د. جلال محمد آل رشيد / مبدع... من ذوي الاحتياجات الخاصة

تصغير
تكبير

الكثيرون، مواطنون عاديون ومسؤولون حكوميون، يظنون، مع أن بعض الظن إثم، أن ذوي الاحتياجات الخاصة هم أشخاص غير منتجين، أشخاص ليست لديهم أي قدرة على الإنتاج والإبداع بمختلف أنواعه وأشكاله، لدرجة أنهم يطلقون عليهم تسمية «معاقين»، بكل ما تحمله هذه التسمية من ظِلال لغوية جانبية هي في غاية السلبية، بل هي عين الخطأ.

الواقع يقول غير ذلك، فذوو الاحتياجات الخاصة يمارسون أعمالاً إبداعية قد لا تخطر على بال الأصحاء جسدياً، فإذا عرف المجتمع أن المكفوفين مثلاً قد ألقوا وراء ظهورهم «الأميَّة الإلكترونية» بأن أضحوا من مستخدمي الحاسوب، بما في ذلك من استخدام الإنترنت والبريد الإليكتروني وتصفح المواقع وتنزيل البرامج من تلك المواقع و... و...، قد يبدو ذلك أمراً غير قابل للتصديق... زيارة واحدة لمركز الصباح للحاسوب في جمعية المكفوفين الكويتية ستغيِّر الآراء رأسا على عقب في هذا الشأن!

في هذه المقالة، سأعرض حالة مبدع مِن إخوتكم المواطنين مِن ذوي الاحتياجات الخاصة، من فئة الصم، وهو فنان مبدع، مرهف الإحساس، أبدله الله تعالى بحاسة السمع التي يفتقدها... ذوقاً فنياً رفيعاً، إذ تقوم ريشته الراقية، عندما تمسكها أنامله المتكلمة، برسم أجمل اللوحات الفنية التي تقوم بالتعبير المرئي بديلاً شِعرياً حقيقياً عن التعبير اللغوي الذي يمتلكه غالبية خلق الله، سواءً أبدعوا في استخدام تلك المقدرة اللغوية أم لم يبدعوا.

لغة الملاحظة البصرية، التي يبدع الفنان الكويتي المذكور بإحالتها، عبر ريشته التي تفيض جمالاً وعذوبة فنية، إلى لوحات رائعة يتم عرضها في معارض في داخل الكويت وخارجها، إذ يقتنيها الذين يقدِّرون هذا الفن الراقي؛ فهي لغة لا يتمكن جميع الناس من مثلها، حتى إذا كانت حواسّهم كلها تعمل كما يجب. فهذا الفنان الكويتي، حتى إذا كان مِن ذوي الاحتياجات الخاصة، فإنه تغلَّب على ظروفه الصحية، ونمَّى موهبته الفنية، بجهده، وسهره، وتعبه، وبقدراته الفنية الرفيعة التي هي هبة إلهيَّة لبعض خلق الله، فأصبح فناناً مرموقاً ينافس الأصحاء... ألا ترون أن من الظلم ألا نعده مِن الأصحاء؟

إنه الفنان الكويتي الأستاذ عبد الإله صادق آل رشيد الذي ينتمي إلى فئة ذوي الاحتياجات الخاصَّة بفقده القدرة على السمع والكلام، ولكن مَن يشاهد لوحاته فائقة الدقة والجمال، فلن يظن أبداً أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة، إنها لوحات «ناطقة»، ولكنها استبدلت الكلام العادي المسموع بالكلام الراقي المرئي... فهل لا يزال القارئ العزيز يظن أن «ذوي الاحتياجات الخاصة» هم «معاقون»؟ سأترك الحكم لكم يا أفراد مجتمعنا الجميل، مواطنين، ومسؤولين في الحكومة، وفي مجلس الأمة!


د. جلال محمد آل رشيد


كاتب وأكاديمي كويتي

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي