لئن كان صحيحا ما ذكره النائب الفاضل عادل الصرعاوي من ان الحكومة قد تعاقدت مع شركة «ساتشي وساتشي» تعاقدا مباشرا لتسويق الحملة الاعلامية لخطة التنمية بمبلغ 6.5 مليون دينار فإننا نعيش في الكويت ازمة حقيقية لا خلاص منها، فالخطة الاعلامية لأي مشروع الهدف منها تسويق هذا المشروع واقناع الناس بجدواه ليقبلوا عليه فما حاجة خطة التنمية التي تعتزم الدولة تطبيقها الى حملة اعلامية لتسويقها؟! وهل هنالك من يعترض على تلك الخطة او يطلب الاقتناع بها؟! وكيف ستكون طريقة تسويقها؟!
والأهم من كل ذلك لماذا يصرف هذا المبلغ الكبير على حملة اعلامية لا فائدة من ورائها والحكومة هي من يجب ان يطبقها؟! بالأمس سمعنا عن اصرار وزارة الكهرباء على توقيع حملة ترشيد الاستهلاك بمليون دينار ورفضها القبول باجراءات لجنة المناقصات المركزية التي تستغرق وقتا للإقرار، وقد شاهدنا سابقا كيف تحولت حملة الترشيد الى وسيلة تنفيع لاطراف كثيرة، ونسمع في كل يوم عن ثقب جديد يتم فتحه في خزينة اموالنا لتنفيع جهات او اشخاص!!
وها نحن نسمع النائبين الشجاعين مسلم البراك واحمد السعدون يفتحان لنا في كل يوم كشفا جديدا من حربهما على الفساد، فبالامس تكلم البراك عن صفقة طائرتي الشحن وقال بأن هدفها انقاذ اثنين من المتنفذين وقيمتها 550 مليون دولار، ثم تكلم عن المجلس الاعلى للبترول والذي قد بصمت الحكومة على وجود تضارب في المصالح بينه وبين شركات النفط ومؤسسة البترول، وقال بأنه من المنطقي ان يعاد اختيار اعضائه بعيدا عن شبهة التنفيع، ثم تكلم عن سؤال سيوجهه لرئيس مجلس الوزراء عن الوفد المرافق له في زيارته الى اميركا اللاتينية وهل عقدوا اتفاقيات خاصة بشركاتهم او حصلوا على وكالات من هذه الدول بأسمائهم الشخصية او من شركاتهم.
ويبدو بأن مسلسل السرقات قد انتقل من الكبار الى الصغار، فها هو مدير ادارة انتاج المياه الجوفية بوزارة الكهرباء يشكو كثرة السرقات في حقول الشقايا (حسب ما كتبته جريدة الشاهد)، فقد تمت سرقة 37 كيبلا تغذي المحطات لعدد 37 بئرا، كما تعرضت محطة ميناء الزور للسرقة، وهكذا نرى المثل القائل: «المال السائب يعلم السرقة» يتم تطبيقه بحذافيره في الكويت وفي المقابل «عمك اصمخ» كما اصبح المواطن يعيش في دوامة من الريبة في ما يجري حوله، فكلما تكلموا عن عقد ينفع البلد يتم توقيعه تذهب به الشكوك الى المبلغ الكبير الذي ستتم سرقته من وراء ذلك العقد، وكلما تكلموا عن خطة للتنمية يقفز الى مخيلته بأنها من اجل تنفيع فلان وفلان، ولا نكاد نسلم من عقود شراء اسلحة او تأسيس شركات او دعم مزارعين او اعانة محتاجين فطوابير المنتفعين طويلة لا تكاد تنتهي.
واتعجب كما تعجب النائب الفاضل وليد الطبطبائي من ان هنالك مؤسسات تخسر ويتم التجديد لقيادييها مثل شركة النقل العام التي خسرت 75 في المئة من رأسمالها، وكذلك الخطوط الجوية الكويتية وغيرهما، بينما تغيب الحكومة عن جلسات المجلس لإقرار قانون الفساد وقانون من أين لك هذا!!
«يحكى ان رجلا دخل السوق، واخذ يشم ذيل السمك قبل ان يشتريه، فقالوا له: الواجب هو شم الرأس لا الذيل!، فقال: ان الرأس قد فسد منذ زمن طويل ولكنني اريد ان اطمئن الى ان الفساد لم يصل بعد الى الذيل».
د. وائل الحساوي
[email protected]