من القواعد الإعلامية المهمة: «اذا عض كلب إنسانا فذلك ليس بخبر ولكن اذا عض إنسان كلبا فذلك خبر إعلامي يستحق النشر»، ذلك ان الاعلام في منطقه العصري هو البحث عن الإثارة والتميز وغير المألوف.
كانت سياسة الاتحاد السوفياتي - السابق - الاعلامية هو نشر الاخبار الايجابية فقط وعدم التطرق للأمور السلبية، وهي سياسة اعلامية لها وجاهتها، اذ ان اصحابها يرون بأن من شأن ذلك هو اشاعة روح التفاؤل في المجتمع وتغذية الجوانب الايجابية ما يعزز من قتل روح اليأس والتمرد لدى الناس، ولكن بالطبع كان الهدف من ذلك هو اقناع الناس بتميز ذلك النظام القمعي وتفوقه على غيره، لكن ما ان تمكن الناس من الانقلاب عليه حتى تكشفت السلبيات الكثيرة التي كان يخفيها عن الناس ورأوا حقيقة الامور وكذب الاعلام عليهم.
في الكويت اتخذ الاعلام الرسمي اسلوبا مشابها لما كان عليه الاتحاد السوفياتي من حجب الاخبار المهمة التي يريد الشارع ان يطلع عليها وابراز ايجابيات الحكومة فقط، وكان الناس يحرصون على وسائل الاعلام الشعبية للحصول على المعلومات بل واذاعة لندن وغيرها، وعندما قامت الفضائيات الكويتية وشقت طريقها تخلى الناس بالكامل عن الاعلام الحكومي، واعتبروه مضيعة للوقت الا ما ندر من البرامج الحوارية التي استطاعت ان تشق طريقها بقوة، لكن يد العناية الحكومية قد بادرت الى اطفائها كذلك خوفا على عقول الشعب من التلوث.
المشكلة في الاعلام الشعبي هو ان نظرية الرجل الذي عض الكلب قد اصبحت هاجسا له يجعله يأتي بكل غريب ويتفنن في استقطاب القارئ او المشاهد دون ضوابط اخلاقية او مهنية، واضرب مثالا بنشر الجرائم التي تحدث في البلد او في الخارج والتي تتصدر الصفحات الاخيرة من كل جريدة يومية وتأتي بالغريب والشاذ من الحوادث، ومع اني قد وصلت من العمر ما يكفي لأن لا اتأثر كثيرا بما ينشر - وان كان ذلك يصيبني باليأس في كثير من الاحيان من إمكانية اصلاح الاحوال - لكنني اتفكر في الشباب اليافع الذي يقرأ تلك الاخبار تباعا وفي كل يوم، فما حجم التأثير عليه مما ينشر وكيف يتفاعل مع تلك السهام الموجهة عليه، وهل تمت دراسة نفسية او اجتماعية على تلك الشريحة؟!
اذكر بأني اناقش عددا من الشباب على فترات حول الاوضاع العامة في البلد فألاحظ من النقاش بأن كثيرا منهم لديهم القناعة بأن البلد خربان ومنته اخلاقيا ولا امل بإصلاحه ثم يستدلون بما يقرؤونه وما يسمعونه عبر وسائل الاعلام، اما مواقع المحادثة على الانترنت بين الشباب فهي ليست إلا تجميعا لتلك الافكار وترديدا لها ليخرج الشاب بنتيجة اكبر في استحالة اصلاح تلك الاوضاع، وللحديث بقية بإذن الله.
د. وائل الحساوي
[email protected]