عيسى الغزالي: منح بدل البطالة ساهم في زيادة أعداد المواطنين العاطلين عن العمل

u062cu0627u0646u0628 u0645u0646 u0627u0644u0646u062fu0648u0629 (u062au0635u0648u064au0631 u0632u0643u0631u064au0627 u0639u0637u064au0629)
جانب من الندوة (تصوير زكريا عطية)
تصغير
تكبير
| كتبت هبة الحنفي |

أعلن المدير العام الدكتور عيسى الغزالي أن الوثائق الرسمية الصادرة عن وزارة التخطيط ، قُبيل إعادة هيكلتها، أشارت إلى خاصية «نزوع معدّل البطالة» نحو الارتفاع في أوساط العمالة الكويتية نتيجة لاستحداث منح بدل البطالة للكويتيين الباحثين عن عمل ، خصوصاً فيما يتعلق بإقبال النساء على التسجيل كباحثات عن عمل منذ صدور القانون.، مشيرا الى أن البطالة تشكل أحد القضايا التنموية المستجدة التي جذبت انتباه صناع القرار؛ وذلك باعتبار أن الكويت كانت تتميز بمعدّلات متدنية للبطالة في أوساط مواطنيها .

وجاء حديث مدير عام المعهد العربي للتخطيط الدكتور عيسى الغزالي خلال الحلقة النقاشية التي عقدها المعهد صباح أمس تحت عنوان « البطالة ومستقبل سوق العمل في الكويت » ، والتي حاضر بها عضو الهيئة العليا في المعهد الدكتور بلقاسم العباس ، حيث سلط الضوء على حيثيات ووقائع مشكلة البطالة بين المواطنين في الكويت ، واستشراف مستقبل سوق العمل الكويتي على المدى الزمني الطويل من وجهة نظر خاصية تدني معدلات البطالة .



وقال مدير عام المعهد العربي للتخطيط الدكتور عيسى الغزالي «هناك اتفاق دولي على إمكانية قياس الانجازات التنموية لمختلف الدول من خلال مؤشر التنمية البشرية الذي طوّره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وعلى أساس قيمة هذا المؤشر تـُصنف الدول في ثلاث مراتب هي التنمية البشرية المرتفعة، المتوسطة ، المنخفضة»،  مشيرا الى «وفي إطار هذا التصنيف الدولي نلاحظ  أن الكويت سجلت أداء تنموياً متميزاً في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية ، وانعكس هذا الأداء التنموي المتميز في احتلال الكويت للمرتبة الأولى، بين الدول العربية ذات التنمية البشرية المرتفعة، وذلك وفقاً لمؤشر التنمية البشرية لعام 2005».

ونوه إلى « أنه على الرغم من هذه الإنجازات التنموية المتميزة لا يزال هنالك جدل واسع حول عدد من القضايا التنموية، وتمحور هذا الجدل حول إمكانية زيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد الكويتي، وكيفية تصحيح اختلالات سوق العمل».

وأوضح «أنه يمكن تلخيص أهم خصائص سوق العمل الكويتي الى سوق للقطاع العام يشغل المواطنين، وسوق للقطاع الخاص يشغل العمالة الوافدة ، وثانياً التفاوت في الأجور والمزايا، بحيث تتفوق حزمة الأجور والمزايا للعمالة الكويتية في القطاع العام عن نظيرتها في القطاع الخاص ، ثالثاً، تدني معدلات البطالة على مستوى الاقتصاد ككل وفي أوساط العمالة الكويتية، رابعاً نزوع معدل البطالة في أوساط العمالة الكويتية نحو الارتفاع منذ عام 2000».

وأفاد « في إطار الهدف الاستراتيجي الرامي إلى زيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد قامت الدولة بتشريع قانون العمالة الوطنية في الجهات غير الحكومية في عام 2000، و تضمن هذا القانون عدداً من الإجراءات التي حاولت معالجة بعض الاختلالات في سوق العمل، من أهمها منح بدل بطالة للباحثين عن العمل ، توسيع شبكات الضمان الاجتماعي، التي تشمل التقاعد والعلاوات الاجتماعية، لتغطي العاملين في القطاع الخاص، تحديد نسب لتوظيف المواطنين بالقطاعات الفرعية للقطاع الخاص، زيادة تكاليف توظيف الوافدين خاصة في حالة عدم الالتزام بالنسب المفروضة ،حرمان الشركات التي لا تلتزم بالنسب المقررة من الدخول في المناقصات الحكومية».

