د. عبداللطيف الصريخ / زاوية مستقيمة / في ذكرى كارثة مشرف

تصغير
تكبير
تصادف هذه الأيام مرور عام تقريباً على كارثة محطة مشرف، وأذكر وقتها أنني كتبت مقالاً عن الموضوع، دعوت فيه إلى عدم التسرع في نصب المشانق، وتعليق الأبرياء عليها، انتظارا لحل الكارثة أولاً قبل كل شيء حتى لا تتفاقم، وترك الأمور تأخذ مجراها الطبيعي وفق القنوات الإدارية والقانونية المتعارف عليها في الجهاز التنفيذي.

ها نحن تركنا مسار القضية يأخذ مجراه، وقلبنا صفحة الزمن عاماً للتعرف على المتسبب في الكارثة، حتى نمى إلى علمنا ما نشرته إحدى الصحف، وناقل الكفر ليس بكافر، أن الوزارة هي المتسببة في الكارثة، وتم حسب التقرير المسرّب محاسبة المقصر بخصم خمسة عشر يوما من راتبه فقط، إضافة إلى خصم ربع رواتب مسؤوليْن آخريْن لمدة ثلاثة أشهر، وهكذا انتهت القضية، ولا من شاف ولا من درى، وغطيني يا صفية.

أرأيتم كيف تتم الأمور في الكويت، كارثة بيئية بهذا الحجم أزكمت الأنوف، وتكون الوزارة هي المسؤولة عنه حسبما أجرته من تحقيق في الموضوع استمر لمدة عام، وتتم المحاسبة بهذه الصورة، وماذا عن الحق العام، وماذا عن الضرر الذي أصاب البر والبحر، وماذا عن الميزانيات التي صُرِفت بالملايين لترقيع إهمال مهندس هنا ومشرف هناك. إنني أطالب الشيخ أحمد الفهد وهو المسؤول عن خطة التنمية، والتي أتمنى أن ترى النور، وتجد من يموِّلها في القريب العاجل، وتتحول من أفكار على الورق إلى واقع نعيشه ونحياه، أن يعيد صياغة العقليات التي سوف تدير المشاريع الحكومية الضخمة التي تنتظرها الكويت، فمحطة مشرف صغيرة نسبياً لما نرجوه من خطة التنمية، فميزانية إنشائها لم تتجاوز الـ (45) مليون دينار إن لم تخني الذاكرة، فماذا نحن فاعلون مع المشاريع المليارية الضخمة التي تنتظرنا في المستقبل القريب، هل سنتعامل معها بالعقليات نفسها، وهل سنحاسب المقصر إن قصر، ونكرم المتقن إن أجاد؟

جسر الشيخ جابر، المدينة الجامعية، المستشفيات، مدينة الحرير، ميناء الصبية، محطات الكهرباء، الدائري الثامن، المدن السكنية، وغيرها الكثير من تلك المشاريع التي يبشروننا بها كل يوم، كلها تحتاج إلى عقليات إشرافية تختلف عما هي عليه الآن، كما نحتاج إلى إعادة النظر في إدارة العقود الحكومية، وإلى غربلة نظام إرساء المناقصات.

أسأل الله وهو القادر على إحياء الموتى، وكلي أمل أن يستجيب دعائي في هذه الأيام المباركة، وأمِّنوا خلفي يرحمكم الله، أن ينفخ في زور حكومتنا الرشيدة، ونعيش حتى نرى خطة التنمية وقد أصبحت واقعاً ملموساً... آآآآمين.





د. عبداللطيف الصريخ

كاتب كويتي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي