ديفيد كولتارت / الانتخابات الكينية والدروس المستقاة من زيمبابوي

تصغير
تكبير

ينبغي على المعارضة في كينيا أن تعترض على نتائج الانتخابات المثيرة للارتياب باللجوء إلى المحاكم إن أرادت أن تقوي ديموقراطية حكم الشعب، وأن تضعف أوتقراطية حكم الفرد التسلطي، وأن تنزع فتيل العنف. حتى في زيمبابوي، ثبت لمواطنينا الزيمبابويين وللعالم أنه لا يزال هناك أمل بالنسبة إلى تطبيق أساس الحرية بالذات وهو سيادة القانون.

ولا ينبغي على إجراءات المحاكم أن تحل محل أعمال الاحتجاجات السلمية التي تتم في الشارع. فقد قال مارتن لوثر كينغ: «العمل المباشر عن طريق الإضرابات الشعبية لحمل الحكومة على إجراء معين لا يعتبر بديلاً عن العمل داخل المحاكم وصالات الحكومة...فرفع القضايا أمام محاكم الأراضي لا يعمل على إقصاء ضرورة القيام بالتعبير التمثيلي الجماعي عن ظلم أمام دار بلدية. وبالفعل، فإن العمل المباشر والعمل القانوني سوف يكملان بعضهما البعض عندما يتم توظيفهما بطريقة ماهرة بحيث يصبح كل منهما أكثر فاعلية».

رغم أن المحاكم بطيئة ومخيبة للآمال في الدول كلها، وأنه من غير المرجح أن تقوم بعزل فريق السلطة الحاكم، غير أن من الواجب أن يتم رفع القضايا أمام المحاكم لكي يتم إثبات الالتزام بالشرعية. في زيمبابوي، لم يتم الوصول إلى قرار في شأن طعن واحد من الطعون التسعة والثلاثين الانتخابية البرلمانية التي تمت بعد انتخابات يونيو 2000 مع حلول نهاية تلك الدورة الانتخابية في العام 2005. والشيء نفسه ينطبق على الطعن الذي تم تقديمه في العام 2002 على انتخابات الرئيس روبرت موغابي، والذي تنتهي فترته الرئاسية في شهر مارس هذا العام، ولن تكون هذه القضية قريبة من التوصل إلى قرار في شأنها.

فهل كان الذهاب إلى المحكمة ممارسة دالة على الحماقة؟ أنا لا أعتقد ذلك: بما أننا كنا قادرين على أن نبين لجميع المراقبين المحايدين بأن حزب «زانو» (اتحاد شعب زيمبابوي الإفريقي ـ الجبهة الوطنية) لا يتمتع بتفويض من الشعب الزيمبابوي، وذلك من خلال عرض الحقائق بطريقة نظامية أمام المحاكم على مدار أعوام عدة. وذلك كله كان قد ساعد على خلق ضغط دولي تمت ممارسته ضد نظام حكم موغابي. كما عمل القرار الخاص باستخدام المحاكم أيضاً على إبراز التزامنا باتباع وسائل اللاعنف ومنحنا أرضية أخلاقية رفيعة المستوى لا تقبل النزاع على الصعيدين المحلي والعالمي.

كان نظام موغابي قد فكر بتزوير الانتخابات، ومن ثم القيام بعد ذلك بالانتظار على أن ينسى العالم ما يدور في تلك الظروف. وإنني أعتقد أن إجراءات المحكمة كانت المسؤولة عن منعه من القيام بذلك، أكثر من أي عامل آخر.

على الغالب أنه تم تزوير الانتخابات في كينيا بشكل مماثل جداً، وأن المعارضة تريد وبطريقة يمكن فهمها أن تفوز بالحكومة في الحال. ونحن نفهم بأننا في حزب «حركة التغيير الديموقراطي» يجب أن نكون قد تولينا الحكومة في يونيو 2000. ولكن لنفكر في البدائل، فقد رأينا بعضا منها قد حدث في كينيا.

إن الأنظمة الفاسدة لا تتخلى عن الحكم بسهولة، ولكنني لا أعتقد بأن نضال المعارضة في كينيا سيطول ليكون شيئاً يماثل طول نضالنا. يجب على أحزاب المعارضة في كينيا أن تتبع أسلوب اللاعنف، من نواحيه كافة، لأن السلوك السيئ على كلا الجانبين سيعمل على الإضرار بصورة كينيا وبكامل إفريقيا وعلى الإضرار بالاستثمارات الأجنبية؛ مما سيعمل على تخليد فكرة كون إفريقيا قارة متخلفة وعنيفة وغير آمنة. وبينما قد تكون مثل تلك الأشياء حقيقية بالنسبة إلى أفريقيا منذ عشرين عاماً ماضية، فإنها في الوقت الحالي ليست كذلك.

تعتبر زيمبابوي وكينيا من الأمثلة السيئة، إلا أن هناك العديد من الدول الأفريقية التي تقوم في الوقت الحالي بتغيير حكوماتها بطريقة سلمية، في غانا والسنغال وجنوب أفريقيا وناميبيا وموزمبيق وزامبيا ومالاوي وبتسوانا وتنزانيا وفي أماكن أخرى، وذلك في عقد الأعوام الأخير. وفي العام الماضي، قامت نيجيريا بانتهاك الانتخابات بطريقة سيئة إلا أن عدداً كبيراً من نتائج الانتخابات التي تم التلاعب بها قد تم إلغاؤها على المستوى الاتحادي ومستوى الولاية والمستوى المحلي، في حين كان على الرئيس الجديد عمرو يارادوا أن يمثل أمام المحكمة للدفاع عن نفسه.

وفي زيمبابوي وكينيا، لدينا مهمة تجاه بقية دول إفريقيا: أن نبين بأنه عندما تكون الديموقراطية معرضة للهجوم، فإننا سوف نبقى صادقين مع مبادئها الجوهرية. وسيكون على الزعماء الأفارقة كافة، المنتخبين بشكل ديموقراطي، مسؤولية دعم أولئك الذين يثبتون ذلك الالتزام. ووفق هذه الطريقة وحدها يمكننا أن نبين لباقي دول العالم بأن أفريقيا مكان آمن.

ويمكن أن يتم تحديد مستقبل كينيا الآن، وذلك إما من خلال حقائق ثابتة لا تقبل النزاع يتم عرض قضيتها في المحكمة ويتم نشرها في جميع أنحاء العالم وإما من خلال مئات من أفراد أبرياء يتم ذبحهم في جميع أنحاء البلاد.

 

ديفيد كولتارت


 وزير العدل في حكومة الظل (المعارضة) في زيمبابوي

من حزب «حركة التغيير الديموقراطي»،

كما أنه محام في مجال حقوق الإنسان منذ العام 1983،

وهذا المقال برعاية «مصباح الحرية»

 www.misbahalhurriyya.org

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي