تركي العازمي / المناصب القيادية... ومعايير الاختيار!

تصغير
تكبير
كيف تصل إلى منصب قيادي؟ واقع الحال يشير إلى وجود منظورين للإجابة عن هذا السؤال، المنظور الأول نابع من عقلية الموظف المجد في عمله، الجيد في طريقة اتصاله، المؤمن بتحقيق النتائج حسب الأهداف المرسومة له كقياس لفاعليته، وبالتالي يترك التقدير لمسؤوليه، أما المنظور الثاني فهو معني بذلك الموظف الذي يعرف من أين تؤكل الكتف، راغباً أن يصل من خلال إظهار نفسه بمناسبة وغير مناسبة مطبقاً معايير «الكلك الاجتماعي»، أو النفاق، أو الديبلوماسية العرجاء، أو أي معيار آخر يستطيع من خلاله كسب اهتمام المسؤول صاحب القرار، ومع شوية «واسطة» من هنا وهناك للوصول إلى المنصب القيادي!

في الكويت ذكر معظم القياديين، وبشفافية مطلقة، أن الوصول إلى منصب قيادي الأساس فيه القبول بشخصية المرشح، أما لنفوذه، ثقله الاجتماعي/العائلي، أو لتأثيره السياسي، وبالتالي ينحاز صاحب القرار له، وفي القطاع الخاص يجب أن يوافق عليه الملاك من خلال مجلس الإدارة على ضوء ترشيح الرجل التنفيذي، الذي يهمه في المقام الأول إرضاء الملاك، وترشيح من يبدو له الولاء!

ولأن أي أمر بما فيه ترشيح الموظفين إلى مناصب قيادية إذا نسب القياس والتقدير في طريقة الاختيار، بعيداً عن الكفاءة الفردية، والقدرات التي يمتلكها المرشح، فإن الاختيارات ستكون في غير محلها و«يا كثرها عندنا»!

ورغم من أن المعرفة بأصول وقواعد العمل ومهام الوظيفة القيادية تعتمد بشكل رئيسي على مدى نجاح القيادي وتأثيره، نجد أن قاعدة المعرفة شبه منسية إلى حد كبير، ويمكن التحقق من هذا الأمر من خلال مراجعة السيرة الذاتية لكل قيادي، والخلفية التي جاء منها بخبراته وانجازاته، ونقصد هنا انجازات فعلية، لا انجازات تكتب على الورق!

هذه المقدمة تذكرها بعد قراءة خبر حول وجود توجه لتحفيز القياديين مالياً للتقاعد كي يتم تجديد الدماء في المناصب القيادية التي كان لبلوغها مرحلة التشبع والركود الأثر الكبير في تدني مستوى الخدمات لدينا، وتدني مستوى الإنتاجية والربحية لدى بعض الشركات في القطاع الخاص من الجهة الأخرى.

ومسؤوليتنا الاجتماعية ليست بالبسيطة، والقبول بالوضع الراهن دون توضيح وشرح علمي لكيفية اختيار القياديين يجعلنا مساهمين في استمرار العمل بطريقة اختيار القياديين الخاطئة.

إننا أمام خيارين فإما أن نقول لمن وصل إلى حالة التشبع والركود في أدائه «شكراً... وكفى إلى هنا» ولا نجدد له، ونسمح للمجد في الدخول إلى غرفة صياغة القرار، ويبسط رؤيته وتطلعاته التصحيحية للأوضاع لمصلحة المنشأة، أو نجدد له البيعة تحت ضغط العوامل التي سقناها في بداية المقال ليستمر الحال على ما هو عليه.

مما تقدم، نترك الخيار لصاحب القرار، فالكويت في المرحلة الحالية تتطلب عقولا قيادية نيرة، نزيهة، تؤمن بالتقدير على ضوء الإنتاجية والأهداف المحققة، وفق أطر قيادية إدارية تحترم القانون وتحارب الواسطة، وتتميز بأخلاقيات مهنية عالية... وان لم يتحقق هذا فستبقى الأحلام حبيسة العقول المركونة بين أروقة المنشأة، ولن يتسنى لنا تحويل الكويت إلى مركز تجاري واقتصادي. والله المستعان!





تركي العازمي

كاتب ومهندس كويتي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي