انتظرت عشر سنوات للحصول على مسكن حكومي عام 1986، وكانت فترة قاتلة بالنسبة لي بالرغم من ترحيب والدي - حفظه الله - بوجودي مع اهلي معهم، ولكن الانسان بطبيعته يريد الاستقلالية والتوسع.
بالامس وزعت الحكومة مجموعة من البيوت الحكومية على اصحاب طلبات عام 1994، اي ان الفترة قد امتدت الى 16 سنة انتظار للاسرة بالرغم من الوعود الكثيرة التي قدمها المسؤولون بتخفيض المدة الى خمس سنوات او اقل. بالطبع نحن ندرك السبب المباشر وهو زيادة اعداد المتقدمين بطلبات الاسكان بشكل اضطراري وضعف قدرة الحكومة على مجاراة هذا العدد في زيادة البناء، حيث بلغت فجوة العرض والطلب عام 2009 بونا واسعا بلغ 174 ألف طلب مقابل تنفيذ 91.600 طلب، اي ان الفارق هو 83 ألف اسرة ما زالت تنتظر والفجوة تتسع سنويا.
وقد دخلت على الخط عوامل اخـــــــــرى لا تــقل اهمية لعــــرقلة التوسع في انشاء مساكن للمواطنين منــها نقص الــــطاقة الكهربائية الذي يهدد بشل البلد في وضعه الحالي، ناهيك عن بناء آلاف البيوت الجديدة، ومنها دخول شركة النفط على الخط لكي تمنع البناء على اراض نفطية ومنها ضعف قدرة هيئة الاسكان على التوسع في توقيع العقود واستجلاب العمالة المطلوبة للبناء وغيرها.
مقابل ذلك يصطدم المواطن بصخرة صماء لا تلين اذا حاول شراء الارض واستخدام قرض الحكومة، فأسعار الاراضي ما زالت تحلق في فضاء من الخيال بسبب غلائها وندرتها، ونعلم بأن هذا الغلاء مصطنع إذ ان الدولة تملك اكثر من 90 في المئة من اراضي الكويت وتستطيع الاتفاق مع شركات لتجهيز البنية التحتية ثم بيعها بسعر معقول على المواطنين، او السماح للشركات بالبناء على الاراضي ثم بيعها بأسعار منافسة، ولا اريد الخوض في الحديث عن الاطراف التي لا تريد ان يحدث ذلك لكي تظل ممسكة بخناق المواطن وتسوّق عليه ما لديها بأسعار خيالية.
شعرت بالسعادة عندما قرأت عن عزم الحكومة تأسيس خمس شركات اسكانية لحل مشكلة السكن، لكنني احذر من ان ذلك لا يكفي فالوضع يحتاج الى خطوات شجاعة لتغيير الفلسفة الاسكانية ومنها القبول بنظام الشقق وتقليل مساحات البيوت وتشجيع المواطنين على الانتقال الى المناطق البعيدة، وتجهيز المدن الخارجية بجميع الخدمات المطلوبة، فحلم الرفاه سيظل قائما ومطلوبا ولكن لابد من تخفيض درجته من 5 نجوم الى اربع او ثلاث نجوم حتى لا نفاجأ بعد عشرين عاما من الآن بأن وقت الانتظار قد اصبح 25 عاما للحصول على بيت، او ان الطاقة الكهربائية مهما زادت فلن تكفي للجميع، وبذلك سنضطر لتقديم الطلبات الاسكانية باسم ابنائنا لا باسمنا لأننا قد لا نعيش لنسكنها!!
د. وائل الحساوي
[email protected]