د. وائل الحساوي / نسمات / هل انطلق قطار الشفافية؟

تصغير
تكبير
كنت أنوي الكتابة عن انطلاق مسيرة الخطة التنموية التي تحدث عنها الشيخ أحمد الفهد وتوقيع عقود بملياري دينار لهذا العام فقط تشمل مبنى الشحن بالمطار وتوسعة المطار وميناء بوبيان ومحطة الصبية وجسر جابر وتوسعة الطرق وغيرها، وهي خطوة مباركة لابد من تشجيعها، فخير لنا أن نبدأ من القليل بدلاً من أن ندور في حلقة مفرغة من النقد والتمني وجلد الذات.

لكن ما شد انتباهي وأذهلني عن الكتابة عن خطة التنمية هو ما نشرته «جريدة الآن» الإلكترونية قبل أيام من رد وزير النفط وزير الإعلام على سؤال الأخ أحمد السعدون عن المناقصات التي وقعتها مؤسسة البترول مع شركات، وهل كان لبعض أعضاء المجلس الأعلى للبترول مصالح في تلك الشركات؟ فرد وزير النفط بإجابة واضحة وصريحة بوجود تعاقدات مع شركات تعود لبعض أعضاء المجلس الأعلى للبترول، ثم ذكر التعاقدات مع كل من له ارتباط بها من أعضاء المجلس.

لا شك ان تلك الاجابة في تصوري هي قفزة في نمط التعامل الحكومي مع أسئلة النواب وفي الشفافية التي لم نعهدها من حكومتنا سابقاً، ولكن في الوقت نفسه يشعر الإنسان بالمرارة أن يرى حجم الانتهاك للمال العام في أغلب مؤسساتنا - ولست أتهم أحداً معيناً إذ ان الاجابات لا تدل على اتهام مباشر لأحد - ولكني كنت أتمنى ان ترتقي بلادنا في مؤشر الشفافية بعد أن شاهدنا حجم الدمار الذي لحق بنا جراء ترك الحبل على الغارب واسقاط مبدأ المحاسبة، والذي وصل الى حرماننا من أبسط حاجاتنا الإنسانية مثل الكهرباء والماء والرعاية الصحية وشبكة الطرقات وغيرها.

أعجبني تصريح الأخ الفاضل د. جمعان الحربش قبل أيام- في قناة «الراي» عندما سئل عن سبب عدم اقرار قانون «من أين لك هذا؟!» والذي ظل معروضاً على مجلس الأمة سنوات طويلة، فأجاب بأن ذلك التعطيل تم بفعل فاعل من أطراف لا تريد تحقيق مبدأ المحاسبة للمسؤولين.

لا شك أن انطلاق عجلة التنمية وصرف مليارات الدنانير على مشاريع كثيرة ومهمة ما لم يرافقه نظام محاسبة دقيق فإن نتائجه قد تكون وخيمة كما شاهدنا في مشروع طوارئ 2007 وفي مشروع مضخات مشرف وقبلها في مشروع المصفاة الرابعة وداو كيميكال ومشاريع كثيرة.

يقول الله تعالى في صفة من يجب أن يحمل الأمانة «إن خير من استأجرت القوي الأمين»، فلابد من شرط القوة والأمانة في اختيار مسؤولينا، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة»، قالوا: «وما أمارات ضياعها؟! فقال: «إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة».

حديث لولاك... لم يقله الرسول

المفروض في شيخ الدين أن يتحرى الدقة لا سيما في ما ينقله من نصوص دينية عن الآخرين فقد أكد أحد المشايخ بأن عقيدة أهل السنة والجماعة هي صحة الحديث القدسي «لولاك لما خلقت الأفلاك»، وقوله «فلولا محمد ما خُلقت ياعيسى ابن مريم، ولولا محمد ما خُلقت الجنة والنار».

والواقع الذي يدركه أهل السنة والجماعة هو أن تلك الأحاديث - بإجماع أهل العلم - موضوعة على الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أساس لها من الصحة، بل إنها تخالف صريح كتاب الله تعالى الذي يقول «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون» وقوله تعالى «وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل».

بل إن الاعتقاد بهذا الكلام هو اتهام لله تعالى بالعبث حيث خلق الكون كله من أجل إنسان وحيث خلق الجنة والنار التي هي أعظم وسيلة لمكافأة المحسن ولمعاقبة المسيء، خلقها من أجل بشر!!





د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي