د. وائل الحساوي / نسمات / زوبعة العمل الخيري

تصغير
تكبير
«حفاظا على قدسية بيوت الله وهيبتها وعدم اخراج رسالتها عن المسار الصحيح طلبت وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية من ادارة المساجد وأئمتها عدم السماح لأي جهة كانت القيام بجمع التبرعات سواء المباشرة او المستقطعة من البنوك» كان هذا هو التعميم الذي وجهه وكيل وزارة الاوقاف لشؤون المساجد لمديري الادارات تنفيذا لقرار مجلس الوزراء بتاريخ 7 مارس الماضي بمنع جمع التبرعات بجميع انواعها سواء في المساجد او الجمعيات التعاونية او الاسواق التجارية في جميع مناطق الكويت.

ثم تطورت العملية وتضاربت التصريحات لتنفي هذا القرار على لسان وزير الاوقاف والعدل الذي اكد ان هذا القرار لم يصدر اصلا، ووكيل الشؤون الذي نفى علمه بمثل هذا القرار.

لابد ان في الامر سرا وان الذي حدث هو احد شيئين اما ان الحكومة قد اصدرت هذا القرار ثم تراجعت عنه بعدما شعرت بحجم ردة الفعل الشعبية، وإما ان هنالك اطرافا في وزارة الشؤون او وزارة الاوقاف ارادت ايقاف جمع التبرعات فصورت الامور بطريقة معينة قبل ان تنكشف، وهذا الامر قد تكرر كثيرا من مسؤولين في وزارة الشؤون.

لكن السؤال الاهم هو: ما المصلحة من عرقلة جهود الجمعيات الخيرية في جمع التبرعات خلال شهر رمضان المبارك؟!

لقد كان العذر سابقا هو منع ضعاف النفوس من سرقة اموال الناس تحت مسمى جمع التبرعات، وهو سبب وجيه تداركته الجمعيات بإيقاف الجمع النقدي، ولكن ماذا عن جمع الاستقطاعات المختومة من وزارة الشؤون، هل يشكل ذلك خطرا على أموال الناس؟! ولماذا المنع في المساجد والجمعيات والأسواق التجارية وكأنما هو نوع من انواع تجفيف منابع العمل الخيري؟!

كلنا قد سافرنا إلى الدول الاوروبية والولايات المتحدة ورأينا حجم العمل الخيري فيها واقبال الناس عليه، وكل ما تفعله الحكومات هناك هو تنظيم العمل الخيري بوضع طاولات واعطاء وصولات للمتبرعين، ورأينا المنظمات التبشيرية تجمع المليارات من الدولارات من الناس وتطوف العالم كله لتبني الكنائس والجامعات والمطارات والمستشفيات من تلك التبرعات نحن الدولة الوحيدة التي تتفنن فيها الحكومة كل يوم بايجاد وسيلة لتعطيل جمع التبرعات بحجة التنظيم، وكأنما قد اكتشفوا سرقة العصر من تلك الجمعيات الخيرية!!

سامحك الله يا مبارك

تألمت مما كتبه الاخ مبارك العبدالهادي في جريدة القبس بتاريخ 5 رمضان بعنوان: «التلويح والتهديد يدفعان الحكومة للتراجع، والتجاوزات مستمرة»، حيث خلط الحابل بالنابل ومنها قوله: «ومع الاسف الشديد، ان قضية جمع التبرعات لم تعد قضية انسانية بقدر التهافت من قبل بعض المستفيدين من اموال المتبرعين والتسابق للجمع بأي صورة كانت حتى ولو كانت مخالفة لان الهدف ليس جمع التبرعات بقدر جمع اكبر المبالغ وباي طريقة دون النظر بعين الاعتبار لمصلحة البلاد».

واتمنى من الاخ مبارك ان يحدد من هم المستفيدون من جمع التبرعات، ولا اعتقد بان المقصود يمكن ان يكون غير تلك الجمعيات الخيرية التي وثق بها أهل الكويت وسلموها أموالهم ثم تابعوا إنجازاتها في كل مكان!! فهل تشهد يا مبارك على هذا الكلام عند الله تعالى؟!

ثم تكلم الأخ مبارك عن الأصوات الرافضة لتنظيم العمل الخيري والتحايل من قبل أصحاب النفوس الدنيئة، وأتمنى أن يعطينا مثالاً واحدا على رفض القائمين على العمل الخيري للتنظيم، بل هم قد تعاونوا مع وزارة الشؤون ووزارة الأوقاف بشهادة المسؤولين الكبار وبادروا إلى تطبيق كل ما أمرتهم به، وهل يقصد بأصحاب النفوس الدنيئة بعض المكلفين بجمع التبرعات ممن يرتكبون المخالفات أم يقصد القائمين على تلك الجمعيات؟!

ثم أدخل الأخ مبارك كلاماً لا شأن له بالموضوع وهو عن عدم كشف الجمعيات الخيرية عن ميزانيات التبرعات، فهل تريد أن تتصل بك الجمعيات لتخبرك عن حجم تبرعاتها؟ وهل دققت في الكشوف التي تقدمها الجمعيات كل عام لوزارة الشؤون بجميع تفاصيل ميزانياتها ومدخولاتها ؟!

يحدثني أحد رؤساء الجمعيات الخيرية الكبيرة بأن جمع التبرعات من المساجد في رمضان (بشكل استقطاعات) لا يمثل إلا أدنى ما يدخل على جمعيته من تبرعات.



د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي