لقاء / الكندري لـ «الراي»: ليست هذه الحركة التعاونية كما بدأت وإلا هل يُعقل أن تكون أغلى من البقالات؟!

تصغير
تكبير
|لقاء - يوسف علاونة|

ليست الجمعيات التعاونية في الكويت أمراً يسيراً.

فالطبقة السياسية (من غير الشيوخ طبعاً) تمر عبر التعاون ومن الأمثلة النائب الكبير أحمد السعدون فقد كان عضواً في مجلس ادارة جمعية الخالدية التعاونية... وكذا- ونحن في معرض أمثلة لا أكثر- المستشار ناصر الروضان ففي مستهل عمره السياسي والعام كان نائباً لرئيس جمعية الدعية مثله مثل الوزير الحالي عبدالواحد العوضي وإذا مضينا قدماً فمن هؤلاء مبارك الهيفي وعلي الدقباسي وبراك النون... وكثير كثير.

والجمعيات في الكويت كانت عندما حلت سلطة الاحتلال بمثابة التجسيد الوطني للحكومة الشرعية في الطائف ولهذا قتل رموز منها مثل مبارك النون رحمة الله عليه واستهدفت لانها تجربة كبيرة لها دور لا يستهان به في المجتمع.

وضيف هذا اللقاء يستحق لقب أبوالتعاون في الكويت فهو وكيل لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل حالياً أي نعم لكنه وفي كل تسلسله الوظيفي لم يمر بغير قطاع التعاون... موظفاً بسيطاً، ومفتشاً مالياً محاسبياً، ثم مراقباً... ثم مديراً... ثم وكيل وزارة لشؤون التعاون فوكيل للوزارة ولذلك فإنه عندما يتحدث خاصا «الراي» بهذا الحديث فلانه يريد إجلاء صورة مفادها ان الدولة (ما عليها قصور) في دعم الحركة التعاونية... وانها لا تريد تصفيتها لصالح التجار، وانه لا حاجة لخصخصة التعاونيات لانها (مخصخصة) أصلاً كونها غير مملوكة للدولة... بل للناس، وفي تجربة يرفع لها الناس القبعات من اسكندنافيا إلى الصين إلى الاتحاد السوفياتي السابق إلى روسيا اليوم إلى اليمن، وان ما حصل كان تراجعا تعاونيا عن الأهداف الحقيقية للتعاون من جانب الحركة نفسها لا من جانب الدولة التي مازالت ترعى التعاون.

وكيل وزارة الشؤون محمد الكندري كان حريصا جدا في ارسال (الرسائل) من هذا الحديث وتحدث كمخضرم واكب حركة التعاون منذ عقود طويلة أو منذ البدايات، وأرسل رسالة تحذير للتجار من ان تجميد لجنة الاسعار قد لا يستمر، ونوه بالعناية والاهتمام الذي يوليه الوزير جمال الشهاب لصالح دور التعاونيات كمنافذ لحل أزمة المعيشة وارتفاع الأسعار عن كواهل المواطنين، بل ان ذلك من صلب توجه مجلس الوزراء نحو هذا الهدف وهو خفض الأسعار وكسر الاحتكار وبقاء دور الاسواق المركزية ومخازنها كرصيد أمان استراتيجي للبلاد.

وحتى لا نقول السيد محمد الكندري غير ما قال هنا اجوبته على أسئلة «الراي»:

• ما سبب هذه الضجة حول الأسعار في الجمعيات... «شالقصة»!! مع الاعتبار الأساسي طبعاً لأن الأسعار يا سعادة الوكيل أصبحت ناراً تحرق ما في جيوب الناس؟

- تكررت هذه الأزمة عام 1979 وحصل ارتفاع أسعار لبعض السلع فبادر اتحاد الجمعيات آنذاك لعمل نظام (توحيد) الأسعار وليس (تحديد) الأسعار والفكرة كانت في ذلك الوقت تشمل عددا من السلع المستهدفة وبغرض سام وهو حماية المستهلك، وايضا لمساعدة الجمعيات الصغيرة التي كانت مبيعاتها قليلة.

وآنذاك رحبت القيادة السياسية بالفكرة ولكن الأمر كان على أساس -وأكرر- (توحيد) الأسعار لا تحديدها وبالذات السلع الأساسية الرئيسية، ونحن نعيش الآن الظروف نفسها من عدم التحكم بالأسعار أو عدم انضباطها.

• واضح ان الأمر يتكرر للسبب نفسه ففي عام 1979 كان هناك ارتفاع هائل لأسعار النفط يدفع ثمنه المستهلكون وهو يحدث الآن؟

- هذا صحيح... وهناك طفرة بالأسعار لكن جانبا كبيرا من ذلك يقوم على خلل... فاتحاد الجمعيات زاد من أسعار بعض السلع وبعض الجمعيات رفضوا هذه الزيادات وبالتالي اختلفت الجمعيات فيما بينهم.

• شخصياً استغرب لماذا لا تقدر كل جمعية... أي جمعية على الشراء مباشرة لما تشاء بيعه من السلع لزبائنها؟!

- بالضبط... ان الخطأ هو ان الأسعار الأساسية في السوق الموازي أكثر منها في الأسواق التعاونية... عملنا دراسات ثبت معها ان نسبة 20 في المئة من الخصم لا تستخدم لصالح المستهلك ونسبة الـ 40 في المئة التي تؤخذ زيادة على البضاعة لا تحسم من رصيد رأس المال لصالح المستهلك... هناك سلع ينزلون منها مئة كرتون مثلا بالسعر وأربعون كرتونا إضافية مجانا... هذه لا تحسب... وفي السوق الموازي تستغل نسبة 30 في المئة من هذا المجاني لصالح المستهلك ويضاف ربح 10 في المئة فقط... لهذا وجدنا فرقا مرعبا في بعض الأسعار بين السوق الموازي وأسعار التعاونيات، مع ان الأصل هو أن الجمعيات يجب أن تكون هي الأرخص!

• هل تستطيع تقدير حجم هذه الفروق؟!

- كانت وحسب دراسة موثقة واستخدمنا فيها بحث اسعار سوق الميرة وسوق لندن، وسيتي سنتر... وكارفور... وغيرها وجدنا ان هنك 157 سلعة تزيد اسعارها لدى الجمعيات على السوق الموازي وهناك 65 سلعة في السوق الموازي اعلى سعراً بينما توجد 96 سلعة متساوية السعر هنا وهناك... في السلع الجديدة كان هناك 181 سلعة في الجمعيات أعلى من السوق الموازي مقابل 90 سلعة في هذا الأخير اغلى من اسعار الجمعيات ويتساوى السعر في 68 سلعة.

وفي احصاءات الشد والوزن الأمر لصالح السوق الموازي ايضاً ودون ذكر ارقام.

• بتقديري هذه نتيجة مرعبة... نحن نشأنا وكونا ثقافتنا على أساس ان الجمعية هي الارخص من المحال التجارية الخاصة؟

- للأسف ان هذا لم يبق... التعاون هو بيع السلعة المناسبة بالمكان والأمان المناسبين. والدولة عندنا تدعم العمل التعاوني عبر منشآت عمرانية وأراض بملايين الدنانير... التعاونيات الآن تحتكر اماكن عملها، فلا رخص للبيع لغيرها وهذه مسألة لها قيمة. وهي تؤجر اراضي عامة بمبلغ سنوي لا يزيد على 5 ملايين دينار بينما هي تؤجر من مرافقها على الغير بمبلغ 20 مليون دينار. أي انها تربح دون اي جهد مبلغ 15 مليون دينار اضافية غير استخداماتها هي للأراضي والمرافق. ان لكل هذا قيمة سوقية وبينما يدفع السوق الموازي اجرة مرتفعة للمكان. فإننا بالنتيجة نرى ان هذا السوق ارخص من الجمعيات. اذناً هناك خطأ... لقد اجرينا دراساتنا على 736 سلعة.

• ما السبب المباشر لايقافكم لجنة الاسعار في اتحاد الجمعيات التعاونية؟

- اختلفوا اولاً فيما بينهم وشككوا بمصداقية اللجنة... وحدث انقطاع لسلع اساسية وضرورية لأن جمعيات رفضت زيادات على سلع من الموردين، والمستهلك يعاني... المؤسف ان هناك سلعاً من الكويت... منشأ كويتي وسعرها في السوق الموازي أعلى!!

• هل تتوقع حلاً لصالح المستهلك؟

- طبعاً... عندما تعجز لجنة تحديد الاسعار عن عملها او عن ضبط المشكلة فإن الحل يأتي بترك آلية التسعير للسوق نفسه، وهذا متبع في كل دول العالم... والدولة فقط هي صاحبة الحق بتحديد الاسعار. والغطاء القانوني لهذا هو القانون رقم 10 لسنة 1979 الذي اعطى الصلاحية لوزارة التجارة عند الضرورة. وحصل هذا بالنسبة لموضوع البيض. فعند انقطاعه من السوق اضطرت الدولة لأن تحدد سعره بدينار وربع الدينار للكويتي. وموردو البيض عرضوا على الاتحاد سعراً أقل لكنهم رفضوا!!

• تجار البيض يبدو انهم يبيعون للخارج. لديهم عقود مع الجيش الأميركي؟

- ليس هذا فقط... هؤلاء لديهم أسباب لزيادة السعر منها ارتفاع سعر العلف النباتي والمواد الأولية لعملهم.

• هل انتم ضد الحركة التعاونية. انت والوزير قبلك... هل لديكم خطط ضد التعاونيات؟

- العمل التعاوني جزء من الدولة وهو ينال كل الدعم منا. المنشآت تقدم باجر رمزي والارقام تؤكد كلامي. اعلى رأسمال يقدمه المساهمون لا يتعدى الـ 100 الف دينار والدولة تقدم الملايين... والأراضي والمباني من الدولة اننا ماضون بعملنا لصالح العمل التعاوني لكن شرط ان يستفيد المستهلك.

• ربما يوجد أناس يريدون الاستحواذ على التعاونيات... خصخصة؟!

- لا توجد مؤامرة للخصخصة وأصلاً نعتبر العمل التعاوني (خصخصة) وهو  ليس حكومياً وفي كل المنتديات نتحدث عن هذا القطاع بوصفه قطاعاً خاصاً وغير عام... ولكن اذا استمرت الجمعيات التعاونية بعدم الالتفات لمصلحة المستهلك فأكيد ان الدولة ستعيد النظر بالنظام التعاوني الحالي مثل الذي حصل في دولة قطر التي حولت التعاونيات إلى شركات. نحن لا نريد هذا ولا ندفع له، والدولة تدعم العمل التعاوني كما اسلفت شرط ان يكون لمصلحة المستهلك... ومن واقع الدراسات فإن الوضع الحالي يفيد ان التعاونيات بدأت تخرج عن هدفها الأساسي وهو توفير السلع والخدمات للمستهلك بأقل كلفة ممكنة، والجمعيات اليوم تضع العراقيل امام الموردين للبيع بسعر اقل من السوق الموازي واذا قامت بتذليل الصعوبات التي تواجه هؤلاء الموردين مثل البضاعة المجانية وعدم دفع مستحقات التجار فوراً أو خلال مدة قصيرة وكذلك السلع التالفة التي تعاد للمورد. الجمعيات تتعامل على اساس ان كل الاصناف التي تدخل الجمعية هي برسم البيع كل ذلك لا بد ان يترجم لصالح المستهلك.

• لكن للجمعيات رصيداً ضخماً في البنوك؟

- رصيد يوازي ديونها!!.. للجمعيات حسب آخر ميزانية مجمعة 89 مليون دينار كودائع وعليها مبلغ 90 مليون دينار كديون للموردين!!

• وهناك ارباح سنوية؟

- الأرباح السنوية رغم كل الامتيازات. ورغم العوائق أمام الموردين الواقع يفيد ان الجمعيات لا تربح من المتاجرة! ومن واقع آخر دراسة فإن مجمل ارباح الجمعيات التعاونية هو 49 مليون دينار ومجمل المصاريف 52 مليون دينار! نحن لا نريدها ان تربح كثيراً لأن العمل التعاوني لا يقوم على الربح. لكن خطأ ان تربح الجمعيات على حساب المستهلك.

• سأضرب مثلاً يفيد انكم ضيقتم على الجمعيات بموضوع تأجير الأراضي او العقار للبنوك؟

- نحن كوزارة شؤون كنا مع الجمعيات في قيامها بتأجير البنوك... منذ نشأة الجمعيات ونحن ندافع عنها... والمحاضر تشهد... وفي مجلس الوزراء باللجنة الاقتصادية وفي البلدية... وأيام الوزير فيصل الحجي ذهبنا للدفاع عن  الجمعيات وطلبنا ان تؤجر كل البنوك في المناطق النموذجية من الجمعيات وفي المناطق الاستثمارية والتجارية لم نمانع بتأجير البنوك من املاك الدولة مباشرة.

• اذاً انتم لستم ضد التعاون؟

- نحن مع المستهلك. قام التعاون من أجل المستهلك ويجب ان يستمر هكذا والربح يجب الا يكون هدفاً للجمعيات. وقد عممنا مرة لمنع الإعلان عن الأرباح قبل عقد الجمعية العمومية، لكن البعض لم يلتزم وظل يعلن عن الأرباح... ربما لأغراض انتخابية!


• العامل الانتخابي مهم تعاونيا... أليس كذلك؟!

- نعم... مجلس الأمة عام 1981 ضم 20 نائبا بل أكثر كانوا من الحركة التعاونية.

• ما قصة حل الجمعيات وتعيين مجالس إدارة من الشؤون؟

- لا نتدخل الا عندما تصل الامور الى حد لا يطاق... عندما ذهبنا للتفتيش على إحدى الجمعيات وجدنا انه لا توجد لنا كراسي لنجلس عليها...!! نحن نتدخل عندما تصل الخسائر حدا لا يمكن معه السكوت عليها... والمجالس المعينة تحقق انجازات دون ان يلغي هذا كون ان مجالس منتخبة تحقق انجازات وتعمل بكفاءة عالية وبأداء عال جدا... نحن لا نتدخل الا عندما تنشأ حالة ضرورية للتدخل.

• لكن بعض الأرباح تستخدم لأغراض عامة في الضاحية؟

- هناك 25 في المئة من صافي الارباح لهذا الغرض... وفي كل حال لا يجب ان يتم هذا على حساب المستهلك. ونحن لا نحل الجمعيات لانها لا تربح... بل جراء سوء الادارة.

• لماذا لا تحدد الوزارة (الشؤون) أسعار عدد من السلع الأساسية؟

- هذا عمل وزارة التجارة واتخذ قرار فيه... لا اريد التحدث باسم وزارة التجارة لكن هناك قراراً بزيادة جودة عدد من السلع وزيادة كميتها.

• لماذا جمعيات الشرطة والجيش أرخص؟!

- لانها بإدارات غير منتخبة!!... كل شيء يتم ضمن رواتب جهاز الشرطة.

• طيب... ألا تشعرون بمسؤولية تجاه اعادة مسؤولية الناس عن القطاع التعاوني وشعور الثقة بهذا القطاع؟

- لا بد ان نعود للوصفة السابقة وهي ان تكون أسعارنا أفضل من باقي الاسواق... تجربة تحديد السعر اثبتت فشلها ولا بد ان (نلحق روحنا) والا لجأ الناس نهائيا الى السوق الموازي وخاصة من غير المساهمين... المساهم يستفيد ويخصم ارباحه من السعر فيجد انه اشترى بالرخيص... لكن نحن نخشى ان يفقد السوق التعاوني غير المساهمين.

• هل التجار أبرياء تماما من هذا الوضع؟!

- نوجه أيضا الرسالة الى التجار... الجمعيات هذه معارض مفتوجة لكم ولبيع سلعكم هناك 70 سوقا مركزيا في البلاد وأكثر من مئات الفروع... السوق التعاوني هو 500 مليون دينار سنويا... بامكان التجار التعاون لصالح المستهلك وتجميد لجنة الاسعار لا يعني الاضرار بالمستهلك... والقرار والوضع لا بد ان ينعكس ايجابيا، وقد يتم الغاء قرار تجميد اللجنة بعد ازالة الاسباب المؤدية لزيادة الاسعار عن السوق الموازي.

هناك زيادة في الاسعار عالميا ونحن جزء من المنطقة والعالم ونحن نسمع عن دول اتخذت قرارات لكبح جماح الاسعار لصالح المستهلك... والتجار مدعوون لاعادة النظر بالعلاقة مع الحركة التعاونية... وان خفض الاسعار كما نفهم لا يعني خفض الارباح بالضرورة... لكن مطلوب عمل جماعي بازالة العوائق من أمام حماية المستهلك، ولا بد من اجراءات مثل وقف تأخير دفعات الموردين ولا بد من تخفيف ايجار الارفف والتوالف والمرتجعات واستخدام ذلك لصالح المستهلك.

• هل القرار بتجميد لجنة الاسعار قابل لاعادة النظر؟

- نعم... ولكن بعد مدة مناسبة من تفعيل القرار الحالي... لقد دعمت الدولة العمل التعاوني منذ البدء ولهذا كان دورها محوريا في شركة المواشي... والأسماك، والمنتجات الزراعية. ان الخطط التنموية للدولة تدور أيضا حول دعم العمل التعاوني... ففي كل منطقة لا بد من وجود مجمع تعاوني وبنية تحتية كاملة في محيط هذا المجمع التعاوني... هذا توجه استراتيجي للدولة... لكن النتيجة يجب ان تكون موازية كجدوى... والا فهل من المنطق ان يكون المنتج الكويتي في البقالة أرخص من الجمعية؟!

• كيف تصف موقف الوزير الحالي من الجمعيات... والعمل التعاوني عموما؟

- مفهوم معاليه هو ان الجمعيات هي مخزون استراتيجي للبلاد... مخزن استراتيجي للسلع... ونحن نرغب في تعزيز هذا الدور لتوفير السلع الاساسية ضمن الخدمات الأخرى، وهذا ما يجب ان يعيه الجميع... ان تجربتنا محل تقدير في مجمل دول العالم وأود الحفاظ عليها وفي العيد الوطني ستجدون معلما مهما كان ثمرة للحركة التعاونية.

• ما هو؟!

- سوف تنفرد «الراي» بملف كامل عنه!!

• وهو كذلك.

- الى اللقاء!!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي