د.عبداللطيف الصريخ / زاوية مستقيمة / الشرهة على اللي يجدِّد لهذا القيادي

تصغير
تكبير
عندما كنا طلبة في الجامعة، وفي آخر كل فصل دراسي تحديداً، كان «مركز القياس والتقويم» التابع للإدارة الجامعية ينشط لتقييم أداء الدكاترة والمدرسين من وجهة نظر المستفيدين من خدماتهم، وأعني الطلبة، ولأننا من قوم خشمك إذنك، يبقى الوضع على ما هو عليه، بالنسبة للدكاترة الكويتيين، ومن يملك واسطة من الدكاترة الأجانب، حتى لو كان تقييم الطلبة لهم في أسفل سافلين، وعلى الطالب المتضرر أن يضرب رأسه في أقرب جدار، على شرط أن يكون ذلك الجدار خارج أسوار الجامعة.

تذكرت تلك العملية الروتينية التي كنا نقوم بها فصلياً أثناء الدراسة الجامعية، وأنا أسمع تصريحات مسؤولينا في الحكومة الرشيدة، وهم يرددون على مسامعنا أهمية محاسبة القياديين المقصرين، وضرورة تجديد الدماء بالنسبة للذين لا يواكبون خطة التنمية منهم، والتي تحتاج إلى فكر جديد، وروح وثابة، وطموح لا متناه، والكلام الذي منُّه. فقلت في نفسي: يا عبداللطيف... لم لا تقترح على ديوان الخدمة المدنية، أو على مجلس الوزراء، فكرة تقييم قياديي الدولة في الجهات الحكومية وشبه الحكومية من قِبل الموظفين التابعين لهم، على شرط أن يكون تقييم الموظفين للقياديين جزءاً من معادلة تقييم الأداء القيادي، والله فكرة مش بطّالة.

قلت في نفسي: ماذا عساها أن تكون بنود التقييم، وهل سيكون الموظفون أمناء في التقييم، أم ستتراقص أشباح الحزبية والمذهبية والقبلية والشللية أمام أعينهم، لتكون سيدة الموقف كالعادة، وكيف سيضمنون سرية التقييم حتى يعبِّروا عن رأيهم في أداء القيادي بكل أريحية، ودون محاسبة لاحقة وتصفيات إدارية، وما الجهة التي ستقوم بذلك التقييم، هل ستكون جهة حكومية كديوان الخدمة المدنية مثلاً، أم ديوان المحاسبة كسلطة رقابية مستقلة؟

أسئلة كثيرة تقافزت أمام عيني، وأفكار عديدة حطت ركابها لدي، قبلت بعضها، ورفضت بعضها الآخر، وقررت ترك التفاصيل والأفكار الجزئية والأمور التنفيذية لمن بيده الأمر، المهم أننا طرحنا الفكرة واقترحنا ما نظنه مفيداً لتطبيق خطة التنمية، فبدلاً من البحث والتنقيب عن حوافز مادية للتخلص من القياديين المقصرين، استعينوا بمرؤوسيهم لتقييمهم، حتى يتنافس القياديون في تطبيق أبجديات ومبادئ (الذكاء الوجداني) التي يحتاجها كثير منهم، وخصوصاً الذين لا يعرفون من مناصبهم سوى الاستفراد بالسلطة المدنية التي مُنِحت لهم، فأضْحوا (أغبياء وجدانياً)، وبالتالي فاشلين إدارياً، ووصلوا إلى حالة يُرثَى لها من التخبط، ولكن الشرهة مو عليهم، الشرهة على اللي يجدد لهم مرة ثانية.



د.عبداللطيف الصريخ

كاتب كويتي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي