العروة الوثقى
د. وليد محمد عبدالله العلي
| د. وليد محمد عبدالله العلي |
الحمد الله الذي جعل آية الكرسي عروة الآيات القرآنية، والتي زُيِّن جيدها بأنفس القلائد، فهذه معشر الأخوة والاخوات بعض معاني آية الكرسي الحافظة من اذى كل جني وأنسي، فما أعلاها من آية وبيان، وأعظمها من حجة وبرهان، فقد اشتملت هذه الآية الكريمة على عشر جُمل يُصدق بعضها بعضاً في الوعظ، وحوت خمسين كلمة مثبتة ونافية شافية وكافية وآخذة بعضها بُحجز بعض.
سنتأملها معكم - بمشيئة الله تعالى - من خلال هذه الزاوية طوال شهر رمضان المبارك.
الجملة الثالثة: (لا تأخذه سنةٌ ولا نوم) - 1
لما تقدم وصف الله تعالى بكمال الحياة والقيومية: جاء تأكيد ذلك بنفي النوم ومقدماته عنه بالكلية، فهو حي دائم لا ينام ولايموت وقيوم قاهر لا ينعس ولا يفوت.
فالنعاس والنوم مسوغ لتغير الاحوال والانتقال من حال الى حال، ولو جرى ذلك لدكت السماوات السبع والارض وادركهما الزوال، (ان الله يمسك السموات والارض ان تزولا ولئن زالتا ان امسكهما من احد من بعده انه كان حليما غفورا) (سورة فاطر: الاية 41).
اخرج ابن ابي حاتم عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: (ان بني اسرائيل قالوا: يا موسى، هل ينام ربك؟ قال اتقوا الله، فناداه ربه عز وجل، يا موسى سألوك هل ينام ربك؟ فخذ زجاجتين في يديك، فقم الليلة، ففعل موسى، فلما ذهب من الليل ثلث: نعس، فوقع لركبتيه، ثم انتعش فضبطهما، حتى اذا كان آخر الليل، نعس، فسقطت الزجاجتان فانكسرتا، فقال: يا موسى لو كنت انام لسقطت السماوات والارض، فهلكت كما هلكت الزجاجتان في يديك، فأنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم اية الكرسي).
فالنعاس يمنع المقدر من التقدير والنوم يشغل المدبر عن التدبير، وهذا ينافي كمال العليم الخبير، فمن علم ان هذا وصف من مقاليد الامور كلها بيديه: فإنه يفوض جميع امره اليه، ويصدق في التوكل عليه، (وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا) (سورة الفرقان: الاية 58).
فكيف يجوز على المدبر المصرف ان يأخذه نوم او نعاس وهو القائم على كل نفس بما كسبت من نفوس الناس؟ فلو جاز عليه ان ينعس او ينام، فمن الذي يحصي اعمال الانام؟
فعن ابي موسى الاشعري رضى الله عنه: (قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات فقال: ان الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له ان ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع اليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور، لو كشفه لاحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه) اخرجه مسلم.
* استاذ العقيدة بكلية الشريعة - جامعة الكويت
الحمد الله الذي جعل آية الكرسي عروة الآيات القرآنية، والتي زُيِّن جيدها بأنفس القلائد، فهذه معشر الأخوة والاخوات بعض معاني آية الكرسي الحافظة من اذى كل جني وأنسي، فما أعلاها من آية وبيان، وأعظمها من حجة وبرهان، فقد اشتملت هذه الآية الكريمة على عشر جُمل يُصدق بعضها بعضاً في الوعظ، وحوت خمسين كلمة مثبتة ونافية شافية وكافية وآخذة بعضها بُحجز بعض.
سنتأملها معكم - بمشيئة الله تعالى - من خلال هذه الزاوية طوال شهر رمضان المبارك.
الجملة الثالثة: (لا تأخذه سنةٌ ولا نوم) - 1
لما تقدم وصف الله تعالى بكمال الحياة والقيومية: جاء تأكيد ذلك بنفي النوم ومقدماته عنه بالكلية، فهو حي دائم لا ينام ولايموت وقيوم قاهر لا ينعس ولا يفوت.
فالنعاس والنوم مسوغ لتغير الاحوال والانتقال من حال الى حال، ولو جرى ذلك لدكت السماوات السبع والارض وادركهما الزوال، (ان الله يمسك السموات والارض ان تزولا ولئن زالتا ان امسكهما من احد من بعده انه كان حليما غفورا) (سورة فاطر: الاية 41).
اخرج ابن ابي حاتم عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: (ان بني اسرائيل قالوا: يا موسى، هل ينام ربك؟ قال اتقوا الله، فناداه ربه عز وجل، يا موسى سألوك هل ينام ربك؟ فخذ زجاجتين في يديك، فقم الليلة، ففعل موسى، فلما ذهب من الليل ثلث: نعس، فوقع لركبتيه، ثم انتعش فضبطهما، حتى اذا كان آخر الليل، نعس، فسقطت الزجاجتان فانكسرتا، فقال: يا موسى لو كنت انام لسقطت السماوات والارض، فهلكت كما هلكت الزجاجتان في يديك، فأنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم اية الكرسي).
فالنعاس يمنع المقدر من التقدير والنوم يشغل المدبر عن التدبير، وهذا ينافي كمال العليم الخبير، فمن علم ان هذا وصف من مقاليد الامور كلها بيديه: فإنه يفوض جميع امره اليه، ويصدق في التوكل عليه، (وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا) (سورة الفرقان: الاية 58).
فكيف يجوز على المدبر المصرف ان يأخذه نوم او نعاس وهو القائم على كل نفس بما كسبت من نفوس الناس؟ فلو جاز عليه ان ينعس او ينام، فمن الذي يحصي اعمال الانام؟
فعن ابي موسى الاشعري رضى الله عنه: (قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات فقال: ان الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له ان ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع اليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور، لو كشفه لاحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه) اخرجه مسلم.
* استاذ العقيدة بكلية الشريعة - جامعة الكويت