«حزب الله» في قرار «مفاجئ» عشية نتائج التحقيق بـ «الأحد الدامي»: الرد على النيران بأشد منها منذ الآن ولو انفجرت في عموم لبنان

تصغير
تكبير
| بيروت - من وسام أبو حرفوش |بدا الوسط السياسي اللبناني في حال انحباس انفاس في انتظار اعلان نتائج التحقيق في ملابسات احداث «الاحد الدامي» بين الجيش ومجموعات من الشبان المحتجين في محلة مار مخايل ـ الشياح، على تخوم الضاحية الجنوبية لبيروت، والتي ادت الى مصرع سبعة من الشبان وجرح نحو 30 آخرين.

وينتظر اليوم اعلان نتائج التحقيق العسكري الذي باشره الجيش بـ «جدية وشفافية» منذ وقوع الاحداث وباشراف من قائده العماد ميشال سليمان، في الوقت الذي يستكمل القضاء العدلي تحقيقاته الحثيثة، باشراف من النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا.


وعلمت «الراي» ان «حزب الله» وفي تطور خطر اتخذ قراراً، وبمعزل عن النتائج المرتقبة للتحقيق، بـ «الرد من الآن وصاعداً على اي نار بأشد منها، حتى ولو ادى الامر الى انفلاش المواجهات واتساع رقعتها على عموم لبنان»، ما يشكل عنصراً اكثر دراماتيكية في الصراع الدائر في لبنان.

واللافت ان «حزب الله» الذي كان حتى اول من امس يتعاطى مع الاحداث الدامية في محلة مار مخايل - الشياح كـ «تطور موضعي» يمكن ان يتلقف نتائجه التحقيق الجدي من دون ان يبني عليه في ادائه الداخلي القائم على معادلة «ان التوتير مسموح والانفجار ممنوع»، قرر على نحو مفاجئ وعلى مستويات قيادية امس «الرد على النيران بنيران اشد منها».

ووصفت دوائر مراقبة في بيروت، تسنى لها الاطلاع على القرار المستجد لـ «حزب الله»، بانه يشكل تفلتاً من الحزب، الذي يملك قدرة عسكرية هائلة، من «الضوابط» التي كان رسمها لادائه الداخلي في المرحلة السابقة، وهو الاداء الذي كان يحاذر من استخدام سلاح المقاومة في احداث داخلية تفادياً لاتهامه بالميليشيوية.

وثمة من يعتقد ان قرار الحزب، الذي جاء بعد اجتماعات تقويمية، على مدى الايام الثلاثة، يتصل بعدم الحصول على «أجوبة شافية» لاسئلته المتعلقة بملابسات احداث الشياح - مار مخايل، ومنها: لماذا اعطيت الاوامر باطلاق النار؟ ولماذا استمرت المواجهة ثماني ساعات؟ اين كانت قيادة الجيش في هذا الوقت؟ من ارسل فوج المغاوير «المقاتل» على أهبة الاستعداد.

واللافت ان «حماوة» هذه الاسئلة لم يبددها اللقاء الذي كان عقد بين قائد الجيش العماد سليمان والامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في اليوم الذي تلا المواجهات، وتجدر الاشارة الى ان مصادر قريبة من الحزب اشارت الى ان نصرالله امتنع في بادئ الامر عن استقبال العماد سليمان ثم استقبله تفادياً لاحراج شريكه في التحالف الشيعي، رئيس البرلمان نبيه بري الذي كان استقبل العماد سليمان في اليوم عينه.

وفي حمأة هذه التطورات، وعشية الاعلان عن «الدفعة الاولى» من نتائج التحقيق أبدت الدوائر المراقبة في بيروت خشيتها من امكان توظيف المعارضة نتائج التحقيق غير المسبوق في «نزاهته وحرفيته وجديته» في غير الوجهة الصحيحة له، حتى لو اثبت ان المواجهة سادها فوضى خطيرة في تعامل العسكريين مع المحتجين. وفي رأي تلك الدوائر ان الخشية هي من ان يفضي التحقيق الى اثبات وجود «فخ» نُصب للجيش ونجح اصحابه في استدراجه الى ما يمكن ان يسمى الافراط في استعمال القوة بدافع من التوجس الذي ساد لحظة الحادث من وجود مندسين ومن جو عدائي حيال الجيش تمثل في محاولة نزع سلاح القوة الامنية الاولى التي حاولت اقناع المتظاهرين بفتح الطريق.

ومع ان توصل التحقيق الى تحديد مسؤوليات فردية وجماعية للعسكريين والضباط المعنيين سيشكل نقطة صدقية كبيرة وغير مسبوقة للتحقيق، فان الاوساط نفسها تخشى ان يأتي ذلك على حساب التوظيف السياسي الهائل الذي ستتولاه قوى المعارضة لضرب هيبة الجيش وتصويره في موقع يخالف تماماً ما اريد للتحقيق السريع والشفاف ان يتولاه من وأد للفتنة ومحاسبة المخالفين وكشف للمتورطين او لجهات سعت الى زج الجيش في مواجهة مع المواطنين في منطقة ذات حساسية عالية من التوتر مع مؤسسات الدولة.

وفي موقف بدا وكأنه استباقاً لاستغلال المعارضة نتائج التحقيق، طالبت قوى «14 مارس» بعد اجتماع لامانتها العامة امس بان يكون التحقيق شاملاً ولا يقتصر على المؤسسة العسكرية وأفرادها وضباطها، مشددة على «ضرورة ان يتناول ملابسات التحريض على التظاهر، وتوقيت النزول الى الشارع اثناء انعقاد مؤتمر وزراء الخارجية العرب، في وقت ثبت ان الكهرباء لم تكن مقطوعة، وان يشمل التحقيق الجهات الحزبية التي زودت بعض المتظاهرين بالاطارات، والمجموعات التي حاولت تطويق وحدات الجيش ونزع اسلحتها وغيرها من الممارسات الموثقة».

وحذرت قوى «14 مارس» من «استمرار التحرش بالجيش اللبناني عبر الاعتداءات المتكررة على بعض المواقع العسكرية سواء في الضاحية او في كورنيش المزرعة»، مطالبة الجهات القضائية بضم هذه الممارسات المستمرة الى ملف التحقيق.

وأعلنت انها مع تقديرها التام لحجم هذه الاحداث وللألم الذي يعتمر صدور الاهالي الذين فقدوا ابناءهم «من المستغرب ان يتم الربط بين نتائج التحقيق ومستقبل النظام في لبنان، او بين نتائج التحقيق ومصير المبادرة العربية».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي