لقراءتهم لجزء معين من المزامير يبدأ في الاذان الى الصلاة، خاصة في الليل عندما كانت معرفة النجوم وحركتها امرا صعبا على فهمهم، وكثيرا ما كانوا يختلفون في وقت الصلاة!

وقبل الف عام في الشرق، كان يشترط فيها على المؤذن بالاضافة الى التقوى والايمان والصلاح، ان يكون عارفا بعلوم اخرى، وكما يقول ابن الاخوة القرشي في كتابه «ولا يؤذن في المنارة الا عدل ثقة امين عارف بأوقات الصلاة... وينبغي للمؤذن ان يكون عارفا بمنازل القمر، وشكل كواكب المنازل، ليعلم اوقات الليل ومضي ساعاته...» وهي شروط تعني ببساطة مدى اهمية المعرفة والعلم حتى للمؤذن، ولم يكن في ايامهم «بنغاليون» يؤذنون فجرا، بدلا ممن وظفتهم الحكومة!

المسلمون وبالاستعانة بعلماء الفلك، حلوا مشكلة القبلة والاذان ومنازل القمر، بطريقة علمية دقيقة، في حين ان فوضى الغرب في تحديد الازمان ومواقيت الصلاة، اجبرتهم على الاستعانة بسحرة الشرق، وتوصل «البابا سلفستر الثاني» عبر دراساته للكتب العربية في كتالونيا - برشلونة - في تلك الفترة، الى الحل، وحمل معه «الاسطرلاب» - وهو جهاز لحساب المسافات والمساحات والابعاد والنجوم والمواقيت... هذا الاختراع الشرقي المبهر- يقابله الـ «I pad» في العصر الحاضر- الى الاديرة لتحديد اوقات اليوم والسنة، ولكنه حذر في رسالته من هذا الجهاز والاختراع الشرقي قائلا في رسالته «يمكن استخدام الاسطرلاب لايجاد الوقت الحقيقي من اليوم صيفا وشتاء،... وهي مناسبة جدا لاقامة الصلوات اليومية... فكم هو سار ولائق ان يسير الجميع بكل وقار في الوقت المحدد يؤمهم امام واحد... فيؤدون للرب الصلاة بكل انسجام» ولكنه يحذرهم في الاستخدام المفرط لهذا الاختراع الشرقي القادم من بلاد الكفر قائلا «استخدامها العام ترف معرفي»!

انه اختراع رائع لكن يجب الا يستخدمه الجميع، ولا يستخدم في كل شيء، ولابد من وضع ضوابط شرعية والرقابة على استخدام الاسطرلاب، كان سيد الدير وحده يملك حق استخدام التكنولوجيا دونا عن الناس، خوفا من الانجراف واللهو في ما لا يرضي الله...

ومع ذلك لم ينج البابا من اتهامات معاصريه، فاشاعوا انه سيتحالف مع المسيح الدجال خاصة وانه عين في كرسي البابوية سنة 999، ودليل انجرافه هو ادخاله العلوم والاجهزة الشركية الكافرة الى دور العبادة!





جعفر رجب

JJaaffar@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي