في لقاء مع «الراي» تحدث فيه عن مشروع «المزيونة» الذي تنفذه «جوهرة الفنار» في عُمان
الجري: الكويت أفضل دولة للاستثمار... وأصعبها والقطاع الخاص لن يكون له دور فعال في خطة «التنمية»

الدكتور صلاح الجري







|حوار محمد الجاموس|
رأى رئيس مجلس الادارة في شركة جوهرة الفنار العقارية الدكتور صلاح الجري ان الكويت افضل دولة واصعب دولة للاستثمار، مشيرا الى ان موظفين كبارا مستفيدون من مواقعهم ويعرقلون الاستثمار، واشتكى من البيروقراطية، وانعدام الفرص الاستثمارية، الامر الذي قال انه دفع كثيرا من المستثمرين الكويتيين الى البحث عن فرص استثمارية في الخارج مستفيدين من الحوافز التي توفرها الدول لجذب المستثمرين.
وقال الجري في لقاء خاص مع «الراي» ان «جوهرة الفنار» نفذت مشاريع نموذجية وغير مسبوقة في الكويت والمنطقة، لكنها اضطرت الى البحث عن فرص خارجية، وهو ما تحقق لها في سلطنة عمان حيث تنفذ الان مشروعا تنمويا نموذجيا في منطقة المزيونة على الحدود بين عمان واليمن، والذي يتكون من خدمات تشمل اغلب القطاعات الاقتصادية التي من شأنها ان تزيد الحركة التجارية بين اليمن ودول الخليج.
وحددالجري نقاطا عدة قال انها ضرورية كبدائل للوضع الحالي ابرزها ان تضع الدولة هدفا بجعل المستثمر شريكا استراتيجيا لها، وسرعة اتخاذ القرار والبعد عن البيروقراطية والقضاء على الفساد، ولفت الى ان دور القطاع الخاص الكويتي تراجع في بلده بعد ان غيرت الحكومة من طريقة تعاملها معه، وقال «خرجت الدولة من الباب لتعود من النافذة»
وفي ما يلي نص الحوار:
• لديكم تجارب استثمارية نوعية في الكويت، كيف تقيم الواقع الاستثماري الحالي في البلد؟
- الكويت افضل دولة للاستثمار وفي ذات الوقت اصعب دولة في هذا المجال... افضل دولة لأن العائد على رأس المال جيد، لكنها اصعب دولة من حيث النظم والبيروقراطية والمماطلة وتعذيب المستثمر بكثرة المراجعات في الدوائر الحكومية، لذلك لا يوجد استثمار مشجع بهذه الطريقة إذا لم يكن هناك شباك واحد للمستثمر.
الان هناك الانترنت، في المجتمعات التي تحترم نفسها تكون المعاملات عن طريق الانترنت، اما في الكويت فهناك بيروقراطية، واوراق المعاملات فيها تواقيع اكثر مما فيها من البيانات، وهذا اكبر عائق امام المستثمر.
إذا كانت الحكومة جادة في جلب المستثمرين، عليها اولا وقبل كل شيء ان تقوم بتنظيم وتعديل قوانينها وان تعدل العقلية الحكومية وان تجعل المستثمر يأتي لافادة البلد وليس النظر اليه كسارق للبلد.
وارى ان الجهاز الحكومي يحاول تذليل كل الصعاب امام المستثمر حتى يقوم بدوره في التنمية ويكون العائد على الاقتصاد الوطني من خلال تشغيل العمالة الوطنية واستخدام المواد الاولية من داخل البلد، وبالتالي تشغيل القطاعات الاخرى. الا ان الوضع لا يشجع على الاستثمار مع الاسف، ولكن لا نريد ان نلقي باللائمة على اشخاص، ونرى ان سمو رئيس مجلس الوزراء ووزير التجارة والصناعة وهو رجل اقتصاد يحاولان عمل شئ لكن المنظومة الموجودة من كبار الموظفين المستفيدين من وظائفهم تعطل المستثمر «لغرض في نفس يعقوب» وهؤلاء هم العائق امام رئيس الوزراء ووزير التجارة، وإذا لم يتغير الفكر داخل الحكومة وينظر الى المستثمر على انه شريك استراتيجي للدولة للمساعدة في التنمية لن يكون هناك استثمار.
علينا ان نقيم اداء الموظف حتى يعلم المسؤولون ما هو الدور الذي قام به الموظف خلال فترة زمنية، سنجد ان قلة قليلة من الموظفين انجازاتهم جيدة والبقية انجازهم صفر.
• كيف ترى الحل في مثل هذه الاوضاع؟
- ارى الحل في جملة من الامور منها ضرورة تغيير عقلية موظفي الدولة، وان يكون الهدف من جذب مستثمرين هو افادة البلد والنظر اليهم على انهم شركاء استراتيجيون للدولة ما داموا يجلبون اموالهم ويستثمرونها في مشاريع داخل البلد، وبالتالي يجب دعمهم، وسرعة اتخاذ القرار، والبعد عن البيروقراطية، والقضاء على الفساد المستشري في البلد الذي اصبح ظاهرة كبيرة داخل البلد وفي معظم القطاعات، ومع ذلك لا ترى اي مسؤول يستمع الى اي شكوى، وكل واحد منهم يحاول ان يحمي قطاعه واظهار قطاعه على انه منزه.
• ماذا عن تجربتكم في الاستثمار كشركة جوهرة الفنار العقارية داخل الكويت؟
- نحن كمجموعة جوهرة الفنار وشركاتها التابعة نفذنا مشاريع استراتيجية داخل الكويت منها مشاريع سياحية كمنتزه خليفة وتطوير منطقة الشعيبة الغربية الصناعية والتي كانت «جوهرة الفنار» اول شركة في الكويت ودول الخليج العربي تطور منطقة صناعية نموذجية، ونجحت في ذلك وانجزت هذا المشروع قبل المدة المقررة له بسنتين تقريبا وهو امر غير مسبوق لا في الكويت ولا في اي دولة خليجية اخرى، حيث اننا انجزنا المشروع خلال ثمانية اشهر في حين كان مخططا له ان ينفذ خلال ثلاث سنوات، وقد تلقت الشركة كتاب شكر من مدير عام الهيئة العامة للصناعة على هذا الانجاز، تقديرا وتشجيعا لها لتنفيذ مشاريع اخرى، لكن بعد ذلك بدأت الامور تتراجع وبدأت العراقيل توضع، وخاضت الشركة تجربة مريرة بمشروع اخر لم ينفذ، ويتعلق بتنفيذ استراحات على الطرق السريعة كانت اعلنت عنها بلدية الكويت في العام 2002 ودخلت شركات مؤهلة عدة الى جانب شركة جوهرة الفنار العقارية للمنافسة الى هذا المشروع، وتمت ترسيته على شركتنا وثلاث شركات اخرى، بعدها دخلنا بنفق كتابنا وكتابكم والبيروقراطية التي تجعل اي مستثمر يتراجع عن تنفيذ اي مشروع، وفوجئنا بكتاب من بلدية الكويت يلغي الترسية ويعيد طرحها مرة اخرى للشركات المؤهلة، والطريف في هذا الامر انهم (البلدية) قالوا لنا انكم شركة مؤهلة وتقدموا للمشروع من جديد، ثم فوجئنا بكتاب اخر من البلدية يطلب الينا تجديد الكفالة البنكية التي كنا قدمناها لدى طرح المشروع ذاته للمرة الاولى في العام 2005 او سيتم سحب مشاركتنا في التقديم، لماذا هذا التناقض ؟ وكيف يمكن العمل مع مثل هذه المؤسسات الحكومية التي تتعامل معنا بازدواجية.
اضف الى ذلك انه لا توجد امامنا بدائل حيث لا تتوافر فرص استثمارية في البلد، والاراضي تقع تحت املاك الدولة، ولا توجد في الكويت قطاعات للاستثمار سوى ثلاثة قطاعات هي العقار والاسهم والخدمات، علما بان هذه القطاعات تضررت لعدم وجود مشاريع ضخمة يساهم فيها القطاع الخاص المحلي.
• هل تقصد ان دور القطاع الخاص تراجع في ضوء هذا الوضع؟
- الشركات المستثمرة التي لها وجود في البلد تراجع دورها، خصوصا المستثمرة في مشاريع ال بي او تي حيث بدأت الدولة ترفع ايجارات تلك المشاريع على المستثمرين الذين انتهت عقودهم بقيمة مبالغ فيها وتعجيزية، او تسحب الاستثمار منهم وتسلمه الى شركات تابعة للدولة التي لا تستطيع ادارة ما لديها من مشاريع، واكبر دليل على ذلك مجمع المثنى الذي تعتزم الحكومة سحبه من بيت التمويل الكويتي، وكذلك الامر بالنسبة الى مجمع الوطية الذي كانت تديره الشركة الوطنية العقارية، ما يعني ان الدولة خرجت كمستثمر من الباب لتعود من النافذة، ورجع التأميم ورجعنا الى النظام الاشتراكي مرة اخرى.
يجب على الدولة ان تتفرغ الى الامن والدفاع وتنظيم البلد وترك القطاع الخاص والمؤسسات المدنية لتطوير نفسها وتطوير المجتمع على ان تكون داعمة له وليست معطلة او منافسة له.
هذا لا يعني انه لا يوجد مسؤولون يدعمون القطاع الخاص ويرغبون بأن يحقق قفزات لكن المعوقات عديدة امامهم لا يستطيعون تجاوزها، واكبر دليل على ذلك اغلاق بعض المصانع رغم انها مرخصة وتطبق متطلبات البيئة، كما كانت هناك حركة منظمة لضرب قطاعات معينة مثل المنطقة الحرة وتأميم الاراضي التي كانت مؤجرة لبعض الشركات مثل «اجيليتي»، وهذه كلها قطاعات مهمة في البلد ولا نعرف الدور الاحق على من؟
ما البدائل امام المستثمرين برأيكم؟
- من الطبيعي ان يبحث المستثمر عن بدائل من الاستثمار في بلده، وفي عصر العولمة جميع الدول تشجع المستثمرين الاجانب وتضع حوافز لهم للاستثمار فيها، وترى ان المستثمر الكويتي هو اول من يستغل مثل تلك الحوافز ويخرج من بلده للاستثمار في تلك الدول لعدم وجود فرص في بلده.
ونحن كمجموعة جوهرة الفنار كنا من ضمن المجموعات التي تولدت لديها افكار لمشاريع استراتيجية تعود بالنفع عليها وعلى المجتمعات التي تتواجد فيها تلك المشاريع.
• - ما رأيكم بقانون تعزيز الاستقرار المالي؟
- اعتقد ان هذا القانون كان عبئا اضافيا على الاقتصاد المحلي.
• - طرحت الدولة خطة طموحة للتنمية وحددت مبالغ طائلة للانفاق عليها خلال اربع سنوات، كيف ترى دور القطاع الخاص في تلك الخطة؟
- فعلاّ الحكومة طرحت خطة تنموية لكن المشاريع الموجودة فيها ضخمة تخدم الشركات العالمية والشركات المحلية لن تستفيد إلا بكونها وكيلة لتلك الشركات العالمية، ما يعني ان اموال الخطة وفوائدها ستذهب الى الشركات العالمية ولا اعتقد انه ستكون هناك فائدة مباشرة للشركات المحلية، باستثناء شركات على عدد اصابع اليد الواحدة.
ارى انه بدلا من انفاق الاموال بهذه الطريقة ان تعمل الحكومة على خلق شراكات بين القطاع الخاص الكويتي والشركات العالمية من خلال انشاء شركات مشتركة لتطوير وادارة الموانئ والمطار الدولي والمستشفيات وتأخذ هي نصيبها. القطاع الخاص الكويتي يصرف امواله في الخارج، لماذا لا تفتح الدولة له المجال ليصرف امواله في بلده؟ بدلا من تخوينه بمشاريع ال بي او تي التي فاز بها وانفق عليها امواله، واستثمرها لفترة قصيرة، كيف يمكن صرف اموال كثيرة على مشاريع فترتها قصيرة مدتها 20 سنة فقط؟ ولماذا لا يتم تجديد مثل هذه العقود لفترة اخرى مماثلة، حتى وإن زادت اسعار الايجارات الى الضعف، وليس الى مليون في المئة؟ اما سحب المشروع وتسليمه الى موظفين لديها ليس لديهم الخبرة لادارة مثل تلك المشاريع. ما اريد قوله هو ان خطة التنمية لن تمشي إذا لم تتغير العقلية الحكومية وفق ما هي عليها الان، وإذا لم يوجد اشخاص قادرون على ادارة البلد، وعلى الحكومة ايضا ان تمنع كبار الموظفين من تنفيع اقاربهم وابناء دائرتهم على حساب مصلحة البلد، وإذا قارنا دولة الكويت مع دول الخليج الاخرى فستجد ان الكويت في اخر القائمة، يجب ان تكون مهمة الدولة هي الامور السيادية، وترك القطاع الخاص يبني ويطور، وهو فعل ذلك في اقاصي الارض لماذا لاتتاح له الفرصة ليعمل ويطور في بلده.
• كأنك تشير الى انه لن يكون للقطاع الخاص اي دور في خطة التنمية؟
- لن يكون للقطاع الخاص دور فعال في تلك الخطة بوجود العقلية الحالية لدى الحكومة، معظم الموظفين يضعون العصي في دواليب التنمية، وهناك من يؤخر تنفيذ المشاريع عمدا حتى يضطر المستثمر ان يدفع لهم.
الفكر الموجود حاليا لدى الحكومة يشكل استنزافا للقطاع الخاص، وهناك هدر في المناقصات التي تطرحها الحكومة، من خلال التنفيع واستنزاف الموارد.
• ما المشاريع التي نفذتها شركتكم خارج الكويت؟
- لدينا مشاريع عدة خارج الكويت ابرزها مشروع المنطقة الحرة في ولاية المزيونة وهي احدى الولايات في سلطنة عمان الواقعة على الحدود مع اليمن، حيث حصلنا على ارض مساحتها 3 ملايين متر مربع قابلة للزيادة ولمدة 45 عاما قابلة للتجديد لفترة مماثلة، وستقوم الشركة بتطوير هذه الارض، ويتكون المشروع من قطاعات مختلفة ابرزها الصناعة والخدمات والتجارة.
وتم تأسيس فرع لشركة هلا الذهبية التابعة لشركة جوهرة الفنار العقارية ومقرها الكويت في سلطنة عمان برأسمال مبدئي يبلغ مليون ريال عماني قابل للزيادة. وتقوم شركة هلا الذهبية بعمل البنية التحتية للمرحلة الاولى للمشروع من اصل ثلاث مراحل ويتوقع ان تنتهي هذه المرحلة في شهر نوفمبر المقبل، علما بأنه مخطط لهذه المرحلة ان تنتهي في شهر ديسمبر 2013، وهذه دلالة على جدية الشركة في تنفيذ المشروع.
• ما نوع النشاطات داخل المشروع؟
- في مخططنا ان ندخل اغلب الانشطة مثل التخزين والخدمات اللوجستية والبنوك والتأمين ومحلات خاصة بتجارة السيارات المستعملة حيث يلقى هذا النوع من النشاط رواجا كبيرا في اليمن، ومباني سكنية وثروة حيوانية، وفندق ومركز رجال اعمال، وخدمات متنوعة، بالاضافة الى وجود صناعات داخل المشروع، خصوصا وان المنطقة التي ينفذ فيها المشروع غنية بالمواد الاولية اللازمة لمثل تلك الخدمات والانشطة وقريبة جدا من الحدود اليمنية، هذا الى جانب فتح المعارض داخل المشروع لتنمية التجارة والاستيراد والتصدير بين اليمن ودول الخليج العربي.
ولا بد من الاشارة هنا الى ان الحكومة العمانية قدمت لنا حوافز وامتيازات عديدة، ابرزها الاعفاء من ضريبة الدخل على الارباح لمدة 30 سنة وتوفير وتداول وتحويل العملات الاجنبية ودخول رؤوس الاموال بسهولة، والاعفاء من قانون الوكالات التجارية، ومن الرسوم الجمركية.
• ما حجم الاموال المرصودة لهذا المشروع؟
- حجم الاستثمارات الاجمالية لهذا المشروع تبلغ نحو 25 مليون ريال عماني كبنية تحتية لكامل المشروع، اما التكلفة الاجمالية لانجاز المشروع بالكامل فتبلغ نحو 1.3 مليار دولار.
رأى رئيس مجلس الادارة في شركة جوهرة الفنار العقارية الدكتور صلاح الجري ان الكويت افضل دولة واصعب دولة للاستثمار، مشيرا الى ان موظفين كبارا مستفيدون من مواقعهم ويعرقلون الاستثمار، واشتكى من البيروقراطية، وانعدام الفرص الاستثمارية، الامر الذي قال انه دفع كثيرا من المستثمرين الكويتيين الى البحث عن فرص استثمارية في الخارج مستفيدين من الحوافز التي توفرها الدول لجذب المستثمرين.
وقال الجري في لقاء خاص مع «الراي» ان «جوهرة الفنار» نفذت مشاريع نموذجية وغير مسبوقة في الكويت والمنطقة، لكنها اضطرت الى البحث عن فرص خارجية، وهو ما تحقق لها في سلطنة عمان حيث تنفذ الان مشروعا تنمويا نموذجيا في منطقة المزيونة على الحدود بين عمان واليمن، والذي يتكون من خدمات تشمل اغلب القطاعات الاقتصادية التي من شأنها ان تزيد الحركة التجارية بين اليمن ودول الخليج.
وحددالجري نقاطا عدة قال انها ضرورية كبدائل للوضع الحالي ابرزها ان تضع الدولة هدفا بجعل المستثمر شريكا استراتيجيا لها، وسرعة اتخاذ القرار والبعد عن البيروقراطية والقضاء على الفساد، ولفت الى ان دور القطاع الخاص الكويتي تراجع في بلده بعد ان غيرت الحكومة من طريقة تعاملها معه، وقال «خرجت الدولة من الباب لتعود من النافذة»
وفي ما يلي نص الحوار:
• لديكم تجارب استثمارية نوعية في الكويت، كيف تقيم الواقع الاستثماري الحالي في البلد؟
- الكويت افضل دولة للاستثمار وفي ذات الوقت اصعب دولة في هذا المجال... افضل دولة لأن العائد على رأس المال جيد، لكنها اصعب دولة من حيث النظم والبيروقراطية والمماطلة وتعذيب المستثمر بكثرة المراجعات في الدوائر الحكومية، لذلك لا يوجد استثمار مشجع بهذه الطريقة إذا لم يكن هناك شباك واحد للمستثمر.
الان هناك الانترنت، في المجتمعات التي تحترم نفسها تكون المعاملات عن طريق الانترنت، اما في الكويت فهناك بيروقراطية، واوراق المعاملات فيها تواقيع اكثر مما فيها من البيانات، وهذا اكبر عائق امام المستثمر.
إذا كانت الحكومة جادة في جلب المستثمرين، عليها اولا وقبل كل شيء ان تقوم بتنظيم وتعديل قوانينها وان تعدل العقلية الحكومية وان تجعل المستثمر يأتي لافادة البلد وليس النظر اليه كسارق للبلد.
وارى ان الجهاز الحكومي يحاول تذليل كل الصعاب امام المستثمر حتى يقوم بدوره في التنمية ويكون العائد على الاقتصاد الوطني من خلال تشغيل العمالة الوطنية واستخدام المواد الاولية من داخل البلد، وبالتالي تشغيل القطاعات الاخرى. الا ان الوضع لا يشجع على الاستثمار مع الاسف، ولكن لا نريد ان نلقي باللائمة على اشخاص، ونرى ان سمو رئيس مجلس الوزراء ووزير التجارة والصناعة وهو رجل اقتصاد يحاولان عمل شئ لكن المنظومة الموجودة من كبار الموظفين المستفيدين من وظائفهم تعطل المستثمر «لغرض في نفس يعقوب» وهؤلاء هم العائق امام رئيس الوزراء ووزير التجارة، وإذا لم يتغير الفكر داخل الحكومة وينظر الى المستثمر على انه شريك استراتيجي للدولة للمساعدة في التنمية لن يكون هناك استثمار.
علينا ان نقيم اداء الموظف حتى يعلم المسؤولون ما هو الدور الذي قام به الموظف خلال فترة زمنية، سنجد ان قلة قليلة من الموظفين انجازاتهم جيدة والبقية انجازهم صفر.
• كيف ترى الحل في مثل هذه الاوضاع؟
- ارى الحل في جملة من الامور منها ضرورة تغيير عقلية موظفي الدولة، وان يكون الهدف من جذب مستثمرين هو افادة البلد والنظر اليهم على انهم شركاء استراتيجيون للدولة ما داموا يجلبون اموالهم ويستثمرونها في مشاريع داخل البلد، وبالتالي يجب دعمهم، وسرعة اتخاذ القرار، والبعد عن البيروقراطية، والقضاء على الفساد المستشري في البلد الذي اصبح ظاهرة كبيرة داخل البلد وفي معظم القطاعات، ومع ذلك لا ترى اي مسؤول يستمع الى اي شكوى، وكل واحد منهم يحاول ان يحمي قطاعه واظهار قطاعه على انه منزه.
• ماذا عن تجربتكم في الاستثمار كشركة جوهرة الفنار العقارية داخل الكويت؟
- نحن كمجموعة جوهرة الفنار وشركاتها التابعة نفذنا مشاريع استراتيجية داخل الكويت منها مشاريع سياحية كمنتزه خليفة وتطوير منطقة الشعيبة الغربية الصناعية والتي كانت «جوهرة الفنار» اول شركة في الكويت ودول الخليج العربي تطور منطقة صناعية نموذجية، ونجحت في ذلك وانجزت هذا المشروع قبل المدة المقررة له بسنتين تقريبا وهو امر غير مسبوق لا في الكويت ولا في اي دولة خليجية اخرى، حيث اننا انجزنا المشروع خلال ثمانية اشهر في حين كان مخططا له ان ينفذ خلال ثلاث سنوات، وقد تلقت الشركة كتاب شكر من مدير عام الهيئة العامة للصناعة على هذا الانجاز، تقديرا وتشجيعا لها لتنفيذ مشاريع اخرى، لكن بعد ذلك بدأت الامور تتراجع وبدأت العراقيل توضع، وخاضت الشركة تجربة مريرة بمشروع اخر لم ينفذ، ويتعلق بتنفيذ استراحات على الطرق السريعة كانت اعلنت عنها بلدية الكويت في العام 2002 ودخلت شركات مؤهلة عدة الى جانب شركة جوهرة الفنار العقارية للمنافسة الى هذا المشروع، وتمت ترسيته على شركتنا وثلاث شركات اخرى، بعدها دخلنا بنفق كتابنا وكتابكم والبيروقراطية التي تجعل اي مستثمر يتراجع عن تنفيذ اي مشروع، وفوجئنا بكتاب من بلدية الكويت يلغي الترسية ويعيد طرحها مرة اخرى للشركات المؤهلة، والطريف في هذا الامر انهم (البلدية) قالوا لنا انكم شركة مؤهلة وتقدموا للمشروع من جديد، ثم فوجئنا بكتاب اخر من البلدية يطلب الينا تجديد الكفالة البنكية التي كنا قدمناها لدى طرح المشروع ذاته للمرة الاولى في العام 2005 او سيتم سحب مشاركتنا في التقديم، لماذا هذا التناقض ؟ وكيف يمكن العمل مع مثل هذه المؤسسات الحكومية التي تتعامل معنا بازدواجية.
اضف الى ذلك انه لا توجد امامنا بدائل حيث لا تتوافر فرص استثمارية في البلد، والاراضي تقع تحت املاك الدولة، ولا توجد في الكويت قطاعات للاستثمار سوى ثلاثة قطاعات هي العقار والاسهم والخدمات، علما بان هذه القطاعات تضررت لعدم وجود مشاريع ضخمة يساهم فيها القطاع الخاص المحلي.
• هل تقصد ان دور القطاع الخاص تراجع في ضوء هذا الوضع؟
- الشركات المستثمرة التي لها وجود في البلد تراجع دورها، خصوصا المستثمرة في مشاريع ال بي او تي حيث بدأت الدولة ترفع ايجارات تلك المشاريع على المستثمرين الذين انتهت عقودهم بقيمة مبالغ فيها وتعجيزية، او تسحب الاستثمار منهم وتسلمه الى شركات تابعة للدولة التي لا تستطيع ادارة ما لديها من مشاريع، واكبر دليل على ذلك مجمع المثنى الذي تعتزم الحكومة سحبه من بيت التمويل الكويتي، وكذلك الامر بالنسبة الى مجمع الوطية الذي كانت تديره الشركة الوطنية العقارية، ما يعني ان الدولة خرجت كمستثمر من الباب لتعود من النافذة، ورجع التأميم ورجعنا الى النظام الاشتراكي مرة اخرى.
يجب على الدولة ان تتفرغ الى الامن والدفاع وتنظيم البلد وترك القطاع الخاص والمؤسسات المدنية لتطوير نفسها وتطوير المجتمع على ان تكون داعمة له وليست معطلة او منافسة له.
هذا لا يعني انه لا يوجد مسؤولون يدعمون القطاع الخاص ويرغبون بأن يحقق قفزات لكن المعوقات عديدة امامهم لا يستطيعون تجاوزها، واكبر دليل على ذلك اغلاق بعض المصانع رغم انها مرخصة وتطبق متطلبات البيئة، كما كانت هناك حركة منظمة لضرب قطاعات معينة مثل المنطقة الحرة وتأميم الاراضي التي كانت مؤجرة لبعض الشركات مثل «اجيليتي»، وهذه كلها قطاعات مهمة في البلد ولا نعرف الدور الاحق على من؟
ما البدائل امام المستثمرين برأيكم؟
- من الطبيعي ان يبحث المستثمر عن بدائل من الاستثمار في بلده، وفي عصر العولمة جميع الدول تشجع المستثمرين الاجانب وتضع حوافز لهم للاستثمار فيها، وترى ان المستثمر الكويتي هو اول من يستغل مثل تلك الحوافز ويخرج من بلده للاستثمار في تلك الدول لعدم وجود فرص في بلده.
ونحن كمجموعة جوهرة الفنار كنا من ضمن المجموعات التي تولدت لديها افكار لمشاريع استراتيجية تعود بالنفع عليها وعلى المجتمعات التي تتواجد فيها تلك المشاريع.
• - ما رأيكم بقانون تعزيز الاستقرار المالي؟
- اعتقد ان هذا القانون كان عبئا اضافيا على الاقتصاد المحلي.
• - طرحت الدولة خطة طموحة للتنمية وحددت مبالغ طائلة للانفاق عليها خلال اربع سنوات، كيف ترى دور القطاع الخاص في تلك الخطة؟
- فعلاّ الحكومة طرحت خطة تنموية لكن المشاريع الموجودة فيها ضخمة تخدم الشركات العالمية والشركات المحلية لن تستفيد إلا بكونها وكيلة لتلك الشركات العالمية، ما يعني ان اموال الخطة وفوائدها ستذهب الى الشركات العالمية ولا اعتقد انه ستكون هناك فائدة مباشرة للشركات المحلية، باستثناء شركات على عدد اصابع اليد الواحدة.
ارى انه بدلا من انفاق الاموال بهذه الطريقة ان تعمل الحكومة على خلق شراكات بين القطاع الخاص الكويتي والشركات العالمية من خلال انشاء شركات مشتركة لتطوير وادارة الموانئ والمطار الدولي والمستشفيات وتأخذ هي نصيبها. القطاع الخاص الكويتي يصرف امواله في الخارج، لماذا لا تفتح الدولة له المجال ليصرف امواله في بلده؟ بدلا من تخوينه بمشاريع ال بي او تي التي فاز بها وانفق عليها امواله، واستثمرها لفترة قصيرة، كيف يمكن صرف اموال كثيرة على مشاريع فترتها قصيرة مدتها 20 سنة فقط؟ ولماذا لا يتم تجديد مثل هذه العقود لفترة اخرى مماثلة، حتى وإن زادت اسعار الايجارات الى الضعف، وليس الى مليون في المئة؟ اما سحب المشروع وتسليمه الى موظفين لديها ليس لديهم الخبرة لادارة مثل تلك المشاريع. ما اريد قوله هو ان خطة التنمية لن تمشي إذا لم تتغير العقلية الحكومية وفق ما هي عليها الان، وإذا لم يوجد اشخاص قادرون على ادارة البلد، وعلى الحكومة ايضا ان تمنع كبار الموظفين من تنفيع اقاربهم وابناء دائرتهم على حساب مصلحة البلد، وإذا قارنا دولة الكويت مع دول الخليج الاخرى فستجد ان الكويت في اخر القائمة، يجب ان تكون مهمة الدولة هي الامور السيادية، وترك القطاع الخاص يبني ويطور، وهو فعل ذلك في اقاصي الارض لماذا لاتتاح له الفرصة ليعمل ويطور في بلده.
• كأنك تشير الى انه لن يكون للقطاع الخاص اي دور في خطة التنمية؟
- لن يكون للقطاع الخاص دور فعال في تلك الخطة بوجود العقلية الحالية لدى الحكومة، معظم الموظفين يضعون العصي في دواليب التنمية، وهناك من يؤخر تنفيذ المشاريع عمدا حتى يضطر المستثمر ان يدفع لهم.
الفكر الموجود حاليا لدى الحكومة يشكل استنزافا للقطاع الخاص، وهناك هدر في المناقصات التي تطرحها الحكومة، من خلال التنفيع واستنزاف الموارد.
• ما المشاريع التي نفذتها شركتكم خارج الكويت؟
- لدينا مشاريع عدة خارج الكويت ابرزها مشروع المنطقة الحرة في ولاية المزيونة وهي احدى الولايات في سلطنة عمان الواقعة على الحدود مع اليمن، حيث حصلنا على ارض مساحتها 3 ملايين متر مربع قابلة للزيادة ولمدة 45 عاما قابلة للتجديد لفترة مماثلة، وستقوم الشركة بتطوير هذه الارض، ويتكون المشروع من قطاعات مختلفة ابرزها الصناعة والخدمات والتجارة.
وتم تأسيس فرع لشركة هلا الذهبية التابعة لشركة جوهرة الفنار العقارية ومقرها الكويت في سلطنة عمان برأسمال مبدئي يبلغ مليون ريال عماني قابل للزيادة. وتقوم شركة هلا الذهبية بعمل البنية التحتية للمرحلة الاولى للمشروع من اصل ثلاث مراحل ويتوقع ان تنتهي هذه المرحلة في شهر نوفمبر المقبل، علما بأنه مخطط لهذه المرحلة ان تنتهي في شهر ديسمبر 2013، وهذه دلالة على جدية الشركة في تنفيذ المشروع.
• ما نوع النشاطات داخل المشروع؟
- في مخططنا ان ندخل اغلب الانشطة مثل التخزين والخدمات اللوجستية والبنوك والتأمين ومحلات خاصة بتجارة السيارات المستعملة حيث يلقى هذا النوع من النشاط رواجا كبيرا في اليمن، ومباني سكنية وثروة حيوانية، وفندق ومركز رجال اعمال، وخدمات متنوعة، بالاضافة الى وجود صناعات داخل المشروع، خصوصا وان المنطقة التي ينفذ فيها المشروع غنية بالمواد الاولية اللازمة لمثل تلك الخدمات والانشطة وقريبة جدا من الحدود اليمنية، هذا الى جانب فتح المعارض داخل المشروع لتنمية التجارة والاستيراد والتصدير بين اليمن ودول الخليج العربي.
ولا بد من الاشارة هنا الى ان الحكومة العمانية قدمت لنا حوافز وامتيازات عديدة، ابرزها الاعفاء من ضريبة الدخل على الارباح لمدة 30 سنة وتوفير وتداول وتحويل العملات الاجنبية ودخول رؤوس الاموال بسهولة، والاعفاء من قانون الوكالات التجارية، ومن الرسوم الجمركية.
• ما حجم الاموال المرصودة لهذا المشروع؟
- حجم الاستثمارات الاجمالية لهذا المشروع تبلغ نحو 25 مليون ريال عماني كبنية تحتية لكامل المشروع، اما التكلفة الاجمالية لانجاز المشروع بالكامل فتبلغ نحو 1.3 مليار دولار.