د. وائل الحساوي / نسمات / لا شيء غير كرة القدم يوحدنا

تصغير
تكبير
جلست اتفكر في سر اتحاد العالم كله على لعبة كرة القدم والاهتمام المنقطع النظير الذي خطف ابصار الصغار والكبار لمتابعة ذلك الحدث الذي يعتبره البعض الاعظم في تاريخ البشرية من ناحية حجم الاستعدادات له وكثرة المتابعين والتفاعل الغريب واللاشعوري معه، والحماس حتى من الشعوب والدول التي ليس لها لاعبون، فوجدت بأن السبب الرئيسي لذلك هو ان لعبة كرة القدم تخضع لقانون واحد يحكم كل من يشارك فيها ولا يختلف عليه احد، فلا يحق لدولة مهما كبر حجم سكانها ان تشارك بعشرين لاعبا - على سبيل المثال - او ان تجعل ملعبها اكبر او الكرة التي تلعب بها اصغر او ان يكون لها قوانينها الخاصة التي تتميز بها عن غيرها، كما ان المجال مفتوح لجميع الدول مهما صغرت للمشاركة والفوز. تعالوا بنا لننظر الى كل شيء آخر في العالم، سنجد أن المقاييس الموحدة منعدمة فيه، وقوانين اللعب مختلفة، فأعظم نظام دولي شهدته البشرية وهو هيئة الامم المتحدة تعطي الهيمنة لخمس دول كبرى للتحكم في مصير عشرات الدول الاخرى وتفرض عليها قوانين قد تكون ظالمة تحت مسمى الحفاظ على الامن العالمي، اما الاتحادات الاقتصادية العالمية فهي تفرض شروطها على الصغار وتضطهدهم وتشرع الهيمنة على اقتصاداتهم تحت مسمى حرية التجارة والنقل، وتدوس الفقراء تحت اقدامها وتمتص خيرات بلادهم.

اما الاحلاف العسكرية الكبرى التي يتحكم بها دول بعدد اصابع اليد فتعطي نفسها حق التدخل في شؤون الدول الصغرى واحتلالها عسكريا او اقتصاديا او فكريا بحجة ان تلك الدول الصغرى عاجزة عن تدبير امرها.

حتى في مجال التبادل الثقافي والتلاقح الحضاري نجد بأن اصحاب الهيمنة العسكرية والاقتصادية قد استحوذوا على ذلك المجال ليس بسبب تفوقهم فيه ولا سبقهم للعالم ولكن من باب فرض الامر الواقع، فتجد أن حضارات لا تملك إلا تشييد الحجارة وعبادة التماثيل وتقديس الحيوانات والطقوس الشاذة التي لا تمت للانسانية بصلة تجدها تهيمن بكتبها ومؤلفاتها وتسطير تاريخها الزائف على حضارات انسانية عظيمة مثل الحضارة الاسلامية بل ويتم وصم الحضارة الاسلامية الرائدة بالتطرف والتخلف والدموية والارهاب، ويتم تشويه التاريخ والجغرافيا لإعطاء كيانات هزيلة مجدا تليدا وحضارة عريقة!

فهل تلومون الشعوب على اقبالها على كرة القدم ورفضها للبهارج الكثيرة التي تفتقد ادنى مقومات الانسانية والوحدة بين الشعوب؟!

لعبة الكنز

تبين لي بأن كرة القدم لا تغري الناس فقط بسبب كونها لعبة شعبية محببة للنفوس، ولكن يختبئ وراءها كنوز من الذهب تستفيد منها الدول المضيفة للاولمبياد من استقطاب ملايين المتفرجين ومن المبالغ التي تدفعها وسائل الاعلام لتغطيتها ومن السمعة العالمية التي تكتسبها، كذلك فإن اللاعبين الذين يبرزون انفسهم من خلال اللعب يعرضون انفسهم لمزاد عالمي يصل الى عشرات الملايين من الدولارات وكذلك المدربين، ويكفي جائزة المونديال للفريق الفائز 30 مليون دولار وللثاني 28 مليون دولار وهكذا.

إذا فهذه اللعبة قد اصبحت لعبة الكنز والشهرة.

التحدي الأكبر للاخطبوط

للأسف ان ينحط العالم الذي نظم تلك المباريات بأبدع صورة الى ابشع انواع الخرافة عندما يجعل الاخطبوط «بول» يرسم له مستقبل المباريات ثم يعتقد الناس به اعتقادا يقينيا، واتحدى «بول» ان كان يعلم الغيب ان يخبرنا بمن سيفوز في رئاسة العراق: علاوي أم المالكي، واعتقد بأن الاخطبوط - لو عرض عليه ذلك - سيهرب من حديقة الحيوان الى مكان لا يراه فيه احد او سيقدم على الانتحار!





د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي