التحذير الذي أطلقته مجلة «ميد» الاقتصادية المتخصصة من ان الكويت قد تعجز عن توفير المزايا الحالية للمواطنين بحلول عام 2020 هذا التحذير هو واحد من بين عشرات التحذيرات التي تكررت خلال السنوات الاخيرة بصيغ مختلفة من جهات عدة، وقد دللت المجلة على رأيها بالمقارنة ما بين ارتفاع تعداد السكان المضطرد وما بين الاستمرار في الاعتماد على بيع النفط دون ايجاد البدائل حيث يتطلب الحفاظ على المكتسبات الحالية ان يصل سعر برميل النفط من 150 - 200 دولار.
بالطبع فإن هذا التقرير يقيس العلاقة ما بين الزيادة الطبيعية للسكان وما بين ثبات او تذبذب اسعار النفط، وبحسبة بسيطة نستطيع ان نبصم بالعشرة على ذلك العجز المتوقع، فميزانية الباب الاول (الرواتب) التي وصلت الى سبعة مليارات دينار في ظل عمالة كويتية لا تزيد على 300 ألف ستتضاعف خلال 15 سنة عندما يخرج الـ 450 ألف طالب وطالبة كويتي الى سوق العمل، بينما دخل النفط لن يتخطى العشرين مليار دينار سنويا في ظل السعر الحالي.
لكن القضية الاهم التي لم يبينها التقرير والتي تقض مضجع كل صاحب فهم صحيح وحرص على مصلحة بلاده هي ان سوق المزايدات الذي انفتح على مصراعيه دون نية لدى الحكومة او مجلس الامة لإيقافه هو المصدر الحقيقي للخوف على مستقبل البلد، فمشاريع القوانين المالية في المجلس قد وصلت الى العشرات وكل مشروع منها يكلف الملايين الى المليارات من الدنانير وكلها قوانين استهلاكية لا يستفيد الاقتصاد منها شيئاً، بل انها قد اخذت تتلبس بزي انساني من اجل سهولة قبولها، فقانون اسقاط القروض يلبس زي انقاذ المعسرين الذين تضطهدهم البنوك وتطالبهم بتسديد الفوائد، وقانون البدون بصيغته التي اقرتها لجنة البدون سابقا يعطي تسعين ألفا نفس حقوق المواطنين، وقانون ذوي الاعاقات قد فتح الباب لدخول من ليس منهم للاستفادة من الميزات المالية الضخمة، حتى قانون المرأة اريد له ان يربط ما بين احترام المرأة وما بين تقاعدها المبكر، أما قانون الخصخصة فيغدق على العمالة الخاصة من جيب الحكومة من اجل ابقائهم في القطاع الخاص وهكذا أضف الى ذلك الكوادر الكثيرة التي يتم اقرارها يوميا دون حساب صحيح لمدى حاجتها وكأنها سياسة إرضاء لكل من يصرخ من وضعه فيقال له: «خذ واسكت» ومن الواضح الآن ان انتقال العمالة الكويتية من القطاع الخاص الى القطاع العام هو مسألة وقت حيث لا مقارنة بين المزايا في القطاعين العام والخاص وتفشي البطالة المقنعة، وكأنما يراد للناس ان تجلس في بيوتها ثم تتنعم من خيرات الحكومة.
د. وائل الحساوي
[email protected]