حسين الراوي / الكلمات الوردية

تصغير
تكبير
قال: إن أردتِ أن تأتي... فأت كُلكِ.

قالت: ماذا تعني... بـ كُلي!

قال: أي بروحكِ وقلبك وأحاسيسكِ وجنونكِ.

قالت: يا طماع!

قال: بل أنا رجل لا يُحب الأجزاء!

قالت: يا شيطاني!

قال: هكذا هو طبع الأطفال!

قالت: أطفال!

قال: أليس «في داخل كل رجل... يكمن طفل»!

قالت: أرى في عينيك مدينة حزينة... لماذا؟

قال: لأن تلك الـمدينة لم يغسلها الفجر.

قالت: أي فجر؟

قال: الفرح.

قالت: أمعقول هذا؟

قال: يال العجب... ألم تشاهديها حزينة!

قالت: هل وقعت في الحب من قبل؟

قال: نعم... ولكن لم أشعر بالوقوع!

قالت: كيف يكون هذا؟... هل هي فلسفة!

قال: لا، ليست فلسفة... بل هي الحقيقة.

قالت: إذا أطلبُ تفسيراً لذلك؟

قال: يا سيدتي... الرجل لا يقع في الحب أبداً!

قالت: ويحك... ما تقول؟

قال: اهدئي... ألا تريدين الحقيقة؟

قالت: نعم.

قال: الرجل مِنا لا يقع إلا في الزواج.

قالت: والحب؟

قال: يقفز فيه من مكان لمكان!

قالت: أنت مجنون.

قال: شُكراً جزيلاً.

قالت: واللهِ إنك مجنون!

قال: أتريدين أن تقولي: «صريح»... نعم فالصراحة عندكم هي الجنون!

قالت: أتعرف، لم أقابل إنساناً مثلك... رغم شدة وضوحك... إلا أني لم أفهمك!

قال: لأني أشبه البحر.

قالت: وكيف أنت تشبه البحر؟

قال: أنا موج يسكن وسط روح... وروح تسكن وسط موج!

قالت: أنت فيلسوف ومجنون أيضاً.

قال: وأنتِ بريئة إلى حدٍ يجلب البكاء!

قالت: أعذرني.. لابد أن أتبخر الآن!

قال: حسناً، تبخري وسأحبس عِطركِ في يدي

قالت: وكم حبست عطراً قبل عطري؟

قال: آلاف العطور.

قالت: وما كان أجملهن؟

قال: الذي لا ينتهي حتى أبدده.

قالت: ولماذا تبدده؟

قال: لكي تبقى اللذة تسكنه

قال: تبخري الآن أرجوك... وبسرعة

قالت: أتريدني أن أرحل وبسرعة... لماذا؟

قال: لأني لا أهوى القطرات الأخيرة في قاع الكأس!

قالت: هل سأراك لاحقاً؟

قال: لا أعرف، اسألي الظروف.

قالت: اعتذر، لقد تأخرت عن الوصول في الموعد المحدد.

قال: لا تعتذري لي أبداً، إنما اعتذري وتأسفي لهذا المسكين (ثم وضع كفه على قلبه).

قالت: تعني قلبك؟

قال: نعم... فهو الذي كان يصطلي بجمر انتظارك.

(أشرق وجهها بابتسامة) وقالت: أنا آسفة كثيراً.

قال: يا سيدتي... أنتِ في قلبي منذ البارحة... تشعلين ليله بشموع التفكير.

قالت: ولماذا كنت طيلة البارحة... تُفكر بي؟

قال: لأني اشتقت لكِ قبل أن يأتي الموعد، ولما أتى الموعد اشتقت أنا والموعد لكِ!

قالت: كلماتك تصيبني بدوار الغرور.

قال: هكذا انتن معشر النساء، تفضلن الكلمة الوردية على الرغيف والماء!

قالت: لكن لكلماتك نكهة لم أذق مثل طعمها من قبل.

قال: نعم صدقت، فأنا أُجيد فن الكلام أكثر من أي شيء آخر!

قالت: ولكن قلبي يقول إنك تُجيد أشياء كثيرة، وانك إنسان طيّب

قال: وهل قلبكِ دائماً يصدقُ معكِ؟

[رفعت عينيها للأعلى.. وعضت على شفتيها] وقالت: في هذهِ الأمور... نعم يصدقُ معي عادة.

قال: ولكن يا سيدتي... انتبهي من كلماتي الوردية.

قالت: ولماذا؟

قال: لأنه ليس من حقي أن أحلم أو أن أرسم لغيري أحلاما إلا بالكلمات وردية فقط!

قالت: أنت تجلد ذاتك كثيراً!

قال: لأنها لا تستقيم إلا بالجلد!

قالت بغضب: حرام عليك!





حسين الراوي

كاتب كويتي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي