بينما نستعد بفارغ الصبر لاستقبال الشهر الفضيل والكل يتحدث عن الهدوء والطمأنينة التي تسود النفوس ابتهاجاً بتلك المناسبة الكريمة، واستعدادات الناس على قدم وساق بشراء المستلزمات الغذائية وتهيئة المساجد للعبادة، نلتفت من حولنا فنرى المآسي تحيط بنا من كل مكان، فالتفجيرات الاجرامية التي حدثت بالأمس في البصرة والرمادي مخلّفة عشرات القتلى ومئات الجرحى، وأحقاد تتفجر في النفوس وتتساءل: هل يمكن أن يكون مدّبرو تلك الجرائم الشنيعة من البشر ناهيك عن أن يكونوا من المسلمين؟! وماذا يستفيد أولئك المجرمون من قتل الأطفال والنساء في العراق؟! وقد صدق المجرم «طارق عزيز» حين أبدى ندمه على تسليم نفسه للأميركيين وتساءل مستنكراً: كيف ينسحبون اليوم من العراق في ظل ذلك الوضع المأسوي؟! لكن لا أحد يهتم بالجواب، فهذه عادة أميركية تطبقها بامتياز كلما فشلت في تحقيق مآربها في بلد وشعرت بحجم الخسائر على جنودها، وفي المقابل تكثف فلول البعث المندحر وفلول القاعدة المنهزمة عملياتها الاجرامية من أجل سد الفراغ، يقابل ذلك فرقاء عراقيون يحكمون العراق ويعيشون في عالم غريب من الصراع المرير بينهم على من يتولى الحكم حتى بعد مرور أربعة أشهر من الانتخابات البرلمانية مما يعطيهم وبجدارة لقب أفشل سياسيين في العالم.
على الضفة المقابلة نقرأ الاحصائيات المخيفة عن حجم القتل في أفغانستان حيث بلغ عدد القتلى المدنيين منذ بدء العام أكثر من 1300 قتيل، وحيث تزداد الحرب سعيراً مع قرب انسحاب الجيش الأميركي من أفغانستان ليعيد البلد الى الخانة الأولى من الحرب الأهلية.
ويبدو بأن الطبيعة لم تترك الناس ينفردون بقتل بعضهم البعض فقد جاءت الفيضانات في باكستان والهند والصين بل وفي السعودية واليمن لتزيد من حجم المآسي التي نعيشها من حولنا، فمن يصدق أن حوالي ألفي إنسان في باكستان وحدها يقضون نحبهم بسبب هطول أمطار!! وللمفارقة فإن الشعوب الفقيرة هي أكثر الشعوب نكبات ومآس من الطبيعة والأعجب هو أن الشعب العراقي الذي يعتبر الأغنى في العالم يعاني مثلما تعانيه الشعوب الفقيرة وأكثر من الفقر والحرمان.
إذاً فهي معاناة ومآس وفيضانات وقتل ودمار من حولنا مع بدايات الشهر الفضيل، ولا نملك إلا أن نخصص جزءاً كبيراً من دعائنا لاخواننا في كل مكان داعين المولى عز وجل أن يفرج عنهم ما هم فيه وأن يتمم علينا ما نحن فيه من نعم لا تعد ولا تحصى.
د. وائل الحساوي
[email protected]