عند اشتداد العاصفة من البدهي ألاّ تتأثر الأعشاب والشجيرات الصغيرة بقدر تأثر تلك الشجرة العملاقة، ومن الطبيعي كذلك أن يلجأ الجميع إلى ظِلال الشجرة نفسها عند اقتراب السحابة السوداء المحملة بزخات المطر. وفي المقابل، تبقى تلك الشجرة نفسها بصمودها وشموخها مهما تغيّرت عوامل الطقس والزمن، ويبقى ظلها ظليلاً لمن يهوى ثمرها أو يكرهه، وتبقى معطاءة لمن يسقيها ومن يُقطّع أغصانها على حد سواء!
قد يكون هذا المثال مدخلاً لا بأس به لشرح الحالة السياسية التي مر بها مجلس أمتنا أثناء الاستجواب الأخير لوزيرة التربية. فالمساحة الكبيرة التي أولتها وسائل الإعلام لشرح أو تفسير أو انتقاد موقف كتلة «العمل الشعبي» من الاستجواب أسهمت في غض النظر عن مواقف باقي التكتلات السياسية في المجلس، إذ حاول الكثيرون عرض هذا الموقف على أنه «البقعة السوداء» المسكوبة على ثوب التكتّل الناصع البياض. ونحن لا نسعى هنا إلى تبرير موقف أعضاء الكتلة أو الدفاع عن مقولة «تفكك التكتل» التي روّج لها أولئك المتضررون من أدائه وقبول الشارع لأعضائه. فلا يَعيب كتلة سياسية تباين آراء أعضائها في قضية معينة، والأمثلة على ذلك لا تُعد ولا تُحصى.
إن حالة «توجيه الحِراب» على كتلة «العمل الشعبي» لم تأت من فراغ. فالكتل السياسية لم تنس بعد تلك الأرقام الخيالية والمخيفة التي حطّم بها أعضاء الكتلة صناديق الاقتراع خلال الانتخابات الماضية، والتي لم تقتصر على أعضاء الكتلة، بل انتقلت إلى أولئك المرشحين الذين يدورون عن فُلكه ويؤيدونه في رؤاه. وقوى الفساد لم تنس بعد مواقف أعضاء التكتل من قضية الأموال العامة وأملاك الدولة وقانون الانتخاب، وغير ذلك من الأمور التي جعلت التكتل «طوق النجاة» لأبناء هذا الوطن، فسيظل طوْد التكتل شامخاً بشموخ هذا الوطن، ولن تكون تلك المحاولات اليائسة أفضل من «عشم إبليس بالجنة»!
خربشة
نسأل أصدقاءنا المنظرين والتقدميين، هل يمكن إطلاق مصطلح «سابقة» على حفل الاستقبال الذي أقامه «التحالف الوطني الديموقراطي» لوزيرة التربية؟ وهل أغفل حماة الدستور قراءة مذكرته التفسيرية الخاصة بطرح موضوع الثقة؟
د. علي عبد الله جمال
طبيب وكاتب كويتي
[email protected]