ومن جهته أشارعضو الهيئة العلمية في المعهد العربي للتخطيط الدكتور بلقاسم العباس الى « أن دخل الفرد في الكويت تضاعف أكثر من ست مرات مع حلول عام 2005 ، حيث ارتفع دخل الفرد من 3670 دولار أميركي سنة 1963 إلى أكثر من 30 ألف دولار سنة 2005 ، كما أن الكويت تصنف ضمن الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة حيث ارتفع مؤشر التنمية البشرية من 0.76 سنة 1975 إلى 0.89 سنة 2005 وهو أداء يعتبر الأعلى عربياً»، لافتا الى «أن اعتماد الكويت على تصدير النفط الخام وضعها في موقع تواجه فيه تحديات اقتصادية كبيرة ناجمة عن التبعية الاقتصادية على الموارد الطبيعية».

وحول التحديات التي يواجهها سوق العمل الكويتي ، قال «توظيف أغلب المواطنين في القطاع العام بشروط مغرية، عُزوف المواطنين عن العمل في القطاع الخاص ، ارتفاع معدلات نمو القوة العاملة وارتفاع معدلات الالتحاق بسوق العمل خاصة لفئات الشباب والإناث ،وصول نمو القطاع العام إلى حدود التوسع ، ضغوطات قوية على سوق العمل قد تتحول إلى بطالة سافرة إن لم يتم تدارك الوضع من قبل صناع القرار»، موضحا «أن مواجهة الإشكالية تتطلب معالجة أسباب الخلل من خلال تنويع الاقتصاد وتوسيع قاعدته الإنتاجية بما يعزز نمو الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل الحكومي ، تسريع معدلات النمو الاقتصادي عبر الاستثمار في القطاع الإنتاجي والخدمي غير الحكومي ، وتوجيه العمالة الوطنية إلى التوطين في القطاع الخاص مع مراعاة شروط الكفاءة والإنتاجية».

وفي مايتعلق بمستويات البطالة ، أكد « أنه على الرغم من معدلات النمو القوية للقوة العاملة بقيت مستويات البطالة منخفضة ، بحيث ارتفعت أعداد الكويتيين العاطلين عن العمل من 2136 فرداً سنة 1980 إلى 12484 سنة 2006 أي بمعدل ارتفاع سنوي قدره 7.3 في المئة  ، وثمة اعتقاد سائد بوجود بطالة مقنعة كبيرة في القطاع الحكومي».

وبين « أن بطالة الوافدين احتكاكية وناجمة عن البحث عن العمل حيث ارتفعت من 5329 سنة 1980 إلى 12139 سنة  2006أي بمعدل ارتفاع سنوي قدره 3.3 في المئة ، كما ثمة ارتفاع في حصة الإناث العاطلات عن العمل من 12 في المئة  سنة 1980 إلى 54 في المئة  سنة 2006».

وتطرق في حديثه الى خصائص البطالة ، مبينا « أن أكثر من63 في المئة  تفوق مدة بطالتهم السنة، بطالة الشباب (29-20 سنة) مرتفعة حيث تشكل 60 في المئة من أعداد العاطلين الذكور و50 في المئة  بالنسبة للإناث، أكثر العاطلين عن العمل من ذوي المستوى الابتدائي والمتوسط حيث يشكلون 77 في المئة  من أعداد الذكور العاطلين عن العمل و61 في المئة  من أعداد الإناث ، نسبة الجامعيين لا يشكلون أكثر من 2.4 في المئة  من إجمالي العاطلين» ، متابعا « بالإضافة الى التركيبة التعليمية والعمرية للعاطلين عن العمل للشباب ذوي المؤهلات المتوسطة والمتدنية، تطرح إشكالية كبيرة لتوظيفهم في القطاع الخاص في إطار برنامج دعم العمالة الوطنية ، إقرار بدل البطالة يؤجل موقتاً توظيفهم في القطاع العام ، إدماجهم في القطاع الخاص سيكون مربوطاً أولاً بتدريبهم وإعادة تأهيلهم وفق مُتطلبات القطاع الخاص بالإضافة إلى دعم القطاع الخاص وتنميته لكي يتسنى له استيعاب الأعداد الكبيرة التي ستتدفق إلى سوق العمل مستقبلاً».

وقال «اتسمت سياسات سوق العمل في  الكويت في مراحلها الأولى بالتركيز على توظيف المواطنين في القطاع الحكومي والعام، وسهل هذه العملية توسع الاقتصاد الكويتي عبر استثمار العوائد النفطية الناجمة عن ارتفاع سعر النفط في بداية السبعينات ، أدى هذا الوضع إلى توجه غالبية المواطنين للعمل في القطاع الحكومي ،ورسخ هذا التوجه لدى المواطنين ارتفاع أجور القطاع العام والمنافع المرتبطة بالعلاوات وظروف وشروط عمل مُيسرة ،التقاعد والترقية والعمل بدوام واحد ، العوامل النفسية والاجتماعية التي تزيد من التحيز للعمل الحكومي الذي يقل فيه مبدأ العمل بالمحاسبة واعتماد الإنتاجية شرط المكافئة»، «مشيرا الى « ان القطاع الخاص اعتمد على جلب الوافدين للعمل والذي استفاد من حالة العرض تامة المرونة والتي تجعل الأجور في أدنى مستوياتها وبأقل القيود والشروط الممكنة،وساهم في هذا التدفق غياب سياسة تنظيمية لهذه التدفقات، بل ترك الأمر للقطاع الخاص وللأفراد عبر نظام الكفيل واكتفت الحكومة بإدارة تدفقات الهجرة المترتبة عن تدفقات العمالة».

وتحدث عن المرحلة الثانية ألا وهي سياسة الإحلال في سوق العمل الكويتي والتي عرفها بأنها تحويل ما يمكن من وظائف الوافدين في القطاع الحكومي إلى المواطنين ، لافتا الى « أن عمالة المواطنين في القطاع الحكومي ارتفعت تدريجياً من 63  في المئة سنة 1993 إلى 76 في المئة  سنة 2004 ،هذه العملية ليست وحدها التي تحدد حركية العمالة في القطاع العام وكيف تتوزع ما بين الوافدين والمواطنين ، حيث انه خلال الفترة ارتفعت عمالة الوافدين في القطاع الحكومي بـ 1 في المئة  سنوياً ما بين 1993 - 2006».

وأردف قائلا « بالإضافة الى ارتفاع تشغيل المواطنين في القطاع الحكومي والذي تضاعف ما بين 1993 و2003 كان في الغالب ناجماً عن توسع عمالة القطاع الحكومي حيث ساهم هذا التوسع بثلثي الزيادة وأما الإحلال فقد ساهم بثلث زيادة التشغيل ، أغلب الجهات حققت معدلات توظيف المواطنين بنسب تفوق الـ 80 في المئة  ويستثني قطاع الصحة والذي يوظف فقط 47 في المئة مواطناً من إجمالي موظفيه».

وعن النتائج التي حصدت لارتفاع نسبة التوطين في القطاع العام ، شدد على « أنها أدت الى تضخم الجهاز الإداري وارتفاع تكلفته ، كما أدى الى ارتفاع الكتلة الأجرية في نفقات الموازنة وعدم إمكانية إجراء عمليات إحلال إضافية وذلك لبلوغ عملية الإحلال حدودها، وتوظيف سياسة تشغيل مرتكزة على توظيف المواطنين في القطاع غير الحكومي وكذلك محاولة التقليل من اللجوء إلى العمالة الوافدة من قبل القطاع الخاص، تستند استراتيجية تشجيع توظيف المواطنين في القطاع الخاص إلى تعديل هيكل حوافز توظيف الوافدين عن طريق رفع التكاليف المرتبطة بهذه العملية».

وطالب بإزالة بعض القيود المرتبطة بتوظيف المواطنين كالتكفل بتغطية تكاليف العلاوة الاجتماعية و تعميم الضمان الاجتماعي و التكفل بتدريب وتأهيل العمالة حسب متطلبات القطاع الخاص، جعل توظيف المواطنين في القطاع الخاص إلزامياً حسب النسب القطاعية ،وفرض تكاليف إضافية على توظيف الوافدين عن ما يزيد من النسب المقررة وحرمان الشركات من العقود الحكومية في حالة عدم الالتزام بهذه القوانين المنظمة لتشجيع العمالة.

