من روائع العمارة الإسلامية / مسجد محمد علي بالقلعة
مسجد محمد علي بالقلعة
|مهندس جاد الله فرحات *|
بعد أن أتم محمد علي اصلاح القلعة وفرغ من بناء قصوره ودوواين المالية والجهادية وعموم المدارس ودار الضرب بها. رأى أن الحاجة ماسة لانشاء مسجد, لأداء الفرائض, وليكون مدفناً له, فعهد الى المهندس التركـــــــي (يوسف بوشناق) بوضع تصميم له, فوقع اختياره على مسجد السلطان أحمد بالأستانة, فاقتبس منه مسقطه الأفقي, بما فيه الصحن والفسيقة مع تحويرات طفيفة.
كان الشروع في انشائه سنة 1246 1830 م, واستمر العمل سائراً بلا انقطاع حتى توفي محمد علي الى رحمة الله سنة 1265 1848 م فدفن في المقبرة التي أعدها لنفسه لداخل هذا المسجد.
انتقــل الى رحمة الله تعالى. وكان بناء المسجد كاملاً من أســــوار وقبــاب ومنارات وكتاتيب تعلو الشبابيك الخارجية بما فيها كسوتها الرخامية على ما هي عليه الآن.
أما أعمال كسوة الرخام بالواجهات فلم يتم منها الا القسم السفلي حتى الباب القبلي للصحن, وكان التصميم يشمل القسم أعلى المربع أيضاً فلم يعمل منه سوى الافريز حول الشبابيك النحاسية.
ان موقع هذا المسجد من أجمل المواقع, اذ يشرف على القاهرة مطاولاً السماء بمنارتيه الرشيقتين وقبته الكبيرة ترمقه العيون من جميع نواحيها. فكما أن الأهرامات رمز مصر القديمة فهذا المسجد رمز مصر الحديثة, وفي الوقت نفسه فهما صنوان, فما من زائر أجنبي يهبط أرض مصر الا ويحج الى أهراماتها ثم يعرج على مسجدي السلطان حسن ومحمد علي. وكثيراً ما يقنع بعض زائري مصر في الفترات القصيرة بهاتين الزيارتين.
والمسجد في مجموعه مستطيل البناء, وينقسم الى قسمين:
فالقسم الشرقي مربع الشكل طول ضلعه من الداخل 41 مترا, تتوسط فيه قبة مرتفعة قطرها 21 مترا وارتفاعها 52 متراً من مستوى أرضية المسجد محمولة على أربعة عقود كبيرة متكئة أطرافها على أربعة أكتاف مربعة يحوطها أربعة أنصاف قباب ثم نصف قبة خامس في منسوب أحط ليغطي المحراب. وذلك خلاف أربعة قباب أخرى صغيرة بأركان المسجد.
وسمك الجدران في الأساس 20. 2 مترا, ثم يتناقص هذا السمك حتى يصل الى 901 في أجزائه العليا. وقد كسيت جدران المسجد من الداخل والخارج وكذلك الأكتاف الأربعة الداخلية الحاملة للقبة الى ارتفاع 11 متراً بالرخام الألبستر الوارد من محاجر بني سويف.
ويعلو مدخل الباب الغربي المؤدي الى الصحن دكة المؤذنين بعرض المسجد مقامة على ثمانية أعمدة من الرخام فوقها عقود, ولها سياج من نحاس يتوصل اليها من سلم المنارتين, وبدائر المسجد من أسفل شبابيك كتب على أعتابها من الداخل أبيات من قصيدة البردة.
والمحراب من الرخام الألبستر يجاوره المنبر الرخامي الجديد, الذي أمر بعمله حضرة صاحب جلالة الملك فاروق أعزه الله -, وبالقرب منه المنبر الخشبي القديم للمسجد, وهو أكبر منبر في الآثار العربية, وقد حلي بنقوش مذهبة.
وكسيت جميع جدران المسجد أعلى الكسوة الرخامية من الداخل ببياض حلي بنقوش ملونة مذهبة, أما القبة الكبيرة وأنصاف القباب فقد حليت بزخارف بارزة ملونة مذهبة.
وفي الركن الغربي القبلي قبر محمد علي عليه تركيبة رخامية حولها مقصورة نحاسية مذهبة جمعت بين الزخارف العربية والتركية والمصرية. وعلى طرفي الواجهة الغربية للصحن منارتان رشيقتان بارتفاع 84 متراً من مستوى أرضية الصحن بكل منهما 256 درجة الى نهاية الدورة الثانية خلاف درج المسلة.
ومن الباب الذي يتوسط الجدار الغربي للمسجد يتوصل الى الصحن, وهو فناء كبير مساحته 53×54 متراً يحيط به أربعة أروقة ذات عقود محمولة على أعمدة رخامية تحمل قبابا صغيرة منقوشة من الداخل ومغشاة من الخارج بألواح من الرصاص مثل القبة الكبيرة, وبدوائر الايوانات المذكورة 46 شباكا تشرف على خارج الجامع من الجهات الثلاث البحرية والغربية والقبلية.
أما الجهة الشرقية فتشرف على الجامع, وبها ثمانية شبابيك. ومكتوب على أعتاب هذه الشبابيك آيات من القرآن بالخط الفارسـي الجميل بقلم الخطــاط المشهور (سنكلاخ) سنة 1262.
وبوسط الصحن قبة أنشئت سنة 1263 مقامة على ثمانية أعمدة من الرخام تحمل عقوداً تكون منشوراً ثماني الأضلاع فوقه رفرف به زخارف بارزة. وباطن هذه القبة محلى بنقوش تمثل مناظر طبيعية.
وبداخل هذه القبة قبة أخرى رخامية ثمانية الأضلاع نقش على أضلاعها عناقيد عنب وبها طراز مكتوب به بالخط الفارسـي قوله تعالى: (يأيها الذين آمنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم الى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم الى الكعبين), وقوله صلى الله عليه وسلم (الوضوء سلاح المؤمن). سنة 1263.
ويتوسط الرواق الغربي بالصحن برج من النحاس المخرم والزجاج الملون بداخله الساعة الدقـــاقــة التي أهديت الى المغفور له محمد علي باشا من ملك فرنسا «لويس فيليب» سنة 1262 1845 م.
*إمام وخطيب
بعد أن أتم محمد علي اصلاح القلعة وفرغ من بناء قصوره ودوواين المالية والجهادية وعموم المدارس ودار الضرب بها. رأى أن الحاجة ماسة لانشاء مسجد, لأداء الفرائض, وليكون مدفناً له, فعهد الى المهندس التركـــــــي (يوسف بوشناق) بوضع تصميم له, فوقع اختياره على مسجد السلطان أحمد بالأستانة, فاقتبس منه مسقطه الأفقي, بما فيه الصحن والفسيقة مع تحويرات طفيفة.
كان الشروع في انشائه سنة 1246 1830 م, واستمر العمل سائراً بلا انقطاع حتى توفي محمد علي الى رحمة الله سنة 1265 1848 م فدفن في المقبرة التي أعدها لنفسه لداخل هذا المسجد.
انتقــل الى رحمة الله تعالى. وكان بناء المسجد كاملاً من أســــوار وقبــاب ومنارات وكتاتيب تعلو الشبابيك الخارجية بما فيها كسوتها الرخامية على ما هي عليه الآن.
أما أعمال كسوة الرخام بالواجهات فلم يتم منها الا القسم السفلي حتى الباب القبلي للصحن, وكان التصميم يشمل القسم أعلى المربع أيضاً فلم يعمل منه سوى الافريز حول الشبابيك النحاسية.
ان موقع هذا المسجد من أجمل المواقع, اذ يشرف على القاهرة مطاولاً السماء بمنارتيه الرشيقتين وقبته الكبيرة ترمقه العيون من جميع نواحيها. فكما أن الأهرامات رمز مصر القديمة فهذا المسجد رمز مصر الحديثة, وفي الوقت نفسه فهما صنوان, فما من زائر أجنبي يهبط أرض مصر الا ويحج الى أهراماتها ثم يعرج على مسجدي السلطان حسن ومحمد علي. وكثيراً ما يقنع بعض زائري مصر في الفترات القصيرة بهاتين الزيارتين.
والمسجد في مجموعه مستطيل البناء, وينقسم الى قسمين:
فالقسم الشرقي مربع الشكل طول ضلعه من الداخل 41 مترا, تتوسط فيه قبة مرتفعة قطرها 21 مترا وارتفاعها 52 متراً من مستوى أرضية المسجد محمولة على أربعة عقود كبيرة متكئة أطرافها على أربعة أكتاف مربعة يحوطها أربعة أنصاف قباب ثم نصف قبة خامس في منسوب أحط ليغطي المحراب. وذلك خلاف أربعة قباب أخرى صغيرة بأركان المسجد.
وسمك الجدران في الأساس 20. 2 مترا, ثم يتناقص هذا السمك حتى يصل الى 901 في أجزائه العليا. وقد كسيت جدران المسجد من الداخل والخارج وكذلك الأكتاف الأربعة الداخلية الحاملة للقبة الى ارتفاع 11 متراً بالرخام الألبستر الوارد من محاجر بني سويف.
ويعلو مدخل الباب الغربي المؤدي الى الصحن دكة المؤذنين بعرض المسجد مقامة على ثمانية أعمدة من الرخام فوقها عقود, ولها سياج من نحاس يتوصل اليها من سلم المنارتين, وبدائر المسجد من أسفل شبابيك كتب على أعتابها من الداخل أبيات من قصيدة البردة.
والمحراب من الرخام الألبستر يجاوره المنبر الرخامي الجديد, الذي أمر بعمله حضرة صاحب جلالة الملك فاروق أعزه الله -, وبالقرب منه المنبر الخشبي القديم للمسجد, وهو أكبر منبر في الآثار العربية, وقد حلي بنقوش مذهبة.
وكسيت جميع جدران المسجد أعلى الكسوة الرخامية من الداخل ببياض حلي بنقوش ملونة مذهبة, أما القبة الكبيرة وأنصاف القباب فقد حليت بزخارف بارزة ملونة مذهبة.
وفي الركن الغربي القبلي قبر محمد علي عليه تركيبة رخامية حولها مقصورة نحاسية مذهبة جمعت بين الزخارف العربية والتركية والمصرية. وعلى طرفي الواجهة الغربية للصحن منارتان رشيقتان بارتفاع 84 متراً من مستوى أرضية الصحن بكل منهما 256 درجة الى نهاية الدورة الثانية خلاف درج المسلة.
ومن الباب الذي يتوسط الجدار الغربي للمسجد يتوصل الى الصحن, وهو فناء كبير مساحته 53×54 متراً يحيط به أربعة أروقة ذات عقود محمولة على أعمدة رخامية تحمل قبابا صغيرة منقوشة من الداخل ومغشاة من الخارج بألواح من الرصاص مثل القبة الكبيرة, وبدوائر الايوانات المذكورة 46 شباكا تشرف على خارج الجامع من الجهات الثلاث البحرية والغربية والقبلية.
أما الجهة الشرقية فتشرف على الجامع, وبها ثمانية شبابيك. ومكتوب على أعتاب هذه الشبابيك آيات من القرآن بالخط الفارسـي الجميل بقلم الخطــاط المشهور (سنكلاخ) سنة 1262.
وبوسط الصحن قبة أنشئت سنة 1263 مقامة على ثمانية أعمدة من الرخام تحمل عقوداً تكون منشوراً ثماني الأضلاع فوقه رفرف به زخارف بارزة. وباطن هذه القبة محلى بنقوش تمثل مناظر طبيعية.
وبداخل هذه القبة قبة أخرى رخامية ثمانية الأضلاع نقش على أضلاعها عناقيد عنب وبها طراز مكتوب به بالخط الفارسـي قوله تعالى: (يأيها الذين آمنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم الى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم الى الكعبين), وقوله صلى الله عليه وسلم (الوضوء سلاح المؤمن). سنة 1263.
ويتوسط الرواق الغربي بالصحن برج من النحاس المخرم والزجاج الملون بداخله الساعة الدقـــاقــة التي أهديت الى المغفور له محمد علي باشا من ملك فرنسا «لويس فيليب» سنة 1262 1845 م.
*إمام وخطيب