نبارك لكم حلول شهر رمضان الكريم داعين المولى عز وجل ان يجعله شهر خير وبركات وتوبة إلى الله.
ما أجمل ان يجعل الإنسان من ذلك الشهر محطة توقف لجرد حساب سنة كاملة مضت وينظر ما الذي قصّر فيه من الاعمال لكي يتداركه.
إن ما يميز شهر رمضان هو انه يسعى لتغيير النمط اليومي للانسان فيغير أوقات طعامه وشرابه، ويغير عاداته ويربطه بنظام دقيق يشترك فيه مع بقية الناس بحيث لا يشعر بالضيق. أحيانا أفكر في الشعوب التي ليس لديها أي تغيير في نمط حياتها أو عملها اليومي طوال العام، وأشعر بحجم الرتابة اليومية التي تعيش فيها، وقد يكون ذلك من مسببات الكآبة لدى كثير من الناس، وإذا كان الاطباء يقررون بأن الصوم مهم جدا لعلاج كثير من مرضاهم من ناحية جسدية وفسيولوجية، وان الجسم بحاجة لطرد الفضلات الزائدة عن طريق الصيام فإن الذين يسيرون على نهج واحد من النظام الغذائي دون تجديد طوال العام إنما يقتلون انفسهم دون ان يشعروا ناهيك عن فقدانهم السيطرة على شهواتهم عندما يريدون. بالطبع فإن الصيام المقصود من الاطباء ليس هو الصيام الذي نصومه اليوم حيث نقضي على كل ما نبنيه طوال يوم الصيام بسبب الهجوم الكاسح على الطعام وقت الافطار والاكثار من الأكل إلى درجة الاختناق، وتنويع السفرة بالمأكولات الضارة مثل الحلويات والعجائن والمنبهات وغيرها، ولكن للاسف ان نمط الحياة الاجتماعية في رمضان قد أصبح طاغيا وأصبحت مقاومة التغيير من أصعب الامور، والعادات الضارة تترسخ سنويا وباستمرار!!
هنالك قضية تشعرني بالحزن على انتشارها في رمضان وهي الاطباء المتفيهقون والفقهاء المطببون، وأقصد بها بعض الاطباء الذين يفتون للمرضى أو المتمارضين بالفطر لأدنى عارض صحي دون إدراك لشروط الصوم وأهدافه وغاياته، وكذلك الفقهاء الذين يلبسون ثوب الاطباء بتشخيص ما يعانيه البعض من عوارض صحية والافتاء لهم بالفطر أو بالصوم دون فهم لطبيعة تلك العوارض، فعلى سبيل المثال ليس كل مريض بالسكر يضطر للفطر بل قد يكون الصيام افضل له من الفطر، كذلك فليست كل فتاوى الصيام تنطبق على جميع الناس من دون تمييز بل يراعي الشرع الحالات الفردية وهكذا.
أما الطامة الكبرى فهي فيمن يفتي بأن الدخان في رمضان لا يفطر، وحتى لو سلمنا بفقهه الشاذ المخالف لاجماع العلماء فإن الأمم تسعى اليوم لقطع دابر التدخين بجميع الوسائل الممكنة بسبب الدمار الهائل على البشرية، والصوم هو افضل وسيلة لتشجيع المدمنين على قطع التدخين، لكن يبدو أن هؤلاء المتعالمين لديهم وكالة مع شركات الدخان لترويج بضاعتهم وزيادة اعداد الزبائن ولا حول ولا قوة إلا بالله !!
د. وائل الحساوي
[email protected]