وبالنسبة لتقييمه لسياسات سوق العمل في مايتعلق بعملية التوطين في القطاع الخاص ، قال « ارتفع تشغيل المواطنين في القطاع الخاص بشكل محسوس من 9542 سنة 1993 إلى 36741 سنة 2006 أي تضاعف 3 مرات و بمعدل سنوي قدره 12.3 في المئة ، أما حصة المواطنين في القطاع الخاص بقيت مستقرة ما بين 2 و3 في المئة  وذلك نتيجة النمو القوى للعمالة الوافدة في القطاع الخاص،وساهم توسع العمالة في القطاع الخاص بمعدل 7.7 في المئة  سنوياً بينما ساهمت عملية الإحلال في حدود 4.6 في المئة  سنوياً، وهذه الديناميكية سيحكمها في المستقبل مدى تطور الاقتصاد والذي يحدد مستوى التشغيل وبالتالي تحديد توسع العمالة ومساهمتها في رفع أعداد المواطنين في القطاع الخاص ، كما ستتحدد هذه العمالة إلى حد كبير تفعيل قانون دعم العمالة خصوصاً تنفيذ نسب العمالة الوطنية الخاصة بكل قطاع ، وفي الأخير فإن ديناميكية الإحلال في القطاع الخاص قوية وهي تعادل أكثر من نصف الزيادة الحاصلة في تشغيل المواطنين في القطاع الخاص حيث ان هذه العمالة ارتفعت بـ 27199 ما بين 1999 و2006 بما يقارب 12930 كان ناجماً عن توسع العمالة في القطاع الخاص و14268 كان ناجماً عن ارتفاع حصة العمالة الوطنية في القطاع الخاص» .

وعلى ضوء الإحصائات والحيثيات السابقة المتعلقة بالبطالة وسوق العمل الكويتي ، قام عضو الهيئة العلمية في المعهد العربي للتخطيط الدكتور بلقاسم العباس بوضع رؤية استشرافية مستقبلية لسوق العمل الكويتي عبر بناء عدد من السيناريوهات المستقبلية ، حيث قام بترجمة البنية والخصائص والتدفقات الخاصة به إلى نموذج كمي يعكس التدخلات بين مكوناته مما يمكن استخدامه لتحديد المسار المستقبلي لسوق العمل .

وتوقع بناء على الفرضيات السابقة أن عدد السكان الكويتيين سيرتفع من مليون ساكن سنة 2006 إلى 1.96 سنة 2032 أي بمعدل نمو سنوي قدره 2.6 في المئة ، موضحا «أن قوة العمل الكويتية تم حسابها بناء على الإسقاطات الديموغرافية بافتراض أن معدلات المساهمة في النشاط الاقتصادي للذكور سترتفع من 68 في المئة سنة 2006 إلى 80 في المئة سنة 2032 ومعدلات الإناث سيرتفع من 46 في المئة إلى 60 في المئة  خلال نفس الفترة ، ومن المتوقع أن يرتفع أعداد القوة العاملة الكويتية من 335 ألفا سنة 2006 إلى 845 ألفا سنة 2032 أي بمعدل نمو سنوي متوسط قدره 3.6 في المئة».

وحول الإسقاطات الديموغرافية للسكان الوافدين ، أوضح « أن نموذج الاسقاطات الديموغرافية للسكان الوافدين لا يمكن أن يقدم اسقاطا دقيقا لحجم السكان في المستقبل وذلك أن حركية السكان الوافدين لا تخضع للقيود الديموغرافية وحدها، و تصاريح العمل تنظم حركية السكان الوافدين».

ونوه الى « أن الافتراضات حول قوة العمل الوافدة سينجم عنها تغير أعداد السكان الوافدين حسب الوضع الاقتصادي السائد خصوصاً فيما يتعلق بتطورات التشغيل في القطاع العام ومدى تفعيل سياسة الإحلال وكذلك تطورات التشغيل في القطاع الخاص ومدى تفعيل قانون دعم العمالة الوطنية ، متابعا «أن  إنتاج القطاع الخاص محدد بمستوى إنتاج القطاع النفطي وإنتاج القطاع العام غير النفطي، والقطاع النفطي الذي افترض أنه ينمو بمعدل ثابت تم حسابه من البيانات التاريخية ،وتقديرات الناتج المحلي الإجمالي المستقبلية و تعتمد أساساً على افتراضات وتطورات الإنتاج النفطي والسعر الحقيقي له» ، مبينا « أن هذه المعادلات والعلاقات ستسمح بحساب تدفقات سوق العمل الكويتي مستقبلاً حسب الفرضيات حول هيكل الاقتصاد وسوق العمل من جهة وكذلك حول احتمالات المستقبل خاصة تطورات النمو وسياسات سوق العمل والتي تم صياغتها في سيناريوهات بديلة».

وقال انه «في ظل سيناريو الوضع القائم فإن هذه النسب المتواضعة من دعم العمالة الوطنية في القطاع الخاص لن تمكن من السيطرة على بطالة المواطنين، حيث ان معدل البطالة سيبقى مرتفعاً جداً ».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي